شعراء السويداء يحتفون بإشراقة الجلاء شعراً (نقلاً عن الثورة)

الثورة – رنا بدري سلوم:

لطالما جسّد الشّعراء الأحرار في كتاباتهم ملاحم الوحدة الوطنية الداخلية التي لم يكن لها مثيل، بدءاً من ثورة الساحل بقيادة المجاهد الشيخ صالح العلي إلى ثورة الشمال بقيادة الزعيم الوطني إبراهيم هنانو، مروراً بثورة دمشق وغوطتها بقيادة البطل حسن الخراط، والبطل محمد الأشمر التي عانقت ثورة جبل العرب الأشم بقيادة المجاهد الكبير سلطان باشا الأطرش، وصولاً إلى باقي الثورات التي عمّت الأرض العربية السورية لتعيد لسورية الألق والبهاء والسؤدد.
ومن جبل العرب الأشم، صدحت حناجر شعراء فرع اتحاد الكتاب العرب في السويداء الذي أقام مهرجاناً شعرياً بمناسبة الذكرى الثامنة والسبعين لعيد الجلاء ويوم الشعر العالميّ، شارك فيه الشعراء إسماعيل ركاب ووائل أبو يزبك وفرحان الخطيب وفايز عز الدين وسهيل أبو فخر ورفعت بدران وماجدة أبو شاهين وبشار عريج وأمجد زهر الدين.
افتتح الشاعر الخطيب المهرجان بكلمات أشاد فيها بلقاء الكلمة الحرّة الشّاعرة مع المعارك التي خاضها الآباء والأجداد لتحقيق الجلاء العظيم، جلاء آخر جندي فرنسي عن أرض سورية الحبيبة في السابع عشر من نيسان عام ١٩٤٦ م. وكيف رافقت معاركهم المظفّرة ضد الاحتلال القصائد العصماء لشعراء كبار عرب وسوريين مثل أحمد شوقي وحافظ إبراهيم ومعروف الرّصافي وخير الدين الزركلي ومحمد البزم ورشيد سليم الخوري.
ثم ألقى الخطيب قصيدته التي حاكى فيها المجاهد سلطان باشا الأطرش قائلاً:
مددت إليك يا سلطان راحي
مخضبة بأرتال الجراح
وجئت إليك قلباً فوق كف
يطير إليك مكسور الجناح
وجئت إليك حقلاً من دماء
تبرعمه الشهادةُ كالأقاحي
وجئت إليكَ فامسح لي دموعي
وعلّقها على شجر الصباح
ثم ألقى الشاعر وائل أبو يزبك قصيدة وجدانية قال فيها:
وأطرش في كلا سمعيهِ وقر
عن الفحشاء إن تبعته عاقا
((يغض الطرف أو يغضي حياء
ويُرمق من مهابتهِ استراقا))
وما قولُ الفرزدق في عليَ
سرى مثلاَ عليه بل اتفاقا
يُغذ إلى المعالي حين تبدي
له في دوحة العلياء ساقا
وأسمعهم إذا الهيجاءُ دقت
نواقيسا..وأسرعهم لحاقا
تمرس بالندى كفاَ وسيفاَ
فزادَ الغيثَ نائلهُ .. وفاقا
فلا تستغربنَ له مصالا
إذا ما أسرجَ الجُردَ العتاقا..
بينما ألقى الشاعر فايز عز الدين قصيدة من وحي المناسبة قال فيها :
لنا صخرك البازلت يا جبل الوغى
طغت الرياح وما خشيت رياحا
وتظل مزرعة الإباء على المدى
حدثاً يجود وشاهداً لماحاً.
ثم ألقى إسماعيل ركاب بعضاً من قصائده وخصّ دمشق بقصيدة قال فيها:
هذي دمشق أما رأيت شموخها
والنصر يزهر والمدى إشراق
والناس كل الناس في عرس وقد
عم انتشاء فرحة ووفاقُ..
وقد خصّ الشاعر رفعت بدران السويداء مدينته بقصيدة تفعيلة مستذكراً تاريخها ومشيداً بجمالها وذاكراً لأنسها في مجالسها، جاء فيها:
في ظلال السويداء
شبابة تتماهى مع الريح
نفحة ناي جريح
ومنجيرة من قصب
لمع سروج من اللازورد
يراقص طيفاً من النّهوند
على وقع نبض الدماء
ورجع حداء خيول العرب
وبعده ألقى الشاعر سهيل أبو فخر قصيدتين وجدانيتين تتعلقان بهموم الذّات المتقاطعة مع الهموم المجتمعية، فأنشد:
قطاع الطرق بزينتهم
وقفوا والجسم به ورمُ
كشجيرة تين وارفة
لا ثمر فيها ولا قيم
عبدوا الأموال وغرهموا
أن الشيطان لهم صنم
في حين تألقت الشاعرة ماجدة أبو شاهين بقصيدتين وجدانيتن غنائيتين تفيضان بمشاعر الحب والشغف بالكلمة الشاعرة الصادقة والرشيقة، نقتطف من قصيدة الناي:
نايٌ إذا ما دعا غيمي سأنهمرُ
في غابهِ يستظلُّ الجَانُ والبشرُ
أطوي إليه وجوهَ الحالمينَ بما..
يُنجي من القاعِ، أو يُغري به السفرُ
وشغلُهُ، في مرايا الروح، لمعتُها
بفضَّة القولِ يجلوها، فتسْتترُ
ثم ألقى الشاعر بشار عريج قصائد متنوعة ما بين الوجداني والاجتماعي، قال في إحداها:
بالله قولي كيف نختلفُ؟
ما بيننا إلفٌ ومؤتَلفُ
إن أنتِ قد أنكرتِه أبداً
ها إنني بالحبّ أعترفُ
عاهدتُكِ الرحمنَ لستُ على
غير الذي شاء الهوى أقفُ
لو أنّ فيكِ النّبضُ ثانيةً
نبضي صدى الآهاتِ يختطفُ
في حين ألقى الشاعر أمجد زهر الدين قصائد متنوعة وقد غلب عليها الطابع الوجداني المحمول على صورة شعرية زاهية ونسج لفظي جميل ومما أجاد به:
في شعرك الأشقر كالسنابلْ
يبدو وجوم الشمس في الغروب
وتصدح الأزهار بالطيوب
وتطرب الأشجار والجداول
في شعرك الأشقر كالسنابل..
واختتم المهرجان الشاعر فرحان الخطيب الذي قدّمه وشارك به بأبيات تحيي المناسبتين، ممتدحاً الشعر الذي واكب عبر التاريخ وقائع البطولة والفداء للدفاع عن الوطن، واصفاً الشعر بعبارات جميلة ضمن قصيدته نديم الصعود:
ليس للشعر منزل غير ذاتي
فيه يسمو إلى ذرا المكرمات
أقطف الشعر من جنون رياحي
وأداريه من دوار الجهات
ها هو الشعر نجمة في خيال
ومرايا توشوش الفاتنات..

قد يعجبك ايضا
جديد الكتب والإصدارات