في رحاب “صمت الظل”.. للشاعرة مديحة باراوي (نقلاً عن الثورة)
الثورة – فاتن دعبول:
شاعرة واعدة من مدينة الجمال منبت الياسمين حملت غصص الغربة وذاقت لوعة البعد والحرمان، فكان مخاض معاناتها ولادة مجموعة شعرية ترفل بالدمسق، وتنعم بدفء الهمس بشفافية الإبحار والغوص في ذاكرة الحواس ببصمة وأسلوب تفرد بعيدا عن الوصايا الأبوية لتخرج دررها من محار الكتمان إلى شواطئ سحرية ترسو على مراكب الزمان.. بهذه الكلمات قدمت الدكتورة نجاح باراوي لديوان صمت الظل للشاعرة مديحة باراوي الذي احتفى بحفل توقيعه فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب.
وبين د. إبراهيم زعرور أنه رغم ما تعاني منه البلاد من ضغوط اقتصادية واجتماعية، لكنه في كل مرة تنتصر إرادة الحياة، وفي هذا البيت الثقافي الذي يستقطب شرائح مختلفة من صناع الثقافة والمعرفة نجد كيف تورق الآمال ويزهر المستقبل في قلوب الشباب، ما يؤكد أن محاولات الغزاة تتحطم جميعها على صخور الإصرار والعزيمة والإيمان بالنصر.
ويتوقف الشاعر توفيق أحمد عند تجربة الشاعرة باراوي بالقول بأن ديوان” صمت الظل” يتميز بوجود أقانين وعناوين في غاية الأهمية، فرغم أن الشاعرة تعيش في بلد أوروبي لكنها كأنها تعيش في بلدها دمشق، ودمشق تسكن روحها بكل تفاصيلها، وهذا ما باحت به قصائدها بإمكانات شعرية عالية استطاعت من خلالها أن توائم بين شكلين من القصيدة، قصيدة العمود بحرفية، وقصيدة النثر بشفافية وجمال لافت.
– محنة الصمت..
وفي قراءته للمجموعة الشعرية” صمت الظل” بين الشاعر منير خلف أن مقوّمي الصمت والظل الذكوريين لم يأتيا عبثا ليتكىء عليهما صوت مديحة الأنثوي وهي ترى في محنتيها الصامتتين لآلىء من دفء المعاني وهي تفتح أمام قريحتها الباراوية منح كلام يحاول أن يكون مصفى مثل دمع العنب أو نسيم الهيام.
وتوقف بدوره عند بعض القصائد بشيء من التحليل وميز بين قصائدها العمودية وقصائد النثر ليصل إلى نتيجة مفادها أن الشاعر هو البناء الماهر الذي يهندس بيته الشعري بتراكيب نحوية ولغوية وأسلوبية وعروضية وبلاغية، مستخدما فيها اللغة الوسيلة الأكثر أهمية والأبلغ مراما على نقل تجربته الروحية بألفاظ مناسبة تحمل المعنى وتكون طوع بنان الشاعر.
تجليات الأنا..وترى د. ريما الدياب أن عنوان الديوان” صمت الظل” يشي بدلالتين متضادتين تتحكمان في تشكيله، فالصمت والظل يتعانقان في جدلية واحدة لتشكيل الرسالة والرؤى الفكرية التي تتخفى خلف العلامات اللغوية والعلاقات البلاغية والعلامات السيميائية التي تنسج الديوان بدقة.
وقد لامست الشاعرة معالم النفس الإنسانية وعالمها المتموج والمتخفي في اللاوعي لحظة صياغة النصوص الشعرية القابعة في الديوان، وجعلت للصمت صوتا ولغات عدة، ليبوح ويرسم أجمل اللوحات.
وبين الدياب أن الشاعرة نوعت في الديوان بين قصائد الشعر العمودي والنثر، وعمدت إلى ضمائر كان أبرزها ضمير المتكلم بصور شتى، وكانت تعي وتسعى جاهدة إلى هذا الأسلوب بما يتضمن من صور وتعابير تبعث في النفس الإبداع والافتخار بالذات من خلال اختيارها صيغة للتعامل مع الأنا ومحاولة تجديد القول فيها.
واستطاعت الشاعرة ترجمة عواطفها ومشاعرها بصورة كلمات موحية تعبر عن القوة وعن الذات، فشكلت فضاء شعريا مفتوحا معبرة فيه عن شعر نسوي ينطوي على هموم المرأة وقضاياها، بما امتازت به أيضا في قصائد النثر التي أثبتت توهج الذات الشاعرة بالتكيف والإيجاز واختراق المألوف وتوع الدلالات.
– مجموعة مميزة..
وأوضح الأديب والشاعر رياض طبرة بأن مجموعة صمت الظل مميزة وفيها شاعرية وإعمال للفكر وحسن اختيار من الشاعرة باراوي، وقد أعلنت الشاعرة ولاءها لدمشق وغوطتها ولعطر ياسمينها، وعبرت عن حبها لوطنها الغالي سورية، وقد أحسنت اختيار الموسيقا بتنوع الأبحر وبهذا الطابع العام من هدوء ورصانة، وفي المفردات والتراكيب، ووفقت في الابتعاد عن المفردات المهجورة والتعابير المستهلكة المكرورة.
لقد اختارت الشاعرة لغة تتفق مع هدوئها ورصانتها، وسنوات عمرها الحافة بالشوق إلى بلدها سورية، كما أنها برعت في قصيدة النثر ووفقت في تحقيق الدهشة والإيجاز وسلامة الفكرة والمعنى واللغة.
وفي ختام الندوة التي اتسمت بالحميمية قرأت الشاعرة بعضا من قصائد مجموعتها الشعرية” صمت الظل” ودار نقاش من الحضور حول بعض عناوين القصائد، ما أغنى الندوة بالأفكار والطروحات.
ومن ثم قامت الشاعرة بتوقيع مجموعتها الشعرية وتوزيعها على الحضور.