حفل توقيع ديوان «شموع وحروف» لشعراء سورية (نقلاً عن تشرين)
تشرين- ثناء عليان:
أقام فرع طرطوس لاتحاد الكتّاب العرب حفل إشهار وتوقيع لديوان (شموع وحروف) الصادر عن دار «المتن» العراقية، بحضور الشاعر والناشر عامر الساعدي، والشاعر والصحفي العراقي علي جابر نجاح، رئيس تحرير مجلة البنفسج الورقية، وبحضور الشعراء المشاركين في تأليف الديوان، ونخبة من المهتمين بالشأن الثقافي.
قدمت الحفل الأديبة والشاعرة ميرفت علي، وفي كلمة الافتتاح للشاعر منذر يحيى عيسى رئيس فرع طرطوس لاتحاد الكتاب العرب، أكد فيها أهمية التعاون بين شعراء البلدين، مع ما يربطهما من أواصر نضالية وثقافية طويلة الأمد، مشيراً إلى القواسم المشتركة بين البلدين على مر التاريخ.
وفي كلمة للشاعر (عامر الساعدي) مدير دار المتن للطباعة والنشر في بغداد، عبّر فيها عن سعادته بهذه المبادرة التي حملتها دار المتن، مادياً وثقافياً، لتوثيق الشعر السوري المعاصر في هذه الظروف الصعبة التي تمر فيها سورية الشقيقة، مؤكداً أنه قدّم هذا المنجز الأدبي الذي يضم نخبة مختارة من الشعراء ومن شتى المحافظات لتكون أنموذجاً فاخراً، لذا كان القرار أن نجمع تلك البتلات الياسمينية في آنية واحدة لكي تعطي عطرها دفعةً واحدة.
ويرى صاحب ومضات «هكذا تحترق» أن عنوان «شموع وحروف» فيه تطابق للمحتوى، الشموع هي أسماء الشعراء، والحروف هي أقل ما يزخر به هذا العمل لسبب أن حروف الشعراء مدوية بأصوات شعرائها، لافتاً إلى أنه اختار أن توضع على غلاف الكتاب صورة لخريطة سورية كاملة مع لواء اسكندرون المحتل إيماناً منه بتحرير اللواء في يوم موعود.
ثم قدمت الأديبة نجاح ابراهيم قراءة نقدية موسعة لقصائد الديوان بينت فيها أن الشعراء ارتؤوا أن يكونوا شموعاً، تدفقوا من مختلفِ المدنِ السّورية ليؤرثوا في الطريق مدىً من جمالٍ، يلقون بالضوء فتتجلى قصائد مشغولة من حبقٍ وقمحٍ وحروفٍ؛ قصائد بتول، غير منشورة تأتي مواكبة لمرحلة جديدة بعد الحرب الغاشمة، فيها محاكاة خاصة لتجاربهم الذاتية، متماهين بأرضٍ البلاد حتى لتظنَّ أنه، وهي كيانٌ واحدٌ.
وتؤكد صاحبة رواية «النميمة» جازمة أن الشعرَ بالنسبة لهم نوعٌ من الخلاص، ولأنه يمضي إلى الحقيقة، وهذا الطريقُ الذي تتوحدُ فيه كلُّ الأشياء والأفكار والآمال والأحلام والتطلعات في جوهرٍ واحدٍ يسمى الشعرُ، وفي قصائد الدّيوان ما يُسائل الحقيقة، ويجعلُ منها انتماء للمستقبل المؤمل في لبوس لغة تغتالُ الموتَ واليباسَ، هكذا يغدو الشعرُ عند هؤلاء الواثقين منه، ومن مشاعرهم وخطواتهم.
وتضيف إبراهيم: في «شموع وحروف» قصائد دفعتني لأن أقرأها مراراً، وفي كلِّ مرّة أشعرُ بأنَّ كلَّ شاعر وشاعرة متشبثون بالقصيدة كأنها أرض، أو ولدٌ، أو حلم، ورحتُ أتخيلُ المشهدَ: طريقٌ وخطواتٌ وشموعٌ تتشكلُ عبر وهجها حروف القصيدة، فلا أحد يمضي وحده، ولا أحد يتخلى عن جهة تُفضي إلى القمة، ولا أحد سرقَ دهشة اتمام النصِّ.
لهذا مسّني التأثرُ والفرحُ، فرحتُ ألاحقُ التدفقَ الإيقاعي للقصائد، وأسيرُ في مناسكها، أدفعُ بأصابع ذائقتي في أعماقها، لأجد ما أشتهي من أفكارٍ ورؤى جديدة لافتة وصورٍ مبتكرة تحققُ للشعر خاصيته الانزياحية التي فصلت بينه وبين النثر.
بدورها قدمت الشاعرة نصره إبراهيم قراءة عنونتها بـ «هو الشعر» قالت فيها: مهما تمادت قسوة الأيام وعلا صوت الرحيل، فإنه يبقى للكلمة نبعها الصافي الذي لا ينضب ولا تلوثه الخراب، إنه ماء الكلمة الذي يحمل في جيوبه فرح وحزن الإنسان، أما الشاعر فيبحث عن الجمال في عز بشاعة الحروب وغليان الخوف من غد مجهول الملامح، يرسمه على شكل قصيدة، ويبثها عبر مكبرات النور ليبقى العالم يمشي على إيقاع الأمل الذي تعزفه أنامل العشق.. عشق الحياة.
الشعر –حسب إبراهيم- هو هذا الفضاء الرحب الباحث دائماً عن منبر يطل من خلاله على الكون ليلقي عليه نفس الروح، هو الشعر الذي يأخذنا من بقعة يابسة الرؤيا إلى بقعة خضراء يزرع فيها كل شاعر قصيدة لها قامتها المختلفة صورة ومعنى، وكما لكل شمعة ضوءها الخاص، كذلك لكل شاعر قاموسه لغته أسلوبه، شعريته الخاصة وحرفه الذي يضيء به في هذا العالم، وللشعر وظيفته الجمالية الكبرى في الارتقاء بفكر القارئ وأخذه إلى مكامن القصد من هذا الوجود على الأرض.
وبينت صاحبة «على ضفاف العاصي» أن قصائد الشعراء تنوعت بين القصيدة العمودية وقصيدة النثر، وفي كلتا الحالتين ثمة تنوع وحداثة وشعرية في موضوعات متعددة، مشيرة إلى أن الشعراء في سورية يرتلون قصائدهم أيقونة حب وسلام، ولكل شاعر شهيق قلمه الخاص الذي يتميز به عن سواه.
بعد ذلك بدأت القراءات الشعرية مع الشاعر الضيف علي جابر الذي أدان مذبحة خريجي الكلية البحرية في حمص بقصيدة مؤثرة، وأهدى قصيدة ثانية إلى سورية، وقرأ الشاعر عامر الساعدي بعض قصائدة النثرية اللماحة، تلت ذلك قراءات شعرية من قصائد الديوان للشعراء المشاركين في تأليفه، واختتمت الفعالية بحفل توقيع نسخ الديوان على السادة الحضور.