ما بعد الزلزال اجتماعياً (نقلاً عن الثورة)

ديب علي حسن:
حان الوقت – بعد أن لمسنا عمق الكارثة الطبيعية التي ألمَّت بنا جميعاً – أن نقف عند دروس مستفادة مما وقع وجرى، ومن لايقف بعد فترة من وقوع أي حدث، واتضاح الرؤى لقراءة معطيات ما جرى، والوصول إلى خلاصات يجب أن يعزز الإيجابي منها، ويعمل على معالجة السلبي منها.. من لا يفعل ذلك ايا كان الحدث كما أشرنا فإنه وقع في حدث جسيم.
أولاً: لقد أظهر الزلزال قوة وتماسك وصلابة المجتمع السوري على الرغم مما مر به خلال اثني عشر عاما من العدوان عليه، ظهرت القوة الاجتماعية التي حاول الأعداء تغييبها…… بدءاً من أعمال الإنقاذ إلى مد يد العون الفوري إلى التنظيم الجيد من قبل الجهات الأهلية كافة.. المدن والأحياء والقرى والجهات العاملة في الشأن الاجتماعي الأهلي.. كانت وما زالت الفزعات مستمرة لم ولن تنقطع (جسد سوري واحد متراص الألم واحد.)
ثانياً: المؤسسات الحكومية العاملة في مجالات اجتماعية وغير اجتماعية أظهرت قوة الدولة وتماسك بنيانها، وعملها بعقل واحد مدبر شمل مساحة سورية كافة، وهذا يعني الرؤية الاستراتيجية العميقة، ومهما تحدث صيادو الماء العكر وثرثروا فإن ذلك ليس إلا محاولة للنيل من قوة وهيبة الدولة ومؤسساتها التنفيذية، وقد باؤوا بالفشل في ذلك.
ثالثاً: المنظمات والاتحادات والنقابات المهنية كانت على مستوى عال من الاستجابة، وهنا نشير إلى اتحاد الكتاب العرب في سورية الذي أثبت أنَّ المثقف هو ابن هذا الوطن، وهو في معركة الحياة مع العامل والفلاح والجندي والجميع، وكان لرئيس الاتحاد الدكتور محمد الحوراني والمكتب التنفيذي دور مهم جداً في التواصل والتفاعل مع كتاب ومفكري الوطن العربي والعالم وحشد القوى والطاقات في هذا المجال.
ولا ننسى دور الاتحاد الوطني لطلبة سورية، وكذلك اتحاد شبيبة الثورة واتحاد العمال والفلاحين وغيرهم من الاتحادات.
رابعاً: كان الجهاز الطبي على مستوى عال من الاستجابة ومازال في الميدان، وقد رأينا المبادرات الخلاقة في هذا المجال.
خامساً: المغتربون جناح سورية وصوتها في الخارج أثبتوا أنَّهم جذورنا الممتدة إلى العالم كله.
سادساً: عربياً ثبت صحة رهان سورية أنَّ العروبة لا تموت، واًن أبناء العروبة ألمهم واحد.. وآمالهم واحدة.. ووقائع ما رأيناه تدلل على ذلك….
سابعاً: كان الإعلام على مستوى عال من المسؤولية المقروء والمرئي والمسموع ولا يمكن أن نبخس دور مواقع التواصل الاجتماعي سواء صفحات فردية ام مواقع عامة… على المستوى الفردي يمكننا أن نعدد آلاف الصفحات التي أذهلتنا بما قدمته، وكانت غرفة عمليات اجتماعية وإغاثية حقيقية لم يكل مديروها أو يتعبوا…..
ثامناً: جيشنا البطل أثبت المعادلة الخلاقة أنَّه للحرب والإعمار، وأضاف إليها الإنقاذ السواعد التي صانت الوطن وحمته من حرب مهولة هي التي تشارك وتنقذ وتبني أيضاً.
ولكن….
هذه الطاقات الخلاقة لا تعني أنَّه لا توجد بعض النقاط التي يجب العمل على تلافيها:
– الإشاعة: المثل يقول من (يكتوي بالحليب ينفخ اللبن)، وهذا ما جرى خلال الفترة التي تلت الزلزال والهزات الارتدادية ودخول الطابور الخامس وعمله كأداة عدوان حاولت زرع اليأس في كل نواحي الحياة.
– استغلال بعض ضعاف النفوس للكارثة، ورفع الأسعار، واحتكار السلع.
– تصدع الكثير من الأبنية دليل على ضعف الإشراف الهندسي، وعدم أمانة المسؤولين في الكثير من الجهات المعنية بذلك مع الإشارة إلى وجوب وقف وزجر اي مخالفات بناء مهما كانت لأنَّ الذي تهدَّم معظمه كان مخالفاً لشروط السلامة.
– يجب ضبط إيقاع الكثير من صفحات التواصل الاجتماعي، ولاسيما تلك التي تعمل من الداخل وعن غير قصد تكون سلبية.
– ظهر ضعف الوعي الاجتماعي والقدرة عند البعض على التدخل لنشر المعلومة الصحيحة من قبل جهات معنية بذلك.
وخلاصة القول: إنَّها محنة حولناها إلى منحة على الرغم من آلامنا، وعلينا أن ندرس كل ساعة وكل يوم مالنا وما علينا لنصل إلى رؤى واقعية، ولتكون التجربة درساً مهماً ومفيداً.
ومن الضرورة بمكان أن تحدث لدى المؤسسات الحكومية والأهلية صناديق تحت مسمى ( إغاثة) اشتراك شهري محدد أو حسب طاقة المشترك طبعاً غير صناديق التكافل الاجتماعي.. تكون هذه فقط للإغاثة.
تحديد جهة ما تتولى التصريح والإعلام وتقديم المعلومات الضرورية..
إعداد فرق طوارئ في كل مدينة أو حي أو قرية تكون قادرة على التصرف لحين تولي الجهات المعنية أمور متابعة ما يجري.
الدروس كثيرة بما لها وعليها ونحن القادرون على التقاط اللحظة للعمل.

قد يعجبك ايضا
جديد الكتب والإصدارات