افتتاحية 1929
كان يقال: الشعر ديوان العرب، ومعدن حكمتها وكنز أدبها.
ويقال أيضًا: الشعر لسان الزمان، والشعراء للكلام أمراء.
وقال آخر: الشعر جزل من كلام العرب تقام به المجالس، وتستحج به الحوائج، وتشفى به السخائم.
ويقال: أنصف الشعراء، فإن ظلامتهم تبقى، وعقابهم لا يفنى، وهم الحاكمون على الحكام.
ولأني استمتعت بما سلف ذكره، أرغب – على غير عادتي- أن أكشف لكم عن هذا السرّ:
مرةً، وفي ساعة مكتظة بالشُّحن السلبية النابعة من كثرة كاثرة على وسائل التواصل، كتبتُ ومحوت:
“الحمد لله.. أنّ رئيسنا ليس شاعرًا”
كتبت؛ لأنّ حجم القرف الذي تحمله المنشورات يعدو على الضمائر والأمزجة والخيال.
ومحوت؛ لئلّا أساق بجريرة بعض المتحاذقين؛ فيخوّنون، أو يطعنون.
الآن أردت أن أعرض المسألة بجديّة الكاتب، أو بدعابة الملاطف، ولكم أن تعلقّوا بما تشاؤون.
ماذا لو كان الحاكم شاعرًا؟
كان السؤال موجهًا لــ (تشات جي بي تي)، فأجاب:
(إذا كان الحاكم شاعرًا، قد يكون له تأثير كبير على الثقافة والفنون في المجتمع. إليك بعض النقاط حول هذا الموضوع:
الإيجابيات: دعم الفنون، الإبداع، الخطاب الرمزي.
السلبيات: الرقابة، التسييس، التحديات).
ثم أسهب بعض الشيء بتفاصيل لملمها من هنا وهناك ليؤكد ما يرمي إليه، فأسقط الواقع على ركامات التاريخ، وشدّ جدائل الماضي إلى الحاضر بعبثية الصبيان. إلى أن خلص إلى الآتي:
“بشكل عام، إذا كان الحاكم شاعرًا، يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على المشهد الثقافي، ولكن يجب أن يكون هناك توازن بين الإبداع والمسؤولية السياسية”.
فكانت قفلته حكيمة رشيدة، جامعة مانعة.. وهي التي أعتمدها، على أن تظلّل الحكمة والعدل والرزانة الحاكم، وأن يترفع عن تحزّبات خرقاء لا طائل وراءها.
ثم بعد ذلك سألت الشارع والشاعر، وبعض الخاصة وكثيرًا من العامة، وابن السبيل. فاتفقوا على (الصمت)، واختلفوا على نقاط عدة:
الأولى: أن الحاكم إذا كان على مذهب العروضيين الخليليين فإنه سيقود الدولة على ميزان العدل، ويعيّن لكل دائرة من يستحقّها، ويسوس الرعية بتوازن أبياته المحكمة دونما خلل أو زحافات معيبة. على خلاف ما إذا كان من أنصار النثر، فإنه سيجلب الفوضى الخلاقة للدولة والشعب.
الثانية: خلاف الأولى؛ فإن الحاكم النثري سيأخذ بيد الدولة والرعية إلى آفاق عالية من التطور والحداثة التي يحلم بها شعبه الخلّاق، وسوف يكسر القيود التي تكبل المبدعين.
الثالثة: خلاف ما تقدم كلّه؛ ذلك بأن الحاكم إذا كان شاعرًا فإنه سيوقع الشعب تحت سطوة الشللية التي يعتمد مذهبها.
الرابعة، وهي لي: أرى – والله أعلم – أن الحاكم العادل الحاذق أقرب إلى قيادة الدفّة واتزان الدولة ورضا الشعب، الأمر الذي يجعل الحياة كلها فسحة يتغنّى فيها الشعراء، ويسعد بمرافقها العامة والخاصة.
هل أكمل؟
لا.. لا..
سأترك لكم الباب مفتوحًا، فليكتب كلٌّ رأيه، على شرط التجرّد، والنصح والإفادة.
