ملامح حمصية في شعر مظهر الحجي (نقلاً عن الثورة)

الثورة – سلوى إسماعيل الديب:
كثيراً ما نسمع عن أدباء وشعراء ننبهر بأعمالهم لنكتشف أنهم لم يأخذوا حقهم من الشهرة وتسليط الضوء على أعمالهم كما يستحقون، من على منبر فرع حمص لاتحاد الكتاب العرب تناول الباحث عطية مسوح تجربة الأديبِ مظهر الحجي بحضور نخبة من أعضاء الاتحاد والمهتمين.
تناول بداية علاقة الإنسان بالمكان، وهي علاقة تبادلية، المكان فيها فاعل كالإنسان، وهو يذكر الإنسان بفصول حياته وتفاصيلها، وهو محرك الذاكرة ومولد الإحساس، إذ يؤثّر على وعيه ورؤيته وشخصيته.
وأشار إلى حضور حمص في شعرائها المهاجرين والمقيمين الذين أكثروا من التغني يمدينتهم معالمها وأهلها مثل نسيب عريضة، وغازي طليمات..
وأضاف مسوح عن تجربة “مظهر الحجي” قائلاً: في شعر الحجي فكرٌ وسياسة وتراث وحب وطفولة تتمازج كلها في عجينة واحدة، يكاد القارئ أن يراها في كل قصيدة تقريباً، ونحن في غنى عن الإشادة بالتقنيات الشعرية المتقدمة عند شاعرنا المتمرس بالإبداع الشعري على مدى ستة عقود تقريباً، وقد واكب المهتمون بالشعر في سورية تجربته الغنية، ويلفتنا ذلك الرباط القوي الواصل بين الأنثى غير محددة الملامح، هي مطلق أنثى، فشاعرنا لا يصف أنثاه كما يفعل المتغزلون، يتركها أنثى “من الجمر والجلنار” لا شكل ثابت لها يتركها والقصيدة تتساكنان في إهاب واحد:
“تزورين في وجه أنثى أحبُّ
تهلّ مع الفجر روحاً أليفاً.. مثيراً.. يطير المنامُ
ففي أي زيّ تزورين هذا المساء؟”
قارئ مظهر الحجي يلمس كيف يكون الشعر شاهداً على العصر، ونحن العرب في عصر الخيبات، ولعل ديوان الوراق “وما تلاه” عصارة شعرية لهذه الخيبات..
في القصيدة الأولى من الوراق يخيّم همٌ مركَّب، عناصره حضور الأنثى الذهني بصورتها الغائمة، وإلحاح القصيدة النارية، ومرارة الواقع التي تشكل خلفية اللوحة كلها، الأنثى والقصيدة تتماهيان، حضوراً وتأثيراً:
على غفلة باغتتنا القصيدة سكرى
ومن أنت هذا المساء؟
ثريا وليلى وبشرى
وكل النساء اللواتي عشقت جهاراً
وكل النساء اللواتي عشقت خفاء
ويضيف مسوح: تتجلى حمص أكثر ما تتجلى، في ديواني “مشاهد والمتيم” وعلى حدّ علمي، قلّ في شعرنا السوري المعاصر، أن يحتضن ديوان ملامح مدينة بقدر ما احتضن هذان الديوانان ملامح حمص بشراً وحارات وعادات، ويكفي أن تقرأ القصيدة الأولى من كل منهما لترى حضور صورة حمص وأهلها في أواسط القرن العشرين، من خلال ما انطبع في ذاكرة مظهر الطفل واليافع..
هذا أبرز ما ركزت عليه المحاضرة من خلال النماذج والمقتطفات من شعر الشاعر.
وفي الختام لابد من التعريف بمظهر الحجيّ فهو عضو بجمعية الشعر باتحاد الكتاب العرب، ومن شعراء سورية البارزين وتجربته تمتد نحو ستة عقود أغنى فيها الشعر السوريّ والعربي بإضافات هامّة، برع بكتابة القصة القصيرة والقصيدة العمودية، ثمَّ اتجه إلى الشعر وحده، وانصرف عن باقي الفنون الأدبية منذ دراسته الجامعية، ليضيف إلى المكتبة العربية عدّة كتب في البحث والدراسة الأدبيّة.
أما الباحث عطية مسوح فهو عضو اتحاد الكتاب العرب جمعية البحوث والدراسات، ومن إصداراته: منارات شعرية 2017، وإيليا أبو ماضي 2018، تجدد ماركس 2019.

قد يعجبك ايضا
جديد الكتب والإصدارات