هل من خلاف بين المفهومين الواقعي والعقلي في الدين؟ … د. عبد الحسين: كل ما حولنا ويصلنا يجب أن يخضع للنقد (نقلاً عن الوطن)

كيف السبيل لقراءة النصوص الدينية؟ هل المرأة ناقصة عقل ودين؟ وهل الفتوى ضرورية؟ من هو المؤمن ومن هو غير المؤمن؟! محاور جريئة ومناظرات مختلفة ما بين الفقيه أحمد الحسيني البغدادي والدكتور عبد الحسين شعبان عما تطرق إليه الأخير في كتابه الصادر عن مركز دراسات الوحدة العربية تحت عنوان «دين العقل وفقه الواقع» اختص في الدين والتدين وكل من الواقع والعلم والقانون والعقل وهو ما أفرد له اتحاد الكتّاب العرب ندوة خاصة في مقر الاتحاد بدمشق ظهر أمس عند الساعة الواحدة والتي أدارها الدكتور جهاد بكفلوني.

استهل مدير الندوة حديثه بالترحيب بالرفيق مهدي دخل الله عضو القيادة المركزية لحزب البعث والدكتور محمد الحوراني رئيس اتحاد الكتّاب العرب بدمشق وبالحضور جميعهم وبالتعريف بالمحاورين وهم الدكتور بسام أبو عبد الله الباحث في القضايا الإستراتيجية والدكتور جورج جبور الرئيس الفخري للرابطة السورية للأمم المتحدة والأستاذ أحمد نزول نائب الأمين العام لاتحاد الكتّاب اللبنانيين والدكتور عمر زين الأمين العام السابق لاتحاد المحامين العرب.

وفي كلمته التي أضافها الدكتور محمد الحوراني مرحباً بالأستاذ عبد الحسين شعبان يقول إنه يتكلم عن الثقافة الجامعة وعن العروبة النقية التي تجمع أبناء الوطن على اختلاف طوائفهم وأديانهم وأعراقهم، ففي كتابه هذا تحدث لنا عن الصفات التي يجب علينا التحلي بها جميعاً والتحلي بها من خلال الأديان والأقليات والمشتركات ولا بد أن نعمل بها.

شؤون حساسة

وأشار الدكتور أحمد نزال إلى أن الإشكاليات التي طرحها الكاتب جوهرية ومهمة جداً لأنها تأخذ طابع النقاش، مؤكداً أن العقل أساس الدين وأنه لا دين إذا ما تعارض مع العقل فالكتاب يرصد الطائفية بكل أشكالها وكذلك فقد تطرق إلى موضوعات شائكة منها المرأة والمرتد والردة والعصمة وقضايا الهوية؛ والكتاب أيضاً ناقش الثوابت والإسقاطات الدينية التي استمرت قروناً كثيرة كان لا بد من محاكاتها بالعقل من خلال الدعوة للانطلاق إلى فضاءات جديدة في ضوء تعزيز الهوية الثقافية والحضارية فلا يمكن للفرد أن يرفض كل ما يأتيه ولا أن يقبله جملة واحدة بالانقياد لضوابط معينة وإنما لا بد من تحكيم العقل.

العراق بلد المفكرين

في كلمته الدكتور جورج جبور يوضح أن كتاب «دين العقل وفقه الواقع» دليل المناقشة الهادفة، مؤكداً أن النجف خصوصاً والعراق عموماً هي منبع المفكرين والمناقشات الفكرية حيث إن الكتاب الذي بين أيدينا إنما هو حوار بين شخصين متناظرين يحترم كل منهما الآخر ويكن له كل الحب والإجلال وهما الدكتور عبد الحسين شعبان الذي يناقش ولا يمل ويناقش ولا يقطع النقاش ويطيل الاستماع ويحافظ على العلاقة الطيبة بينه وبين الآخر، فهو يتحاور مع فقيه تربطه له صلة الحوار والجوار والقرابة على اختلافهم في العقيدة الفكرية هو الفقيه أحمد الحسين البغدادي، وتطرق جبور إلى بعض التجارب الشخصية التي تثبت دقة وموضوعية ما ورد في كتاب شعبان ففيه ثمة شيء يريد أن يفرض نفسه علينا، وبالنهاية لا بد لنا من البحث على ما يوحدنا وليس ما يفرقنا.

