أدب ما وراء قضبان المحتل الإسرائيلي.. رغم المعاناة الإرادة تنتصر (نقلاً عن الثورة)

الثورة – فاتن دعبول:

بمناسبة ذكرى يوم الأسير الفلسطيني، أقام فرع القنيطرة لاتحاد الكتاب العرب ندوة حملت عنوان” أدب ما وراء القضبان” شارك فيها عدد من الأدباء والأسرى المحررين سواء بالحضور أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك في قاعة محاضرات اتحاد الكتاب العرب، وأدارت الندوة الأديبة سمر تغلبي.
وعن أهمية الاهتمام بأدب الأسرى بين د.محمد الحوراني رئيس اتحاد الكتاب العرب أن اهتمام الاتحاد بقضية الأسرى يعني قبل شيء الاهتمام بالفعل المقاوم، فلا يمكن التخلي عن الأسير عندما يصبح في سجون الاحتلال الصهيوني، بل يجب القيام برعاية عائلته والاهتمام بأدبه أو منتجه الفني وثقافته، وجزء من هذا العمل يقوم به الاتحاد، وهو طباعة الكتب التي يقدمها الأدباء، وهذا ما درج عليه الاتحاد، فقد تمت طباعة كتابين لاثنين من الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال.

وأضاف: الندوة التي تقام في الاتحاد تؤكد على عمق العلاقة ما بين القضية الفلسطينية والقضية السورية” الجولان”، فثمة تماه لهاتين القضيتين، وبالتالي فهذا العمل يكرس الفعل المقاوم بمجالاته كافة.
وفي تقديمها للندوة توقفت الأديبة سمر تغلبي عند أهمية نضالات الأسرى وما ينتجونه من أدب صادق وحقيقي، وتقول”كلماتهم لا تكون إلا حرة، حتى لو ولدت خلف القضبان، هم أحرار ما داموا يملكون فكرا حرا وكلمة حرة، فأجسادهم خلف القضبان وأيديهم في القيد، لكنهم أحرار أكثر من أناس أعطوا السجان حق تكبيل فكرهم، ورسم حدود كلماتهم مقابل حرية أجسادهم.
ولأنه ليس من سمع كمن رأى، نراهم يكتبون حقيقة الوجع، كتبوا عن السجن والسجان، وعن الحياة والحب، وكتبوا عن الغد المأمول والواقع المعاش، كتبوا لأنهم يحيون بأرواحهم وأفكارهم حياة كاملة، ينتصرون بها على سجانيهم الذين يتفننون بأنواع التعذيب والتنكيل.

متسلحون بالإيمان وقضيتنا العادلة..

وفي كلمة الأسير كميل أبو حنيش، والتي قرأها بالنيابة توفيق أحمد عضو مكتب تنفيذي، يلخص فيها أدب السجون الخاص بالأسرى الفلسطينيين، يقول: إننا ونحن نكتب أدبا من قلب السجن، فنحن لا نسجل معاناتنا وما نواجهه من شتى صنوف القهر والتعذيب وحسب، وإنما نعتبر الأدب المقاوم، جزءا لا يتجزأ من معركتنا التحررية التي يتعين علينا ان نحسن خوضها على كافة الأصعدة والميادين، ومنها الميدان الثقافي.
ويضيف: في قلب المعركة المحتدمة بين الأسير وإدارة السجان المدججة بأسلحة الكراهية والقمع، يختبر الأسير قواه وعزيمته وصبره، وعندما يكتب فإن كتابته ينبغي أن تكون مقاومة بالضرورة، تشحذ الأمل، فلا خيار إلا ان تكون شامخا ومبشرا بالانتصار، ورافعا لواء التحدي والكبرياء الثوري.

الوحدة الميدانية والوطنية..

