الملتقى الأدبي الثقافي الشهري يحتفي بالمواهب الجديدة (نقلاً عن الثورة)

الثورة – فاتن دعبول:
في البدء كانت الكلمة، وللكلمة سحرها الخاص، إن كانت على صعيد السرد أو الشعر وفنون التعبير كافة، والموعد في فرع دمشق لاتحاد الكتَّاب العرب الذي يحتضن الفعاليات الثقافية والأدبية، ويستضيف بدوره الفئات الشابة ورعايتها ودعمها، وهذا ما عبَّر عنه د. إبراهيم زعرور رئيس فرع دمشق لاتحاد الكتَّاب، وبيَّن أهمية هذه الملتقيات في تسليط الضوء على الأقلام الجديدة، فكثيرون منهم مبدعون، ويستحقون أن يعتلوا هذا المنبر، وإتاحة الفرصة لهم للتعبير عن موهبتهم.
وأضاف: إن منبر الاتحاد مفتوح للمواهب والتجارب الجادة، ومن الأهمية بمكان استقطابهم وهذا أحد أهداف اتحاد الكتَّاب العرب ضمن برنامجه التوعوي والثقافي.
الملتقى الذي يديره الشاعر قحطان بيرقدار، بدأ مشواره منذ العام 2016، ويبين بيرقدار أن هذا الملتقى اهتم في إحدى مراحله بالشباب والأطفال والمواهب الواعدة، وفي مرحلة ثانية، يقدم شخصيات لها تجربة وقطعت شوطاً في مجال الكتابة الأدبية، كاستضافة الشاعر والفنان هشام كفارنة الذي يحلُّ ضيفاً على ملتقى اليوم.
يضم الملتقى في جلسته الجديدة مشاركين في مجال الشعر والقصة والنص السردي، ويقول بدوره: ” أنا متفائل بالنماذج التي تقدم”، وعندما أجد بذوراً حقيقية لموهبة ما، أتلقفها وأقدمها على المنبر، وأتابع تطور هذه الموهبة باستمرار لتصل إلى الاحتراف والاقتدار.
وبيَّن ضيف الملتقى هشام كفارنة أن المسرح ولد في أحضان الشعر، وجميع من كتب للمسرح وبقيت نصوصهم تحمل قيمة أدبية عالية، هم من الشعراء” شكسبير، أبسن، ممدوح عدوان ..”لأن الشعر عالمه أرحب، ومع ذلك فالشعر والمسرح يبحثان في عمق وجوهر الظواهر، ولا يقف عند الشكل الخارجي لأي ظاهرة، وإنما ينفذ إلى الأعماق يفككها ويعيد صياغتها.
والشعر والمسرح ليسا لتصوير الواقع فقط، بل هما رؤية وحلم، وإعادة تفكيك الواقع وصياغته وطرحه عبر تراكيب جديدة لاتخلو من الدهشة والابتكار، فالمطلوب أن يشكل الشعر والمسرح حالة تمرد وتجاوز للواقع بكل ما فيه.
ومن المشاركات قدم علي أبو روزا قصيدة بعنوان” هذي دمشق” يقول:
آت خطاي يشدها الأبد، وعلى دمي أمسٌ مشى وغد
آت من التاريخ أحمله، وعدا تنجّز بالذي يعد
يا أرض جلق يا مجللة، بالعطر قبل الفجر تبترد.
وكان لسليم المغربي مشاركته الشعرية التي تميزت باللغة العالية والإلقاء اللافت، يقول في قصيدته” أما عبروا”:
وفود من حجيج الصمت، خلف مناسك النسيان بعد مسارب الإقناع
باب الصمت، هل عبروا؟، قناديل الحياة بنا على ثقل المنى فينا، وآمال تجافينا
وما دمعت لنا عين” ولا جفت مآقينا” لوهج النور هل نفروا؟
أغانينا التي كتبت، وألحاني التي عزفت، وأحلامي التي سرقت
كماء غار في الصحراء، جدائل سمراء، نعرّفها هي الغيداء والفيحاء والنجلاء والهيفاء
فلا فرق هي الأسماء إن مرت تسائلني، عن الحرية الحمراء، فكيف أجيب؟ أستتر، يجيب الصمت، ما عبروا.
وفي قصتها” حبة البركة” تحدثت رندا قدسي عن بركة الأيام الماضية وكيف كانت الناس تجتمع في الأعياد والمناسبات، وكانت حبة البركة سيدة الموقف، تقول: شعرت كم أفتقد تلك الحبة السوداء اليوم، بعد أن غابت عن تفاصيل حياتنا، فبيوتنا صارت باردة بعد أن أفلت ضحكات الجارات، وهمدت نار مواقدنا، وحالت مؤننا مثلجة سهلة الاستهلاك، صعبة المنال وبلا طعم، لم يعد جبننا مملحاً بل صار مضرجاً بالحرمان، وجوارير أمهاتنا حالت مرتعاً للغبار والأغراض المنسية..”.
وألقى منهد صوان قصيدة بعنوان العيد قال فيها:
العيد منتبه قد أترع الكاس، والحي أفقره باللؤم حباس
لا يملك العيد إلا أن يؤانسنا، يوحد العيد ما قد شاقه الناس
مبارك عيدكم، للكل في وطني، يستشرق العيد مهما أترع الكاس.
وقدمت نغم حامد قصتها بعنوان” عُتبى” وتحكي فيها قصة محارب قديم يرحل بعيداً بعد فناء قسم كبير البشر، وفي رحلته يدور الحوار بينه وبين نفسه، وتحاول أن ترده إلى بلاده، لكنه يرفض ليلق مصيراً مأساوياً في نهر يقع فيه، تقول: كثرت الدماء وطال الأمد، وغدت البلاد قفراً، فمضى أرغونا يقلب وجه الأرض، ليس فيها من يحادثه غير نفسه التي ما توقفت لحظة عن تقريعه ..”
ومن روايتها” مذكرات رجل مهزوم” قدمت راما الصالح بعضاً من هذه الرواية التي لم تكتمل بعد، وتحكي قصة رجل خذله الحب، تقول” في غفلة عن كلينا انتهى كل شيء، أيتها المتمردة، جنونك يعصف بي من كل صوب، ويقتلع أضلعي كرياح الشمال الباردة، كل ما يحمله الطقس من صقيع لم يعد يؤثر في جسدي، فصقيع غيابك كان الأقسى”.
وكانت مشاركة عروبة الباشا قصيدة حملت عنوان” بلا حدود”
قالوا: هواك بلا شك أنانية، وتطمعين بأشياء خرافية
ماذا تريدين؟ قلباً مخلصاً، عجباً، تستأثرين به حكماً بفردية
دعي الحبيب وحلي القيد عن يده، فالروح تورق لو تحيا بحرية.