مزج العقل بالحوار

ويضيف الدكتور بسام أبو عبد الله: إن ما جذبه للكتاب هو مقدمته، مركزاً على أهم القضايا التي تناولها مستعرضا ذلك في نقاط متعددة منها أن الكتاب ليس علمانياً وليس ضد المتدينين حيث إننا شعوب مؤمنة بطبيعة الأحوال ومن الممكن أن تختلف درجات الإيمان ولكن جميعنا محافظين وليس بيننا ملحدون والكتاب لا يدعو للإلحاد، كما أشار إلى أنه لا بد من توافر قضايا ثلاث مهمة لمواكبة التطور الحاصل وهي المعرفة والمعلومة والحكمة، وأن الحوار من أهم ما تطرق الكتاب إليه فهو يكشف مكنونات الإنسان، كما أنه من المميز أيضاً أن الكتاب عرض فكرة الإصلاح الجماعي حيث إن العمل الفردي لا يمكنه العودة بالمنفعة على جموع كبيرة حيث إنه لا تجديد من دون اجتهاد، كما أشاد أيضاً بأن فكرة التدين ومظاهره زادت ولكن السلوكيات وأخلاقيات الأفراد لم تتحسن، وأشار أبو عبد الله إلى أن أهم ما يتضمنه الكتاب هو ترسيخ تجديد الفكر الديني عبر استخدام الفعل والمنطق وهو الأمر الذي حثنا عليه السيد الرئيس بشار الأسد في كثير من خطاباته في سبيل ما تسعى إليه سورية لتنظيفها من قذارات الإرهاب.

كتاب موسوعي لمفكر موسوعي

وفي قراءة عمر زين التي قرأها الدكتور جهاد بكفلوني يقدّم قراءة للكتاب بعنوان «كتاب موسوعي لمفكّر موسوعي» استعرض من خلالها تعريفاً مختصراً للكتاب وفصوله، مشيراً إلى أن الكتاب أمعن النظر في موضوعات ظل التطرق لها أمراً شائكاً لفترات طويلة، وأشار إلى أن شعبان في كتاباته عامة تطرق إلى المسكوت عنه أو المهمل أو الخطير الذي لا يريد أحد الاقتراب منه، كما أضاف: إن الكاتب وجه النقد لمن يعرفون باسم رجال الدين، معتبراً أن لا وجود لهؤلاء إذ إن الإنسان ليس بحاجة للوسطاء بينه وبين خالقه حيث إنهم بشر مثلنا مثلهم ويخطئون ويصيبون.

ويعتبر زين أن الكتاب المطروح إضافة مهمة للمكتبة العربية، داعياً المفكرين والباحثين للاستئناس به والاستفادة من أطروحاته فمن خلاله يثبت شعبان أنه ضليع في الفكر الديني إضافة لبراعته في الفكر الماركسي.

التسامح وتقبل الآخر

من جانبه يعتبر الدكتور عبد الحسين شعبان أن كل ما حولنا يجب أن يخضع للمناقشة والنقد سواء مؤسسات أم سلطات أم أخلاقيات أم موروثات وكذلك المعارف والقوانين وحتى لو كان هذا النقد خروجاً عن المسلمات والبدهيات لطالما هذا البحث في سبيل الوصول للحقيقة وهو الأمر الذي يتطلب الانفتاح والاستعداد الفكري لتقبل الآخر بما ينسجم مع التطور الذي نشهده،فالحكمة كما يصف شعبان هي معرفة الناس والرسالة الأولى تقبل الاختلاف والتسامح الذي يعد قواعد قانونية تنظم علاقات الناس بعضهم بعضاً، وموضوعات أخرى على اختلافها استعرضها الكتاب في طياته الذي استغرق إنجازه قرابة العام ونصف العام بين مناقشات وحوارات وتواصل ربما شخصي وربما إلكتروني بينه وبين الفقيه البغدادي.

يذكر أن شعبان من مواليد مدينة النجف العراقية وحاصل على دكتوراه في العلوم السياسية وله العديد من المؤلفات منها «الهوية والمواطنة» «جدل الهويات في العراق» «عاصفة على بلاد الشمس» «الحق والحرف والإنسان».

قد يعجبك ايضا
جديد الكتب والإصدارات