في حوار موسّع وجريئ مع د.محمد الحوراني رئيس اتحاد الكتاب العرب في سورية: على المثقف أن يبتعد عن الخوف والارتهان السياسي والحاجة ماسة لتصحيح العلاقة بينه وبين السياسي وجعلها تقوم على الاحترام بعيدا عن عقلية التفسيق والتأثيم والتخوين (نقلاً عن أخبار سورية الوطن)

حاوره رئيس التحرير:هيثم يحيى محمد

الدكتور محمد الحوراني كاتب وباحث ،يحمل شهادة الدكتوراه في التاريخ، ويشغل حالياً مهمة رئيس اتحاد الكتاب العرب في سورية ، ونائب الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب،وسبق وشغلَ مهمة رئيس فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب بكفاءة واقتدار.
التقيناه واجرينا معه حواراً موسعاً ،حول قضايا عديدة تهم الأدب والأدباء والثقافة والمثقفين، وتتعلق بعمل الاتحاد، ومدى نجاح مؤتمره العام الذي انعقد نهاية شباط الماضي، وواقع الكتاب والكتّاب والأدباء الشباب ،والخطوات الجارية لتحسين الوضع الاستثماري والمالي.. وبما ينعكس خيراً على الاتحاد وأعضائه ويفعّل الدور الوطني للادب والثقافة ..وهذا نص الحوار :

•من أميز المؤتمرات
*لنبدأ من مؤتمركم المنعقد في شباط الماضي..هل ترى انه كان مؤتمراً ناجحاً لجهة الحضور وطروحات الكتاب والقرارات المتخذة وآفاق تطوير الواقع الادبي والثقافي ام انه كان عادياً كغيره من المؤتمرات السابقة؟
**يجيب الاديب الحوراني:يمكنني القول إن المؤتمر السنوي لاتحاد الكتاب العرب الذي عقد في مكتبة الأسد الوطنية في دمشق أواخر شهر شباط ٢٠٢٤ تحت شعار: ” الإبداع مسؤولية وأخلاق.. الهوية ثقافة وفعل مقاوم” كان واحدا من أميز المؤتمرات السنوية لاتحاد الكتاب العرب في سورية، سواء لجهة الحضور حيث بلغ عدد الحضور حول ٣٠٠ زميلة وزميل من المحافظات السورية كلها، وكان النقاش شفافا وصريحا امتاز بالمكاشفة والوضوح من قبل الزملاء الحضور، كما كانت الإجابات واضحة وكاشفة دون خشية من أي شي، فضلا عن خطة العمل التي وضعت والتي نأمل أن نحسن الاشتغال عليها وأن ننجزها سواء في المركز أو الفروع أو الجمعيات والدوريات وكذلك العلاقات الخارجية.

 

