اتحاد الكتاب العرب مع طلاب القنيطرة «الجولان في عيون السينما والأدب» … ملص لـ«الوطن»: من الممتع الالتقاء بطلاب القنيطرة … د. حوراني لـ«الوطن» لابد من تنبيه جيل الشباب إلى تزييف الوعي (نقلاً عن الوطن)

نطلاقاً من حقيقة أن الجولان حي في ضمائرنا ولأن أبناءه يتمسكون بالهوية العربية ويرفضون القرار الصهيوني بضم الجولان، كان لا بد من التأكيد على أهمية تجديد الوعي الوطني في جيل الشباب لتجسيد قضية الجولان في أذهانهم حتى يعود الجولان عربي اليد والوجه واللسان، وعليه فقد أقام صباح الخميس اتحاد الكتاب العرب بالتعاون مع الاتحاد الوطني لطلبة سورية (فرع القنيطرة) فعالية تحت عنوان (الجولان بين السينما والرواية) وقد تضمنت عرض فيلم (القنيطرة ٧٤) وتبعه حوار مفتوح بين مخرجه السينمائي محمد ملص والطلبة وتوقيع روايته (إعلانات عن مدينة كانت تعيش قبل الحرب) في طبعته الثانية ومعرض للكتاب، وذلك في كلية التربية الرابعة في القنيطرة بمدينة البعث.

لقاء ممتع

في تصريح خاص لـ«الوطن» شدد المخرج السينمائي محمد ملص على أنه خلال مسيرته الإبداعية لم يشغله شيء أكثر مما كانت تشغله القنيطرة، فهواء هذه المدينة عجيب والحب الذي تتصف به عجيب وهو ما يجعل أحدنا مسروقاً من الحياة إليها، ولا سيما أنه في فترة الشباب عاد إلى المدرسة التي كان تلميذاً فيها ذات يوم ليجد نفسه مدرّساً وهو ما ساعده على استعادة كثير مما عاشه في طفولته.

كما نوه ملص بأنه من الممتع لقاء الطلاب وأبناء القنيطرة والجولان وجيل الشباب اليوم بعد مسيرة سينمائية وإبداعية طويلة مما يتيح له التحدث عن تجربة أدبية أو سينمائية، ونظراً لضيق الوقت والعدد الكبير لجأنا إلى عرض فيلم القنيطرة ٧٤ التوثيقي القصير «٢٠ دقيقة» بمناسبة صدور الطبعة الجديدة من رواية «إعلانات عن مدينة كانت تعيش قبل الحرب»، ولعل هذه المنطقة تعيد طرح نفسها على كل سينمائي ومبدع من أجل التفكير بأنها مهملة ومنسية ولا بد من إعادة التذكير بحياة هذه المدينة.

وأردف ملص أنه بعد تجربة القنيطرة ٧٤ وجد نفسه عائداً إليها مع بداية التسعينيات ليحاول على مدار ثلاث سنوات عبر الصورة أن يستعيد أماكن متنوعة من القنيطرة ليصور فيلماً عن هذه المنطقة أو المدينة وعن ذاكرته حولها بفيلم أسماه «الليل» والذي يتمنى أن تتيح الفرصة لهؤلاء الطلاب أن يحضروه في وقت لاحق.

محاولات للتهميش والتزييف

فيما كان لـ(الوطن) كلمة مع رئيس اتحاد الكتاب العرب د. محمد حوراني الذي أفاد بأن أهمية هذا الحدث تأتي من كونه محاولة أو رغبة حقيقية من الاتحاد بأن يكون الفعل الثقافي حاضراً بقوة في القنيطرة ولا سيما لدى الأطفال والطلاب، فهناك محاولة يقوم بها العدو الصهيوني سواء من خلال وسائل إعلامه أم وسائل التواصل الاجتماعي وأيضاً ما يقوم به على الأرض لتزييف المواقع وكل ما يتعلق بالقنيطرة، ولذلك يعد عرض فيلم القنيطرة ٧٤ ذا أهمية كبيرة.

وعن سبب طباعة الرواية في الاتحاد بين الدكتور حوراني أن الرواية تحمل في طياتها كثير من المعاني والدلالات، وكذلك يوثق في بدايتها محمد ملص مقولة كسنجر الخطيرة التي تحدثت عنها صحيفة الديار اللبنانية والتي مفادها أن كسنجر كان يحفظ أدق التفاصيل فيما يتعلق بمحافظة القنيطرة، بمعنى آخر أنه ربما كان يحفظ عدد الأماكن والبيوت والحارات بل ربما حفظ أيضاً كل شخص كان يوجد في هذا البيت أو ذاك، ولعل هذا التقديم المهم جداً يعتبر صرخة لنا جميعاً بمعنى إذا كان العدو يعرف عنا كل تلك التفاصيل فماذا علينا نحن أن نفعل وكيف يجب أن نكون؟

سينمائي عظيم

كما أكد د. حوراني ضرورة التمسك بالأرض وعدم قبول الخروج منها والتنازل عنها تحت أي ضغط أو ظرف، وعلى أنه لا يخفى على معظمنا محاولات العدو والكيان الغاشم المستمرة والمتكررة المحمومة لكيّ معارفنا ولتزييف الوعي وسرقة كل ما له علاقة بتراثنا وبتاريخنا.

