الحداثة والتجديد في التراث العربي (نقلاً عن الثورة)

أقامت كلية الآداب والعلوم الإنسانية واتحاد الكتاب العرب والاتحاد العام للحرفيين مؤتمرا بعنوان (الحداثة والتجديد في التراث العربي) يرافقه معرض شامل نوعي لعشرات الحرف التقليدية السورية .. على مدرج البرج التعليمي الجديد في كلية الآداب بجامعة دمشق.
بدأ المؤتمر د.علي دياب استاذ في كلية الآداب ورئيس تحرير مجلة التراث العربي تناول محور التراث العربي ومفهوم الحداثة ونوه إلى أن الحديث عن التراث يعتريه الكثير من الصعوبات والإشكاليات بسبب تمايز فهمهم.
كل أمة تفخر بتراثها الذي يشكل جسرا يربطها بجذورها الضاربة في عمق التاريخ ،لأمتنا العربية تراث يؤهلها لتحتل المكانة اللائقة في مجتمعنا الإنساني إلا أن ذلك لا يتماشى مع حاضرها المتقهقر ..بينما نجد أمما أخرى لا تراث لها لكنها أسست لنفسها ما يتفاخرون به.
بدأ الغرب نهضته انطلاقا عن ما أخذه من العرب ووصل إلى ما وصل إليه.
نجد في عالم اليوم هجوما حاقدا على العرب وتراثهم بقصد إلغائه، منطلقين من مقولات استشرافية غير موضوعية تنظر الى العرب على أنهم بدو رحل قدموا من صحراء نجد ليحتلوا مصر وبلاد الشام والعراق ويصفون هذه الفتوحات بالغزوات..هؤلاء يفتقدون الى الحد الأدنى من المعرفة.
إن التراث شيء والمتوارث شيء آخر ..التراث نأخذه من ماضينا ويشكل لنا قوة .وأما المتوارث الذي يحتوي على الغث والسمين من حقنا أن نرفض الغث ونتمسك بالسمين، ولا يعبر عن أصالتنا، ولا يمثل واقعنا الحالي ولا تطلعاتنا.
أما الدكتور أحمد علي محمد ممثل اتحاد الكتاب وجامعة دمشق بدأ من حيث انتهى الدكتور علي دياب وقال: الإشكالية الأكبر فيما أرى هي ان نقابل بين الحداثة والتراث لأننا إذا أردنا أن نبدأ نقد التراث سنصور أنفسنا حين نقابل بين هذين المفهومين (كمن يجمع الماء والنار في كف واحد)
الحداثة والتراث ثنائية..لكل مفهوم ضده.
والحداثة مرتبطة بالحالة الأوربية لأن هذا المفهوم بدأ يستخدم بعد الثورة الصناعية الأوربية.
الحداثة سمة لمرحلة تاريخية محددة لا تنطبق على أية مرحلة تاريخية أخرى.ونفى الدكتور أحمد علي محمد ان يكون في الشعر الجاهلي او العباسي أو الأموي حداثة وقال: ربما يكون ما نسميه حداثة هو تجديد ، والحداثة تقف مضادة لكل مرحلة سابقة تريد أن تؤسس معرفة جديدة، وقد برز مفهوم الحداثة في المجال الفكري والثقافي والتاريخي للدلالة على بدء مرحلة التطور العلمي . وحسب رأي الدكتور أحمد الحداثة العربية بدأت في بداية النصف الأول من القرن العشرين ،وظهرت شعريا مع الشاعر بدر شاكر السياب في قصيدة التفعيلة.
بينما الدكتور محمد اسماعيل بصل من جامعة تشرين طرح عددا من التساؤلات ..ما المقصود بالحداثة ، هل مصطلح الحداثة نقيض الأصالة ، هل الحداثة هي قطيعة مع التراث ، هل الحداثة صرعة أو موضة أو خروج عن القديم.
إن ما نقصده بمصطلح الحداثة هنا هو الفعل الثقافي المعرفي التوعوي الذي يقوم به فرد او جماعة بالإتكاء على موروث حضاري وفكري متين وحسب، الحداثة برأيه ممتدة بالتاريخ بما هو أعمق وأرحم، وليس كما يذهب إليه الباحثون، الى أن الفعل الحداثي يعود الى القرن الثامن عشر.
نرى أن الحداثة بوصفها فعلا ثقافيا تنويريا تعود الى أشعار أبي تمام والمعري وبشار والمتنبي وأبي نواس.
الحداثة ليست ضد الأصالة بل إن إحداها ترفض الأخرى فلا يجوز أن نبقى مؤطرين بسياج الموروث التقليدي ولا يجوز أن نقفز فوق التراث متغنين بالحداثة الغربية.

قد يعجبك ايضا
جديد الكتب والإصدارات