•اساس البنية المجتمعية
*من موقعك على رأس الاتحاد كيف تقيّم لنا الواقع الثقافي الذي نعيشه في ظل (الأزمة- الحرب) وتداعياتها؟
**لا شك أن الحرب في جزئية رئيسية منها كانت تستهدف الثقافة والقيم والتربية في سورية، لابل إنها استهدفت الهوية العربية السورية وأرادت تمزيقها وحرفها عن مسارها الصحيح التي اشتغل عليه من قبل المثقفين الحقيقين ومن قبل الدولة الوطنية السورية، حتى تمكنا من الوصول إلى مرحلة مهمة من بهاء العلاقة المجتمعية السورية بمختلف مكوناتها، ولما كان هذا من شأنه أن يزيد من قوة الدولة وتحصينها المجتمعي، كان لابد أن تستهدف الثقافة والتربية والتعليم لضرب أساس البنية المجتمعية للدولة ودعامتها، إلا أن هذه الحرب لم تنجح على الإطلاق بتدمير الثقافة السورية وإن أصابتها هنا وهناك في بعض الأماكن من جسدها، وهو مايجب أن يجعل من ثقافتنا أكثر قوة ومنعة في قابل الأيام.
•تخلى المثقف عن دوره
*ألا توافقني القول أن الكثير من المثقّفين الحقيقيين تنحىوا جانباً عن القيام بدورهم المجتمعي والتنويري القائد؟ كيف نعيدهم برأيك لأخذ دورهم سيما وان الكثير من ابناء الوطن يقولون انه لاحل لما نحن فيه إلا بالحل الثقافي الى جانب السياسي؟
**كلامك دقيق تماما وهذا يعود لأسباب معقدة ومتشابكة ومتداخلة، لعل من أهمها أن المثقف لم يأخذ الدور الذي يجب أن يأخذه في المجتمع، كما هو حال الفنان مثلا، وبالتالي فإن هذا الأمر جعل المثقف يتنحى جانبا ويشتغل على نفسه ولنفسه من أجل تأمين قوت يومه وأطفاله، وهذا يعني أن المثقف تخلى عن دوره الرسولي ومسؤولياته المجتمعية بشكل أو بآخر ، حسب رؤية بعض المتابعين والمهتمين بالمشهد الثقافي، إلا أن الحقيقة أن هذا المثقف ما كان له أن يصل إلى ماوصل إليه، فيما لو تم الاهتمام به وتقديم بعض احتياجاته والوقوف عندها، وهنا يأتي دور الدولة وأبوية الدولة، وهي أبوية يجب أن تبقى موجودة، بل يجب أن تترسخ في بعض مفاصل الدولة، حتى وإن رفعت عن مفاصل الأخرى، فالثقافة والتربية والدراما والتعليم من مسؤوليات الدولة الوطنية ويجب أن تكون مدعومة بقوة من الدولة، بعيدا عن مفهوم الربح والخسارة، لأننا عندما نحسن بناء هذه الأركان الأساسية سنكون رابحين دون أدنى شك.
من جهة أخرى يجب على المثقف أن يبتعد عن الخوف والارتهان السياسي، ذلك أن المثقف صاحب فكر حر وهو الحارس للقيم والأخلاق، وبالتالي فإن الواجب عليه أن يكون حريصا على المسافة الآمنة بينه وبين السياسي، لاسيما ذلك السياسي الذي يحاول تحويل المثقف إلى حارس ومدافع عن سلوك السياسي وتصرفاته ومسوغ لمًا يقوم به من أخطاء كارثية لحق بلده ومجتمعه.
إننا بأمس الحاجة لتصحيح العلاقة بين المثقف والسياسي وجعلها تقوم على الاحترام والاستفادة من الاراء المختلفة بعيدا عن عقلية التفسيق والتأثيم والتخوين.

•نظرة خاطئة
*وهنا اسألك.. هل ترى أن مجتمعنا بأفراده وفعالياته الأهلية (المدنية) والدولة بمؤسساتها الرسمية يتعاملون مع الثقافة والمثقفين ومع الفكر التنويري والمفكرين كما يجب؟ وما مقترحاتكم في هذا المجال؟
**مع الأسف أن المثقف لم يقدم بالصورة التي يجب أن يقدم بها، سواء من خلال بعض المسلسلات التي قدمته على أنه (أهبل) أو ( مخبر) أو ( عميل) أو من خلال تعامل بعض السياسيين والسلطويين مع المثقف والأديب ونظرتهم إليه، وهنا تحضرني حادثة حدثت مع أديب وباحث سوري مرموق ذهب في يوم من الأيام إلى أحد المسؤولين من أجل مساعدته في حل مشكلة وعندما سأله ما عملك؟ قال أديب وباحث، وكان رئيسا لتحرير مجلة ثقافية، قال له ذلك المسؤول (أما شغلة؟!). هذه النظرة عند بعض السياسيين وأصحاب النفوذ إلى المثقف والأديب يجب أن تتغير، لأنها تقوم على تحقير الثقافة والفكر والأدب وأهلهم.
لابل إن النظرة التي يجب أن تكون قائمة هي نظرة الاحترام والتقدير، والتعويل عليهم في بناء المجتمع وإعمار العقل والإنسان، وهو ما تحدث عنه السيد الرئيس بشار الأسد في أكثر من مناسبة باعتباره من أهم الصناعات الثقيلة التي يجب أن نشتغل عليها ونهتم فيها
هذا الاهتمام لايتحقق إلا من خلال عمل مشترك للوزارات المعنية والأساسية من إعلام وتعليم وثقافة وتربية وأوقاف ونقابات ومنظمات معنية.

