أنيسة عبود مكرمة في “أربعاء الكاتب السوري”.. دمعة وابتسامة!! (نقلاً عن البعث)

لم تخفِ الأديبة أنيسة عبود فرحها بتكريم اتحاد الكتّاب العرب لها من خلال فعالية “أربعاء الكاتب السوري”، مبيّنة أنها عاجزة عن التعبير أمام فيض المشاعر والحب الذي غُمرت به، ورأت أن تكريمها هو أهم وأكبر تكريم لأنه تكريم من قبل اتحاد الكتّاب العرب، كما لم تخفِ دموعها حين قدمت د. ريما دياب دراستها النقدية حول روايتها الجديدة “ساحة مريم”، لأن دياب – برأيها – لامست نقاطاً حساسة في الرواية لا يمكن لأي قارئ الوصول إليها، مبينة أن هذه الرواية أبكتها كثيراً أثناء الكتابة لأن الشخصيات فيها كانت من لحم ودم، وقد تحملت فوق طاقة البشر، موضحة أن أحداث الرواية بشكل عام بشخوصها وأمكنتها ليست حقيقية بالكامل، حيث لا يمكن للروائي أن يحيط بكل ما هو حقيقي وهو يؤرخ بطريقة مختلفة أصدق من المؤرخ برأيها، وإن أضاف من خياله فليقدّم عملاً فنياً يمزج بين الواقع والخيال واللغة والأزمنة المنفتحة، مؤكدة أن الكتابة تحتاج إلى كثير من الألم والدهشة، وأن الرواية تحتاج إلى بحث معمَّق في التاريخ والفلسفة، فروايتها “النعنع البري” على سبيل المثال استهلكت منها سنة كاملة وهي تبحث عن المعلومات حول السفر برلك، وقد فازت بجائزة نجيب محفوظ، موضحة كذلك أن الشعر والقصة والمقالة والرواية كأجناس أدبية مختلفة تنضوي جميعها تحت عنوان الكتابة، وكتابتها الصحفية التي مارستْها وما زالت لم تؤثر على كتابتها الأدبية، بل منحتها زاداً لتتواصل مع الواقع، وأشارت إلى أن الكاتب لديه مشروع ينفذه في كل الأنواع الأدبية ليصل إلى نهاية إنجازه، شرط ألا يفقد الدهشة والجمال،

كما بينت عبود أنها لم تغُص كثيراً في مصطلح النسوية، والسبب أنها كانت تنتمي للمجتمع الريفي المفتوح، فلم تعانِ من تسلّط الذكور، لذلك لم تنجر وراء هذا المصطلح الذي أطلقه الغرب، وقد كان هناك مغالاة فيه – برأيها – ليكون سلّماً تستند عليه بعضُ الكاتبات في وقت كانت عبود مؤمنة بأنه يجب أن يخرجن إلى مواضيع أخرى بعيدة عن الجسد، لتكون لهنّ بصمة، وهذا ما استطاعت أن تثبته الكاتبة السورية بكتاباتها المتقدمة بشهادة الكبار، مؤكدة أنه لا يضر أن تكتب المرأة بخصوصية، وأنها مع الأدب الرفيع سواء كُتِب من قبل رجل أو امرأة، منوهة إلى طفولتها وكيف عاشت في مجتمع ريفي ومع ذلك قرأت “آلام فرتر” وهي في المرحلة الابتدائية وقد ترك هذا الكتاب أثراً كبيراً في نفسها، لتبدأ الكتابة بعد ذلك في سنّ مبكرة لميلها لأن تكون مختلفة، وحين تزوجت في سن مبكرة اشترطت على زوجها متابعة دراستها، وكان لها ما أرادت، وهو من شجعها على متابعة القراءة والكتابة والمشاركة في المسابقات خلال فترة دراستها في الجامعة، وقد أهدت “ساحة مريم” لروحه لأنه كان خيرَ مشجع لها في مسيرتها، معبّرة عن اعتزازها بتجربة التقديم التي خاضتها من خلال التلفزيون لأنها خرجت من تجربة كتابية إلى تجربة شفهية، وقد استضافت في برنامجها العديد من الكتّاب رغم أن الظروف حينها كانت سيئة للغاية بسبب الحرب، ولم تتردد في القول أن بعض الكتّاب حينها خذلوها حين رفضوا المشاركة فيه.

ساحة مريم 

وسردت د. دياب العديد من الأحداث التي تضمّنتها الرواية وهي في مجملها تلخّص ما عاناه السوري من آلام وأوجاع وقسوة الحرب في معظم المحافظات السورية وبحيادية تامة، ولأن كتب التاريخ تزوّر أحياناً الحقائق أرادت أنيسة عبود أن توثّق التاريخ عبر توثيقها للأمكنة وما تحمله من معانٍ عبر سرد ممتع كانت فيه صادقة في توصيف الأحداث كما جرت مبتعدة عن الأسلوب التقليدي في كتابة الرواية. ونوهت دياب إلى أن “ساحة مريم” ليست رواية ولا سيرة ذاتية، بل هي مجموعة أسرار أفصحت عنها الكاتبة في روايتها التي لم تعتمد فيها البناء التقليدي للرواية بعناصرها المختلفة، بل مزجت بين المكان الواقعي والمكان المتخيل، وتداخل فيها عنصر الزمان وعنصر المكان، مسخّرة الأساليب والعناصر الروائية لتوثيق فترة من تاريخ الحرب على سورية، وهنا تكمن أهمية هذه الرواية حيث وثّقت زمناً تاريخياً أليماً أثناء الحرب، فسلّطت الضوء على مآسيها وآثارها على جيل الشباب في جوّ روائي ممتع وفّقت الكاتبة من خلاله في تقديم عمل مُحكَم ومنسجم ومترابط امتاز بنَفَس روائي طويل ينمّ عن عبقرية في سرد الأحداث والتدقيق في أبسط الأمور التي فتحت أمام القارئ متعة التخيل والعيش مع الشخصيات في هذه الرواية التي مثَّلت فترة زمنية كتبتها على شكل مذكرات بطل الرواية حسن، وهو بطل من أبطال الحرب.

ابنة الأرض

وبيَّن د. محمد حوراني رئيس اتحاد العرب أن أنيسة عبود لامست بأعمالها الواقع، وحكت عن الوجع والمعاناة، وأن من يقرأها في رواية “النعنع البري” بالتحديد لا يمكن إلا أن يقول أنها ابنة الأرض السورية، وهي بالرغم من كل الشهرة والجوائز التي حصلتْ عليها ما زالت منحازة للطبقة الفقيرة المهمشة، وتعتز بريفيتها وأصالتها ونقائها، وهي في روايتها “ساحة مريم” سلطت الضوء على الوجع والأمل السوري.

وكانت الكاتبة الأردنية منيرة القهوجي قد مهدت للحوار مع أنيسة عبود، مبينة أنها وأمثالها السوريات حفيدات ملكات سوريات اعتلين عروشاً وقدنَ جيوشاً إلى النصر، مؤكدة أن المرأة السورية قدّمت الكثير عبر تاريخها كما قدّمت سورية الكثير للغرب حين كان غارقاً في التخلف بفضل أبنائها.

يُذكَر أن فعالية “أربعاء الكاتب السوري” يشرف عليها د. ابراهيم زعرور رئيس فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب للاحتفاء بتجارب كتّابنا وتسليط الضوء على نتاجاتهم الإبداعية، وفتح حوار معهم بإدارة الإعلامي ملهم الصالح.

قد يعجبك ايضا
جديد الكتب والإصدارات