مؤسساتنا الثقافية وإعمار الوعي
إذا كانَ يحقُّ لنا أن نفخرَ بشيء فإنّ أوّلَ ما نفخرُ به هو حفاظُنا على وطنِنا وتاريخِه وحضارتِه، على الرغم من الريح العاتية التي حاولت اقتلاعَنا منهُ وتدميرَ بُناهُ ومُؤسّساتِه، وإذا كانت الثقافةُ هي الحصن الأخير الذي يجبُ أن نتمسّكَ به فإنّ الحفاظَ على مُؤسّساتِنا الثقافية والعملَ على تفعيلِها وترسيخِ حُضورِها شعبيّاً ورسميّاً، داخليّاً وخارجيّاً، هو من أولى المهمّات التي ينبغي لنا أن نشتغلَ عليها، ونُنجِزَها على أتمِّ وجه، فقد اتّضحَ أنّ أزمتَنا في جانبٍ من جوانبِها هي أزمةُ ثقافة، لذلك علينا إعادةُ بناءِ الوعي الثقافيّ الوطنيّ على أُسسٍ متينةٍ نابعةٍ من روح العصر ومُتطلّباتِه، ومُنسجمةٍ معَ التُّراث العربيّ في وُجوهِهِ المُشرِقة، وبذلك نُحقِّقُ أصالتَنا الثقافية من جديدٍ على ضوء ما تتطلّبُهُ المرحلة، وهاجسُنا التأسيسُ لمستقبلٍ يليقُ بأرضِنا، مهدِ الحضارات، وبشعبِنا المُتأصِّلِ فيها.
لقد كانَ اتّحادُ الكُتّاب العرب في سورية، ولا يزالُ، وسيبقى، مُؤسّسةً للفكر والثقافة المُقاوِمة، مؤسسة تعتزُّ بأنّها أُنشِئَتْ لتبقى، وتكونَ أكثرَ رُسوخاً وفعاليةً وحُضوراً على الأصعدة كافّة، وهي مؤسسةٌ وطنيةٌ تفتحُ أبوابَها لكلِّ مُبدعٍ ومُثقّفٍ وطنيٍّ غيورٍ على مصالحِ أُمّتِه، كما أنها حاضنةٌ للفكرِ والإبداعِ القادِرَينِ على التحليق في سماوات المحبّة والوطنيّة والإنسانيّة.
لقد آنَ الآوانُ لتوحيد الجهود ورصِّ الصُّفوف في سبيلِ ثقافةٍ وطنيةٍ قادرةٍ على مواجهةِ التّحدّيات الراهنة، حتّى نتمكّنَ من العمل فريقاً واحداً لإعادة إعمار العقول وبناء الإنسان والإسهام في نهضة الوطن الجديدة، كما يليقُ بتضحيات الأجداد والآباء والأبناء.
صحيحٌ أنّ الإبداعَ فرديٌّ، وأنّ التّميُّزَ شخصيٌّ في أساسِه، إلّا أنّ نجاحَ العمل المُؤسّساتي لا يُمكِنُ أن يتحقّقَ إلا بتَضافُرِ جُهودِ المُؤسّساتِ كافّة وبالعمل المُشترَك القائم على المحبّة والتفاني لأجل النُّهوضِ بالوطن مُجدّداً، وهذا لا يكونُ إلّا عَبْرَ تغليبِ المصلحةِ العامّة على الخاصّة، كما أنّهُ لا ينجحُ إلّا حينما نكونُ جميعاً على قلبِ رَجُلٍ واحدٍ لأجلِ المصلحة العُليا للوطن وثقافتِه، فهل نحنُ فاعلون؟!
جديد الكتب والإصدارات