 

•تهميش وإقصاء الشباب سابقاً
*خرجت إلى الواجهة بقوة الأندية الشبابية التابعة لفروع الاتحاد في المحافظات، وتمَّ تنسيب الأدباء الشباب إليها ومنحهم هوية تثبت العضوية لكن بعيداً عن هذه الأمور الشكلية والإدارية، هل ترى أن الأندية يمكن أن تحقق غايتها المرجوة في دعم النشاط الشبابي والجيل الصاعد الذي يغيب عن معظم النشاطات التي تقيمونها؟ وكيف سينعكس ذلك على واقع إبداع الشباب؟
**لا أخفيك أنه حتى فترة قريبة كان هناك تهميش وإقصاء للشباب المثقف والمبدع، لا بل إن عدد الأعضاء من الشباب في بعض الاتحادات، المعنية بالشأن الثقافي،ومنها اتحاد الكتاب كان نادرا إن لم يكن معدوما، على الرغم من حصول عدد كبير من الشباب المثقف السوري على جوائز خارجية أدبية مهمة، وهنا كان لابد لاتحاد الكتاب العرب أن يأخذ دوره الوطني في هذا المجال، وأن يضم بين حنايا قلبه هؤلاء الشباب ويقدم لهم مايمكن من مساعدة قادرة على الارتقاء بعطاءاتهم الأدبية، وهذا العمل لاشك سيصطدم بعقبات ومعوقات حتى يحقق المأمول منه، فضلا عن وجود هوة بين جيلين من الكبار والشباب وهو مايعني الاشتغال بوعي على ردم هذه الهوة والتعشيق بين الأجيال المختلفة أدبيًا وثقافيا.

 

*قيل إنَّ المكتب التنفيذي برئاستك وقَّع اتفاقيات مع بعض الاتحادات الموازية في الأقطار العربية، غايتها تبادل الوفود الأدبية وترشيح الأعضاء للمشاركة في المهرجانات الأدبية ــ حصراً ــ عن طريق المؤسسة الأدبية المعنية ومن هذه البلدان (العراق وسلطنة عمان)، لكننا ما زلنا نلاحظ أن بعض الكتاب السوريين يذهبون إلى المهرجانات بناءً على دعوات شخصية، بدون أخذ رأي الاتحاد مارأيكم؟
**وقع اتحاد الكتاب العرب عدة مذكرات تفاهم وتعاون مع بعض الاتحادات والاسر والنقابات الأدبية العربية( العراق- سلطنة عمان- موريتانيا) وتتضمن المذكرات إقامة فعاليات مشتركة وطباعة بعض الكتب طباعة مشتركة بحيث يكون (لوغو) اتحاد الكتاب في سورية والاتحاد الشريك موجودا على الغلاف، وهو ما أنجز قسم منه مع الزملاء في العراق وسلطنة عمان، أما فيما يتعلق بالدعوات فإن هناك جهات خاصة أو عامة يمكن أن تدعو وهذه لاعلاقة غالبا للاتحادات بها، وفي بعض الأحيان يتم التنسيق بشكل أو بآخر، وهنا لابد من التأكيد أن الغلاء الكبير في سعر تذاكر السفر يشكل عائقا كبيرا في هذا العمل، إذ يصل سعر التذكرة إلى بعض الدول مثل المغرب وموريتانيا مثلا إلى مابين (١٠٠٠- ١٥٠٠$) للشخص الواحد وهو مايشكل عبئًا كبيرا على المؤسسة، وهذا لايعني عدم وجود دعوات شخصية من قبل بعض المؤسسات لأشخاص لاعلاقة لهم بالمؤسسة غالبا وإنما لغايات يعرفها البعض ويجهلها آخرون، ونحاول التخفيف منها مع الأشقاء.

•ضد الغاء الرقابة
*يرى كثير من الأدباء الذين نلتقيهم أنَّ الديموقراطية والتعبير الحر عن الرأي قد وجدا تربتهما الخصبة في الدورة الحالية للمكتب التنفيذي، هل ساهمَ هذا الأمر برأيكم في رفع سقف الرقابة عن المطبوعات والكتب الصادرة عن الاتحاد؟
**هناك فرق كبير بين رفع سقف الرقابة وبين إلغاء الرقابة، وأنا شخصيا ضد إلغاء الرقابة، ولكن مع توسيع هامشها وعدم الخوف من الكلمة والفكر الذي لايتطابق مع ثقافتنا وفكرنا، بل على العكس تماما يجب علينا أن نؤسس لتنوع الاراء وتعمقه داخل المؤسسة الواحدة وخارجها، لأن هذا يقوي المؤسسة والمجتمع عموما، كما أن المؤسسة والثقافة الخائفة من الثقافة والفكر الآخر والمخالف لها غير جديرة بالحياة والبقاء.
وبناء عليه ومن خلال العلاقة الصحية والسليمة نجحنا في تجاوز. كثير من السلبيات المتعلقة بالرقابة وحرية الرأي والموافقات على الطباعة، مع التأكيد على سلامة اللغة وكل مامن شأنه أن يؤثر على سلامة المجتمع وقوته وتماسك أبنائه بمختلف ثقافاتهم وعقائدهم وقناعاتهم.

