مغامرة مسرح اتحاد الكتاب :عالم مفعم بالجنون والحاجة إلى استثمار أمثل! (نقلاً عن بوابة الشرق الاوسط الجديدة)
شكل العرض الذي شهدته خشبة مسرح الحمراء بدمشق مؤخراً لفرقة اتحاد الكتاب العرب المسرحية خطوة منهجية على صعيد المشروع الثقافي الذي يسعى اتحاد الكتاب العرب إلى إظهاره عملياً بعد المؤتمر العام الذي انعقد في مطلع العام، وفي هذا المشروع خطوات لافتة أقدم عليها الاتحاد على صعيد الكاتب والكتاب وعمل الهيئات وتوسيع دائرة الموارد وحصرها وتنظيمها .
ومن هذه الخطوات نقل النص المسرحي، في نشاط جمعية المسرح إلى الخشبة، وهذه مسألة تحتاج إلى تظافر جهود أخرى يمكن أن تساهم بها وزارة الثقافة وجهات ممولة أخرى.
وعلى الرغم من صعوبة تمويل فرقة مسرحية لتقدم عروضاً متنقلة على خشبات المسارح السورية، فإن الخطوة /المغامرة فرضت نفسها، وحازت على اهتمام الكثيرين مع العرضين المتتالين لمسرحية عالم مفعم بالجنون تأليف وإخراج الدكتور محمد بصل على خشبة مسرح الحمراء بدمشق وقبلها في اللاذقية، ومسرحية ليلة أخيرة للكاتب والمخرج محد الحفري التي عرضت في مهرجان المونودراما في حماه بعد أن قدمت عرضها في دمشق .
وفي لقاء تلفزيوني جمع الدكتور محمد الحوراني رئيس اتحاد الكتاب العرب والمخرج الكاتب الدكتور محمد إسماعيل بصل في برنامج موزاييك على الفضائية السورية طرحت المسألة بكل تفاصيلها وأبعادها وأعلن الدكتور الحوراني عن خطوة يجري الإعداد لها لتضيف إلى هاتين الخطوتين قفزة جديدة.
تتحدث مسرحية عالم مفعم بالجنون عن صراع بين أيديولوجيتين مختلفتين ، وعلى نحو أدق صراع بين الفكر التنويري والفكر الظلامي المتخلف، ويجري هذا الصراع ضمن آلية درامية استوعبتها الخشبة وتلقف الجمهور معناها.
الإمكانات المتواضعة التي تمتلكها فرقة اللاذقية لاتحاد الكتاب العرب لم تحل دون تقديم عرض متميز في مضمونه على خشبة مسرح الحمراء استخدمت فيها أدوات مسرحية تناسب العرض من بينها لعبة خيال الظل.
تم نقل الصراع على الخشبة في مشهدية مثيرة للانتباه وإن احتاجت إلى مزيد من العناية بالإكسسوارات وانتقاء الممثلين الهواة ، وهذه النقطة يفترض الوقوف عندها لأن أكثر ما يضر المهمة الفنية والمسرحية والثقافية بشكل عام هو التراخي في مسألة الصيغة المنجزة فيها، فتقل أهمية المنجز، حتى لو كان النوايا سليمة.
وإذا كان تصريح الدكتور محمد بصل بأن المسرحية استطاعت تحقيق المعادلة الموضوعية في المسرح وهي المضمون الفكري والفرجة البصرية وان أداء الممثلين كان مميزا على الرغم من أن معظمهم من فئة الشباب، فإن ثمة ملاحظة أساسية تتعلق بالاستثمار الأمثل لهذه الإمكانات بدءا من الإكسسوارات ووصولا إلى أزياء الممثل و تدريب الفرقة الراقصة التي واكبت العرض في بعض المشاهد، ويعود هذا النقص إلى أن المشروع في بدايته، والإمكانات المتوفرة لاتستطيع حمل هذا النوع من الاستثمار.
وقد رافقتُ كواليس المسرحية في العرض الثاني، وشاهدت بأم عيني جهود الدكتور محمد بصل حتى بقيامه بعمل الماكيير في تلوين الوجوه بالألوان المائية، وهي خطوة يشكر عليها، ويشكر كل المشاركين فيها ، لكن الطموح يرتقي في نص كهذا إلى مغامرة إنتاجية من نوع آخر كان يمكن أن تتظافر فيها جهود اتحاد الكتاب مع مديرية المسارح طالما اتفقا على التعاون للشروع في هذا المشروع الفني .