بقلم: حسن قنطار
افتتاحية العدد 1927 من الأسبوع الأدبي
جاء في لسان العرب:
«والمطية من الدواب التي تمطّ في سيرها، وهو مأخوذ من المطْو أي المدّ، قال ابن سيده: المطيّة من الدواب التي تمطو في سيرها، وجمعها مطايا ومطي.»
هذا على لغة المعاجم، وألسنة بعض التراجم من أهل المعاني والصروف في تبدّل الكلمة بنيةً ومعنى.
فهي على كل الألسنة وسيلة مهانة يستخدمها صاحبها لبلوغ مراده.
ولا بدّ لصاحب المطية من أن يدللها ليذللها، فتقوى عزيمتها ويكثر عطاؤها.
وهنا تفتتن المطية بحسن المعشر وطيب المحضر من صاحب مليء كريم.
وعلى لغة (كمشة مني وكمشة منك) يجيئك البعض بمزايا لا تخطر على بال، ولا تشابهها شيم الرجال، ليفجّر على فجاءة منك، أو تحت مخدّر منه إحدى ألاعيبه النارية المبهرة؛ فتسمع منه ما لم تكن تسمع، وترى ما لم تقدر عين على رؤيته.. سحرٌ وايم الله (بلغة الأقدمين).
المهم -ومن دون إطالة مملّة- ستجد نفسك بعد حين مطيةً له في بلوغ مآربه، وركوبة يتبلغ عليها بعض أعماله وكثيرًا من أحماله.. (أنت كبير القدر).
بكل تأكيد، لكم مطلق الحرية في الطعن والردّ، بقلوبكم أو على ألسنتكم، أما أنا فلا أفعلها هنا.. هنا فقط. مع العلم القاطع بأن الشتيمة لا تجرّ إلا الرزايا وسوء الطالع في بعض الأحيان.
لعلي أهذي الآن.. وحقّ لي ذلك وأنا أحاول أن أدخل إلى صلب المادة.
أدخل الآن لأقول:
حدثني غير واحد ممن أثق بروايته، وأقف متأملًا على مظانّ درايته، أنّ رجلًا غدا من أهل النفوذ، باتخاذه بعض صحبه جسرًا أو ركيّة يعبر عليه ويركن إليها ليصل إلى ما وصل إليه من نفوذ، فهل نسمي الأشياء بمسمياتها عندما نصف ذلك الصاحب بأنه مطية للواصلين أم ثمة ما هو أكثر بلاغة وأوقع معنى في وسمه ووصفه؟
الحقيقة مرّة في كلّ الأحوال، والأمر جلل لا محالة، فليس يقبل واحد منا أن يكون أضحوكة على ألسنة المتملقين، ولا ألعوبةً في يد المتسلقين، ولا رهاوةً يهش بها الطامحون إلى قمم النفوذ.
لكنْ في المقابل الآخر، وأعني هنا ذلك العابث في أحلام صحبه المخلصين، والصاعد إلى مطامحه على أكتاف أصدقائه الأفياء المائزين.. ليس هذا بالحاذق البهلواني الذي لا تدرك حيله، ولا تكشف نيّاته، وهو المستغل لطيبة أقرانه، وحسن سجاياهم وجمال أخلاقهم.
وقد تكون الحاجة أشدّ سطوة على قلب اللبيب لتحوّله إلى مطية تخدم الفاشلين وتحمل العابثين إلى درجات لا يستحقونها، وما ذلك إلا ليقتات على فتات يرمى إليه ليسدّ حاجته، ويقوي به عَيلته.
هل يحقّ أن نحرّر في بعض الكتابات التي نالت الجوائز والحفاوات في محافل عديدة ومسابقات، لنصل إلى نتيجة تقول: كتبها ناجح خامل السمعة وقليل الحظوة لتنسب إلى جاهل محظوظ؟
ليس لي ذلك أيها الأصدقاء؛ فما أمرنا إلا بستر العيوب خشية أو تعفّفًا، على لغة أعطني لأعطيك.
«كمشة منك وكمشة مني». والسلام.