•واجب ومفخرة
*يقدِّم الدكتور محمد حوراني بعض التسهيلات للكتاب السوريين الذين يسافرون خارج القطر تلبيةً لدعوة من هذا المهرجان الثقافي أو ذاك، هل يمكن أن تضعنا في صورة هذه المبادرة؟ وماذا تقدم مهمتك كنائب للأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب في الوطن العربي، من إضافة إلى الأديب السوري والمؤسسة الأدبية؟
**قناعتي المطلقة أن وجودي في اتحاد الكتاب العرب لم يكن لتحقيق مكتسبات شخصية، ربما يطمح ويطمع بها الكثيرون، ولا من أجل التعاون بفوقية ونرجسية مع الزملاء، أو من يرتبطون بعمل مع الاتحاد، وإنما أتيت لخدمة المؤسسة والزملاء في أي مكان أستطيع خدمتهم فيه، وهو عمل أفخر به، كما أن انتخابي نائبا للأمين العام للاتحاد العام للادباء والكتاب العرب حملني مسؤولية مضاعفة تجاه بلدي وزملائي سواء لجهة مساعدتهم خارجيا فيما يحتاجونه من مساعده، أو لجهة تقديم الثقافة السورية خارجيا بأبهى أشكالها، لا بل إنني حملت مطبوعات ونتاجات الزملاء إلى الدول التي زرتها كلها بما فيها الصين وهذا واجب ومفخرة لي أعتز بها

 

