الشعر والقصة وباقة ورد متنوعة الألوان (نقلاً عن الثورة)

الثورة – رفاه الدروبي:
كانت باقة ورد مُتنوِّعة الألوان حملت في برهة من الزمن قصصاً وقصائد شعرية مليئة بالشذى، ففاح عطرها ألقاً بين جمهور أمسية أدبية منظَّمة في فرع دمشق لاتحاد الكتَّاب العرب، بمشاركة الشعراء: علي الدندح، رسلان عودة، نجوى هدبة، نور الموصلي، أيمن الحسن، وحضور رئيس فرع الاتحاد الدكتور إبراهيم زعرور وقادة الرأي في الأدب والشعر.
الشاعر الدندح رأى بأنَّ الأمسية قدَّمت أسماء قطعت شوطاً في التجريب، وأخرى تبحث عن مكان لها، لافتاً إلى أنَّ القصائد لم تذهب بعيداً عن الشارع بل كانت قريبة منه وذات ارتدادات على المستويين: العربي في غزة والوضع المعيشي والاجتماعي، مُبيِّناً بأنَّ الشاعر لسان حال الواقع والمجتمع وألقى عدة قصائد وقصص من مجموعته “البرتقال الأسود” قصيدة عنوانها “بطاقة حزن لرحيل استثنائي” فأنشد يقول:
من أين ينبع اسمك
من أشجار النخيل حول بيتك البعيد
أم من ينابيع وادي الفرات؟
ناصر، ويجهش بالبكاء
الماء
يحرث الحروف خارج النهر
لتنضجَ الثمار والأفكار
المواويل العتيقة كي يحفر للفرات
مجرى آخر..
كما أتبعه القاص رسلان عودة بقصة عنوانها “غاب نهار آخر” طرق فيها بابَ حدثٍ كتبه عن الاجتياح “الصهيوني” على غزة عام ٢٠٠٩، فالتاريخ يعيد نفسه الآن بشكل أعنف حيث يُوثِّق الأديب الحالة لأنَّ للأدب دوراً كبيراً فيه.
ثم تناولت الشاعرة والقاصة نور الموصلي قصة قصيرة وقصيدة مُتنوِّعة بين الشعر والقصة للمساهمة في مواكبة حركة الأدب عموماً في القطر ورفع مستوى الشعر والقصة وإضفاء حركة جديدة على المستوى الأدبي وتسليط الضوء على عدة جوانب لقضايا إنسانية واجتماعية عامة في غزة والوطن العربي، مُعتبرةً الكلمة سلاح الأديب في كلِّ زمان ومكان فتقول في قصيدة “سأدخل النار”:
سأدخلُ النارَ إنِّي بنتُ أوزاري
وأمُّ شعري وبهتاني وأفكاري
سأستريحُ على جمرٍ أهدهده
أشكو وأحكي لأهلِ النارِ عن ناري
أقصُّ أخطائي الكبرى بلا وجلٍ
وأستفيضُ بآثامي وأسراري
حملتني من خطايا الأرض أجملها
يا حبّ فامثلت للذنب أسفاري
كفرت بالناس لم أتبع قطيعهمُ
خرجت أبحثُ تحتَ الشمسِ عن غاري
سجدت سجدة موسيقا وغبت بها
أصغيت للوحي في ناي وأوتار
كتبت حتى ظننت الحرفَ فرض هوى
علي والشعر تسبيحي وأذكاري
أقمت حيثُ أقامَ العشقُ لا جهة
في الدير، في جحر محي الدين، في البار..
ثم أنشدت الشاعرة نجوى هدبة قصيدة جاء فيها:
أكتب كثيراً
تمتلئُ ذاكرتي بأعشاش الدبابير
تقرصُني كلما نبتت لي فكرة جديدة
وأعوذ من الألم
سجدة واحدة
سجدة واحدة أنطوي على كتفيَّ
ينوسُ الدفء
تخرّ السماء
وينكسر المسرى..
الأديب أيمن الحسن شارك في الأمسية وأدار دفَّة الحديث، مُبيِّناً أنَّ النشاط الثقافي متلازم مع حدث كبير مؤلم في غزة فالشعب الفلسطيني قدَّم الكثير من التضحيات ومازال يروي أرض وطنه بالدماء إثر عملية “طوفان الأقصى” أيقونة المقاومة، وتركَّز محور الأمسية حولها باعتبارها حدث يفرض نفسه كي يكون الأدباء والشعراء بمستواها الجلل.
إنَّهم يمتلكون القلم يكتبون بما يليق من بطولات كبيرة في الأراضي المحتلة حيث قرأ قصة عنوانها “الذئب الثاني” تتحدَّث عن المقاومة وبأنَّها لا تكون بالسلاح فحسب وإنَّما من خلال الاجتهاد في العلم والكفاح بحمل نواصيه.
بينما تناولت آراء الحضور من الأدباء والشعراء بأنَّ بعض المشاركين ركَّزوا بالاشتغال على المشهدية ووسَّعوا الدائرة، مُركِّزين على التفاصيل وتفاصيلها ففي زحمة الصوت العالي يضيع الجمال وتمتلك كل النصوص الشيء ذاته، كما استخدم البعض الانزياح اللغوي في الكلمات لنصوص اعتمدت على الدهشة، بينما حافظ الشعراء على اللغة السردية والإدهاش في الخاتمة كما فعل أيمن الحسن بحيث يأخذك في طريق لتكتشف أنَّه في شارع آخر والملتقي بحاجة إلى وقت كي يملأ الفراغات، ورأوا بأنَّ بعضهم الآخر قدَّم مشهداً جميلاً في البنية والتحليل، لافتين إلى طول النص في أحيان وحاجته لإعادة قراءة مرة أخرى، مُسلِّطين الضوء على الجانب الإنساني في طرحهم للقضية الفلسطينية بينما في لبِّها سارت وفق بيان سردي متكامل الرؤى.

قد يعجبك ايضا
جديد الكتب والإصدارات