وتحدث الأسير أحمد أبو سعود عن حجم المعاناة في سجون الاحتلال، وخصوصا فيما يخص رغبة الأسير في الكتابة، ولكن بالإصرار والإرادة استطاع الأسرى أن يحصلوا على الكتب، وتعلم الكثير منهم بعد أن كانوا أميين، كما عمل الأسرى على تأسيس مجلة وطنية في كل سجن، إلى جانب مجلات فصائلية خاصة.
وباعتبار أن الأسرى” الفلسطينيين والعرب” يمثلون فئات الشعب ومنهم الفلاح والعامل والمهندس والطبيب، ما ساعد على تحويل غرف السجن إلى قاعات للدراسة بكل تفاصيلها، ما أدى إلى تراكم معرفي في مجالات التاريخ واللغة وقواعد اللغة العربية، واستطاع الأسرى أن يحصلوا على الكثير من مطالبهم ولكن بصعوبة بالغة.
وأضاف: كنا ندرك أهمية العلم في نضالنا ضد الاحتلال، ودور الأسرى في دفع عجلة المقاومة وزيادة الاهتمام بالوعي والثقافة، ووثيقة الأسرى مثال صارخ على دور الأسرى بالحركة الوطنية.

تواجه سجانها..

وفي حكاياته المترعة بالوجع، تحدث الناقد عمر محمد جمعة عن معاناة السجينات في سجون الاحتلال ومنهن” أم مسعود، وفاطمة الزق” مستعرضا معاناة الولادة في السجون الإسرائيلية، ويقول: لقد أفردت المدونات وكتب التأريخ مساحة واسعة لأدب السجون والمعتقلات الصهيونية، والذي بات اليوم وسيلة ناجعة في مقاومة غطرسة الاحتلال، وقد فضحت الكثير من الروايات الإجراءات التعسفية والأحكام الجائرة والممارسات الإجرامية بحق آلاف السجناء والمعتقلين والموقوفين في الزنازين الصهيونية، وبيان بطولات هؤلاء السجناء وصمودهم الأسطوري في مواجهة هذه الاعتداءات.
ومن هذه الروايات” ورود برائحة الدم” للأسير عبد الله البرغوتي، وتحكي عن معاناة الأسيرات داخل سجون الاحتلال، ورواية” ستائر العتمة” للأسير وليد الهودلي، ويروي فيها عن تجربة التحقيق والاعتقال وظروف السجن، وأيضا هناك رواية” شمس الأرض” للكاتب علي جرادات، والعديد من الروايات التي تحكي في السياق نفسه.
ويضيف: هذه الروايات المكتوبة بالدم والرهبة وعتمة القضبان، تتحدى السجان وتحاصره، تصدأ أبواب الزنازين دون أن يتزعزع إيمانها ويقينها المطلق بالنصر، هي حكايات تبشر بالأمل والحرية، المعادل الحقيقي للفعل المقاوم بالرصاصة والبندقية.

إبداع يحكي الحقيقة..

وعبر اتصال مرئي من نابلس، قدم الناقد الفلسطيني رائد حواري مداخلة حملت عنوان”الآخر الإيجابي في رواية الأسرى الفلسطينيين”، تحدث حواري عن بعض الروايات التي تحكي عن التعذيب والاعتقال داخل السجن، ومن هذه الروايات “المفاتيح تدور في الأقفال” للكاتب علي الخليلي، وترمز إلى التجربة اليومية التي يمر بها المعتقلون الفلسطينيون داخل السجون، ورواية “المحاصرون” للكاتب فيصل حوراني وتتحدث عن أحداث أيلول الأسود في الأردن.
وكتبت عائشة عودة” أحلام بالحرية” وفيها تعيد تجربتها الاعتقالية بأسلوب أدبي روائي متوهج يستطيع أن يأسر القارىء لمتابعة أدق تفاصيل الاعتقال، والكثير من الروايات التي كان لها الأصداء الكبيرة، لأنها روايات متقنة كتبت بشكل متألق وإبداع كبير، تتنوع فيها الأشياء الفنية على صعيد الشكل واللغة وقدرة الراوي على تصوير المشاهد التي مروا بها، وهم في ذلك يقولون الحقيقة، والحقيقة فقط.

قد يعجبك ايضا
جديد الكتب والإصدارات