•مشكلة عامة
*يشكو بعض الأدباء من طول المدد التي تستغرقها طباعة مخطوطات لهم على نفقة الاتحاد، بمعنى أنَّعجلة الطباعة تسير بخطى وئيدة، وتمشي نحو الاختصار في المخطوطات، ما تبرير ذلك عندكم؟
**هذه المشكلة ليست موجودة في اتحاد الكتاب العرب وحده وإنما في معظم المؤسسات المعنية بصناعة الكتاب وترويجه، ليس في سورية وحدها وإنما في بعض الدول العربية ومنها لبنان والعراق ومصر وغيرها، وهو مايعود لأسباب كثيرة منها الواقع الاقتصادي والغلاء، فكيف إذا أضفنا إلى هذا الحصار الاقتصادي الخانق الذي تتعرض له سورية منذ سنوات، والصعوبة البالغة في تأمين مواد الطباعة من أحبار وورق وغيره، ومع هذا فان الطباعة استمرت وبجودة لايمكن إنكارها والتقليل منها.
•الجوائز مهمة للكاتب
*الجوائز الأدبية الخاصة بفلسطين، وبالأدباء الشباب والمخضرمين، قد زادت وتنوعت مشاربُها وشروطُها والجهات المموِّلة لها، وأصبحنا نلاحظ أرقاماً كبرى للجوائز الممنوحة بقيمة مليون ليرة سورية وأكثر لقاء نص قصصي أو شعري واحد! أي أنَّكم سبقتم وزارة الثقافة في رفع سقف الجوائز، هل هناك جهات خاصة راعية لهذه الجوائز؟
** الجوائز مهمة جدا للكاتب والمبدع والحقيقة أنها تحرض على الكتابة المتميزة، كما أنها تحرض الكاتب الحقيقي على تطوير ثقافته وأدواته المعرفية والنهوض بها، ويلحظ المراقب أن ثمة تنشيطا لموضوع الجوائز في اتحاد الكتاب العرب ورفع لقيمتها، دون أن يعني هذا أننا نسعى أن يكون المبلغ الذي نقدمه أكبر من الذي تقدمه تلك المؤسسة أو الوزارة، فطريقة العمل هذه لانفكر فيها على الاطلاق في اتحاد الكتاب العرب، وإنما هدفنا الأساسي التكامل والتعشيق مع الوزارات والمؤسسات المعنية، وانطلاقا منه اشتغلنا على إطلاق جوائز بالتشارك مع بعض المؤسسات المعنية بالفعل الثقافي الوطني، وتقاسمنا مع الشركاء الأعباء المادية والمعنوية لهذه الجوائز، وقد حققت هذه الجوائز حضورا لافتا في الأجناس الأدبية كلها التي أعلن عن جوائز فيها.
•المحبة ومصلحة المؤسسة
*الانسجام بين أعضاء المكتب التنفيذي حالة تستحق الثناء، ومؤشر على احترام الآخر وسيادة الروح الجماعية، لكن مع ذلك ثمة صعوبات تواجهكم في إطار قيادة وإدارة الحياة الأدبية في سوريا اليوم هل يمكن ان تذكرها وتذكر مقترحاتك لمعالجتها؟
** الحالة الراقية من الانسجام بين الزملاء أعضاء المكتب التنفيذي ومجلس الاتحاد دليل على رجاحة عقولهم وسعة صدورهم ورغبتهم الكبيرة في إعلاء مصلحة المؤسسة والزملاء على أية مصلحة أخرى، وانطلاقا منه كانت المحبة هي الناظم للعلاقة بين الزملاء في المكتب التنفيذي ومجلس الاتحاد، ولولا هذا الانسجام والتناغم والتماهي لما نجحنا في تحقيق بعض الايجابيات خلال ٣ سنوات من عمر الدورة العاشرة هذه لاتحاد الكتاب العرب، وهو انسجام ينسحب على معظم فروع وجمعيات الاتحاد، وإن كان ثمة اختلافات في بعض الفروع فهي حالة طبيعية، في اعتقادي، في أجواء الكتاب والمثقفين والمبدعين.
أما فيما يتعلق بإدارة الحالة الأدبية في سورية من قبل اتحاد الكتاب العرب فهو أمر لا نسعى إليه في اتحاد الكتاب العرب في معناه الاستئثاري، بل إننا نعمل على التعاون والمشاركة مع وزارة الثقافة ووزارتي التربية والتعليم العالي والاتحاد الوطني لطلبة سورية، ومع اتحاد الشبيبة ومنظمة الطلائع، وغيرهم من الجهات العامة والخاصة بما يعود بالنفع والفائدة على الفئات المستهدفة بالفعاليات والأنشطة المقامة هنا وهناك.
•الدبلوماسية الناعمة
*تستقبل العديد من سفراء الدول الأجنبية، كيف سينعكس ذلك على واقع العمل والإنجاز، وهل هناك اتفاقيات تبادل ثقافي مع هذه الدول في القريب العاجل؟
