“الربيع المحاصر” .. توثيق للألم والصمود في مواجهة آلة القمع…
استضاف فرع اتحاد الكتاب العرب بحمص فعاليات ندوة أضاءت على كتاب “الربيع المحاصر” للكاتب عبد الحفيظ الحافظ، وهو كتاب يوثّق تفاصيل الحصار في حي الوعر بمدينة حمص، ويسجّل بلغة صادقة معاناة الناس ولحظات الصمود في وجه آلة القمع.
افتتحت الندوة الأديبة عبير النحاس، رئيسة فرع حمص لاتحاد الكتّاب العرب، بكلمة لافتة قالت فيها:
“يسرّنا أن نلتقي اليوم في هذه الندوة لنناقش كتاب ‘الربيع المحاصر” للكاتب عبد الحفيظ الحافظ، الكاتب الحرّ الذي حمل الكلمة موقفًا منذ عقود، ووقف في وجه الاستبداد غير آبهٍ بالثمن. عاش الكاتب أحداث الحصار في حي الوعر بمدينة حمص، وسجّل تفاصيلها لحظة بلحظة، ليكون صوته شاهدًا على المعاناة، وذاكرةً حيةً لزمنٍ حاول الطغيان أن يطمسه. كتابه ليس مجرّد توثيق، بل شهادة إنسانٍ لم ينحنِ رغم قسوة الظروف، فصار نصه امتدادًا لصمود الناس وإصرارهم على الحياة.”
قدّم الدكتور غسان لافي طعمة قراءة نقدية للكتاب الذي يقارب أربعمئة صفحة محمّلة بلقطات توثيقية وتفصيلية لمرحلة شكّلت منعطفًا في تاريخ حمص وسوريا عمومًا، متناولًا إلى جانب ذلك ملامح الدولة المدنية المنشودة في مقابل استبدادٍ طال أمده.
كما استعاد بعض قصص الحصار التي عايشها شخصيًا، مثنيًا على الجهد التوثيقي والفكري الذي جعل من النص وثيقةً لا تخص الحاضر وحده، بل تمتد لتكون سجلًا للذاكرة الوطنية، مؤكداً أ، قيمة هذا الكتاب لا تكمن فقط في سرده للأحداث، بل في إصراره على تحويل الألم إلى شهادة فكرية تحفظ للتاريخ صدقه وملامحه.
وخلال الندوة، تحدث الكاتب عبد الحفيظ الحافظ عن تجربته في كتابة النص، مستعيدًا أجواء الحصار وما حملته من خوف وجوع وقهر وأمل في آنٍ واحد، وقرأ أمام الحضور بعض الصفحات التي دوّنها تحت القصف وفي ظل غياب أبسط مقومات الحياة. كما وجّه شكره إلى عدد من رفاق المرحلة، وفي مقدمتهم زوجته الراحلة حياة، التي شاركته الحصار وكانت عونًا لأهالي الحي، إذ ساعدت النساء في عمليات الولادة في غياب المشافي والأطباء، لتمنح الحياة لأطفال وُلدوا وسط الموت والحصار.
وتوقف الحافظ في حديثه عند البعد الفكري لكتابه، مشددًا على أن التوثيق لا ينفصل عن الرؤية لمستقبل مختلف، قائلاً إن “الدولة التي ننشدها هي دولة مدنية عادلة، لا مكان فيها للطغيان، بل تقوم على الحرية والكرامة وصوت الناس.”
في ختام الندوة، فتح باب النقاش مع الحضور الذين تطرقوا إلى أهمية الأدب في مواجهة محاولات طمس الحقيقة، ودور التوثيق في بناء ذاكرة جمعية تحفظ للثورة ولضحاياها حقهم في رواية قصتهم بأصواتهم هم، لا بما يكتبه الطغاة في كتبهم.