وقال رئيس الاتحاد أيضاً: عندما نتحدث عن محمد ملص فإننا نتحدث عن روائي وسينمائي ومخرج عظيم من أوائل الشخصيات التي وثقت هذه الأمور سواء من خلال الكتابة أم من خلال السرد واليوم يتكرم ملص بالموافقة مشكوراً على طباعة نسخة جديدة من روايته (إعلانات عن مدينة كانت تعيش قبل الحرب) التي صدرت عام ١٩٧٤ ولكن لم يتم تسليط الضوء عليها كما ينبغي والتي كتبها في البدايات الأولى لاحتلال القنيطرة والجولان بحيث أنه كان سباقاً لتثبيت هذه المسألة وتعزيز الوعي عند أبنائنا.

وفي ختام حديثه شدد د. حوراني على أن الاتحاد أحد أهم منابع الثقافة التي يجب أن تعرف الجيل بتاريخ بلدهم ولا بد أن يضع بين أيديهم وثائق وأدلة على تجاوزات الكيان الإسرائيلي وانتهاكاته.

ذاكرة جيل

عضو المكتب التنفيذي لاتحاد طلبة سورية عمر جباعي أخبر «الوطن» بأن هذه الفعالية ليست الأولى من نوعها ولكن سبقها العديد من الفعاليات السابقة وسيتبعها بالطبع الكثير الكثير، وهي تقوم على ربط الماضي بالحاضر لأن هذا الجيل يحمل ذاكرة ولا يمكن أن ينسى ما عاناه الوطن من استعمار واحتلال وبقي متشبثاً بمقاعد الدراسة خلال أعوام كثيرة من الإرهاب، فذلك يؤكد أن الجيل لن ينسى الجولان برغم جميع المحاولات المستمرة التي لا يكل منها العدو الإسرائيلي لتهميش قضيتنا الرئيسية.

وتابع: لا جديد يذكر فيما يخص جيش العدو الذي عودنا على الانتهاكات والتجاوزات الذي واجهته الكثير من الوقفات الاحتجاجية والتضامنية داخل وخارج الوطن بوقفات نصرة لأهلنا في غزة والقدس وفلسطين كلها، فهي مورثات موجودة أساساً لدى الشاب السوري وهذه المورثات لم تأتِ من فراغ وإنما من الأسرة والأكاديميات التعليمية والمكون الجغرافي والاجتماعي الذي يذكرنا دائماً أننا لن ننسى الجولان ولن ننسى القنيطرة، ونحن نتوجه للطلبة والشباب لأنهم أحد أهم فئات ومكونات المجتمع وهم أهل العزيمة ولا بد أن نعول عليهم وربما ليكونوا قدوة لغيرهم.

ولفت جباعي إلى أن وجود الكبار بين الطلاب الذين بالأساس هم أبناء هذه الأرض ممن كانوا موهوبين في بدايات الشباب وباتوا اليوم من أعلام وعظماء هذا الوطن لا بد أن يكون محفزاً ودافعاً لهم ربما ليكونوا كباراً أيضاً ويسهموا بنقل التاريخ وتوثيق المشهد، والاتحاد مدرسة لا يعلم فقط المواد الدراسية والمناهج التربوية بل الكثير من الثقافة والفن والفكر والأدب ما يغني ثقافتهم ومعارفهم.

قضية محورية

وقد أشار عميد كلية الحقوق الثالثة في القنيطرة د. عيسى الديب إلى أن فيلم (القنيطرة٧٤) يجسد رسائل المعاناة التي عاشها أهل القنيطرة أثناء تهجيرهم من الكيان الصهيوني عقب نكسة ١٩٦٧، وكذلك يحمل الفيلم العديد من مشاعر الحنين، كما ركز على الهوية السورية لأهل الجولان وعدم نسيانهم لوطنهم.

ليختم بأن طلبة التربية اليوم والحقوق وكل طلاب الجامعات بلقائهم بالمخرج محمد ملص ومتابعة فلمه هذا على مدرج كلية التربية الرابعة في القنيطرة على درجة عالية من الأهمية لما فيه من تأكيد على عدم نسياننا لهذه القضية المحورية والمركزية التي تعني لنا الكثير فنحن من خلال تلك الأعمال والإبداعات نؤكد على أن جولاننا لنا وعائد لا محالة عاجلاً أم آجلاً إلى الحضن السوري.

مصعب أيوب

قد يعجبك ايضا
جديد الكتب والإصدارات