** ضمن خطة عمل اتحاد الكتاب العرب في دورته الحالية، تم التأكيد على تفعيل الديبلوماسية الناعمة، وهي الديبلوماسية التي تم تجاهلها لفترة طويلة في بعض مؤسساتنا، وبناء عليه تم استقبال عدد من الوفود الأجنبية من دول عربية وأجنبية مختلفة، وتم تنظيم جولات لهم في عدد من المحافظات السورية، كما تم استقبال وزيارة حوالي (١٥) سفيرا من السفراء المعتمدين في سورية وتم التفاهم معهم على أن يكون هناك مذكرات تفاهم وعمل بين اتحاد الكتاب في سورية والجهات المماثلة له في بلدانهم، كما تم إقامة فعاليات مشتركة في اتحاد الكتاب، ويتم الان العمل على ترجمة وطباعة كتب لبعض السفراء العرب والأجانب المعتمدين في سورية، وفي هذا الاتجاه تمت ترجمة كتاب ” الحرب العالمية على سورية .. هل انتهت اللعبة”؟. وهو من إعداد السفير الفرنسي الأسبق ميشيل رامبو والباحث والكاتب اللبناني فيصل جلول، بمشاركة عدد كبير من الكتاب والباحثين السوريين والعرب والأجانب، والذين تحدثوا عن حقيقة ماجرى في سورية بناء على معلومات وتحليلات تناقض ما قدمه الاعلام الغربي والعربي في المرحلة الأعقد والأشرس للحرب على سورية.
•سحبنا عضوية الشرف من كثيرين
*نسمع عن أعضاء الشرف، في الاتحاد لمن تمنح هذه العضوية وما شروطها وماذا يعني (عضو الشرف) ؟
** في بداية الدورة الحالية تم تشكيل لجنة من الزملاء أعضاء المكتب التنفيذي ومجلس الاتحاد وأعضاء الاتحاد للنظر في عضوية الشرف التي كانت تمنح للبعض بطرق تعتريها الشبهات والظنون، وبناء على المعطيات التي توفرت بين أيدي اللجنة تم سحب عضوية الشرف من قبل عدد كبير ممن تم منحها لهم في مرحلة سابقة، وتم وضع ضوابط جديد لعضوية الشرف على رأسها أن يكون الشخص الذي تمنح له عضوية الشرف ممن يحترف الكتابة وله مواقف مشهودة داخل سورية وخارجها، والأولوية لغير السوريين وبناء عليه منحت عضوية الشرف للدكتور السفير بشار الجعفري وهو من هو في مؤلفاته وكتاباته ومواقفه المشهودة في أصعب ظروف الحرب على سورية، كما تم منحها للكاتب الاسترالي تيم أندرسون المعروف بكتاباته ومؤلفاته ومواقفه المدافعة عن فلسطين وسورية ومحور المقاومة، إلى درجة أنه فصل من التدريس في الجامعات الاسترالية بسبب مواقفه الداعمة لسورية وفلسطين، ولم تمنح عضوية الشرف لسواهما خلال ثلاثة أعوام.
•المشاريع الاستثمارية اولوية
*على مدى ثلاث سنوات، برزَ الواقع العقاري والاستثماري كأولوية في جدول أعمال المكتب التنفيذي لاتحاد الكتاب في سوريا. هل تضعنا في صورة أبرز وأهم المشاريع العمرانية والاستثمارية التي بدأ المكتب بالتأسيس لها؟ وكيف ستنعكس مثل هذه المشاريع على النشاطات وعلى حياة الأدباء السوريين مادياً؟
** دعني أعترف لك أنه لايمكننا النهوض بواقع الكاتب والمؤسسة دون وجود مشاريع استثمارية وعائدات يمكن أن تحقق عائدا ماديا جيدا للمؤسسة، لاسيما وأن اتحاد الكتاب العرب لا يأخذ أية مساعدة مادية من الدولة، وإنما يعتمد بشكل أساسي على استثماراته، لهذا كان تطوير الاستثمار والنهوض به أولوية في الدورة الحالية لاتحاد الكتاب العرب، فتم الاشتغال على هدم وإعادة بناء مقر فرع اللاذقية، بعد أن كان مهددا بالسقوط بسبب تسرب المياه إلى أساساته منذ فترة طويلة، ووضع قسم منه بالاستثمار، كما تم إعادة تأهيل بناء فرع الاتحاد في محافظة درعا وهو مطروح الان للاستثمار، أيضًا تم العمل على إعادة تأهيل مقر فرع حمص وتم إنشاء ( محلات) فيه للاستثمار بما يعود بالفائدة على الزملاء، وأيضا تم البدء بمشروع بناء الاتحاد في اللاذقية في المشروع العاشر، وهنا لابد لي أن أتوجه بالشكر والتقدير إلى سيادة الرئيس بشار الأسد الذي كان الداعم الأكبر والأول للاتحاد في المظلمة التي تعرض لها من قبل البعض في هذا المشروع، إذا لولا دعم سيادته لحق الاتحاد في هذا المشروع لمًا نجحنا في استئناف العمل في هذا المشروع.
وإذا ما وفقنا في العمل أيضا في أرض الفرقان في حلب فإن اتحاد الكتاب العرب سيشهد ثورة على كافة الأصعدة خلال العامين القادمين، بعد إنجاز هذه المشاريع ووضعها قيد الاستثمار، كما أن الواقع المادي للكاتب سيتغير حينها كليا.
*كلمة اخيرة تحب ان تختتم بها هذا اللقاء؟
** إذا كان لابد من كلمة أخيرة أضيفها فهي أنني آمل من زملائي أن يجدوا عذرا لنا في تقصيرنا، كمكتب تنفيذي، في هذا الجانب أو ذاك، وهذا لايعود إلى قصورنا أو تخاذلنا، وإنما بسبب الظروف الصعبة والمعقدة التي يعيشها بلدنا والتي يشهد الجميع عليها، لا بل إن الغالبية العظمى من المتابعين للواقع السوري يؤكدون ويجمعون على أن الواقع الاقتصادي لبلدنا في سنوات الحرب الكارثية كان أفضل من واقعه الاقتصادي الحالي، وهذا يعود بشكل أساسي إلى تشديد الحصار الاقتصادي والذي وصل إلى درجة الخنق لمؤسسات الدولة الوطنية السورية.

قد يعجبك ايضا
جديد الكتب والإصدارات