أحمد مونة
حين ترحل الأقلام التي أضاءت دروب الأدب، وغاصت في أعماق النفس البشرية، نشعر كأن نجمًا من سماء الإبداع قد انطفأ. يغيب من كان يرى ما لا نرى، ويقول ما يعجز اللسان عن وصفه. كيف نرثي من كان يجعل للحرف روحًا، وللمعنى ضوءًا يكشف خفايا الجمال والحياة؟
رحل الأديب والفنان التشكيلي، الصديق العزيز أيمن ناصر، تاركًا وراءه إرثًا زاخرًا بالأعمال المبهرة، وقلوبًا امتلأت بحبه ودفء روحه المرحة.
برحيلك يا أبا أحمد، لم يخسر الأدب كاتبًا فحسب، بل خسرنا روحًا كانت تنثر النور في طريق كل من اقترب منها، ستظل كلماتك حاضرة في الذاكرة، تعيد تشكيل العالم كلما قرأناها، وستبقى بصمتك الإبداعية نابضة في كل حرف سطرته يداك.
كنت بوصلةً للفكر التائه، وملاذًا للقلوب المتعبة، لم تكن تكتب لتصف الواقع فقط، بل لتكشف جماله المستتر، ولتعلّمنا أن في التفاصيل الصغيرة حكمةً، وفي الألم ملامحَ جمال لا تراها إلا الأرواح العميقة.
كنت ترسم بالحروف كما يرسم الرسام بريشته، فتخلق لوحات تنبض خيالًا وسحرًا، تجمع بين الفن والأدب في نسيج فريد لا يُنسى.
إن الأدباء لا يرحلون حقًا؛ فهم يتركون وراءهم حياة أخرى تعيش بين السطور، حروفهم تبقى تتنفس، توقظ القلوب وتحرّك المشاعر، كأن كل كلمة زرعها الأديب تنبت وردة في وجدان قارئ جديد.
ومهما اشتد وجع الفقد، سيبقى حضورك ممتدًا في كل فكرة ألهمتها، وكل قلب لامسته كلماتك، وكل ابتسامة أيقظتها روحك الجميلة.
وداعًا يا أبا أحمد… رحلت جسدًا، لكنك باقٍ في الذاكرة، في الحروف، وفي قلوب من أحبّوك وقرؤوا نورك.
***