وشارك مجيب السوسي ببعض نتاجه الشعري” تصوف، سمار، تصوف آخر”، وقدم حكمت جمعة قصة بعنوان” الرسالة الأخيرة من أبي” ، وتوقف الفنان هشام كفارنة عند المشاركات وقدم رؤية نقدية انطباعية لما قدمه المشاركون، متوجهاً لهم بالنصائح وبعض الملاحظات التي تغني تجاربهم الشعرية والسردية، هذا إلى جانب بعض مداخلات الحضور التي أكَّدت على ضرورة توضيح بعض المصطلحات وأهمية إتقان اللغة.
وفي نهاية الملتقى قدم الشاعر هشام كفارنة قصيدة مطولة بعنوان” وسقت الريح”، يتحدث فيها عن الشام وروحه التي تعلقت بها والشجن الذي يسكنه تجاهها، يقول:
ألا يا شام قد فاضت شجوني، فغضي الطرف عن هذا الجنون
أنا للحب قد أسلمت روحي، فكان لظاه بعضا من ظنوني
حنانك يا شام إذا تمادى، لهيب الشوق مع لفح المجون
ألا يا شام قد فاضت شجوني، فغضي الطرف عفوك عن جنوني.

قد يعجبك ايضا
جديد الكتب والإصدارات