الندوة الوطنية للترجمة والمثاقفة في مكتبة الأسد الوطنية (نقلاً عن الثورة)
الثورة – عمار النعمة ورفاه الدروبي:
انطلقت اليوم في مكتبة الأسد الوطنية بدمشق أعمال الندوة الوطنية للترجمة بعنوان “الترجمة والمثاقفة”، نظمتها الهيئة العامة السورية للكتاب في وزارة الثقافة بالتعاون مع المعهد العالي للترجمة في جامعة دمشق ومجمع اللغة العربية واتحاد الكتّاب العرب، واتحاد الناشرين السوريين.
ويشارك في الندوة نخبة من المترجمين السوريين ذوي خبرة بنقل المعارف والعلوم، والإنتاجات الأدبية، من وإلى اللغة العربية، حيث يقدَّمون على مدى يومين 15 بحثاً علمياً، وتتزامن الندوة مع الاحتفاء باليوم العالمي للترجمة.
تقريب الحضارات..
وزيرة الثقافة الدكتورة ديالا بركات بينت في تصريح للإعلاميين أنَّ وزارة الثقافة تحتفل في كلِّ عام بالندوة الوطنية للترجمة، وتنظمها الهيئة العامة للكتاب، ومجموعة من الشركاء منها مجمع اللغة العربية والمعهد العالي للترجمة وجامعة دمشق واتحاد الكتاب العرب واتحاد الناشرين السوريين.
وأشارت وزيرة الثقافة إلى أهميَّة الترجمة الكبرى في تقريب الحضارات، وتبادل ونقل الثقافات والأفكار بطريقة قريبة جداً من عقل القارئ والفرد السوري، ولا بدَّ من شكر جميع المترجمين، وخاصةً السوريين لما يقومون به من عمل وجهد فكري نوعي، فالترجمة لا تعني الحرفية، ونقل الكلمات من لغة إلى أخرى، وإنَّما نقل فكر كامل، وثقافة شعب، وعلى رأسها نقل العلوم والآداب والشعر، كما أثنت على كلِّ من ساهم بالترجمة والمثاقفة، نظراً لقدرتها على تقريب الثقافات رغم بعد البلدان في ظلِّ وجود ثقافات بارزة كانت حاضرة منذ زمن طويل، إضافة للثقافات الحديثة.
نشاط فكري وحضاري..
كما لفت مدير الهيئة العامة للكتاب الدكتور نايف الياسين إلى أنَّ الندوة أصبحت تقليداً سنوياً تتناول كلَّ عام موضوعاً يخصُّ الترجمة حيث يكتب المختصون فيه، ويتداول المترجمون والمهتمون على أمل الاستمرار في تسليط الضوء على نشاط فكري وحضاري متميز. وإن موضوع الندوة للعام الحالي لا يخلو من إشكالية مستمدة في جزء منها من الترجمة نفسها فكلمة مثاقفة ليست قديمة في اللغة العربية، وإن فعل المثاقفة ما يحدث بفضل الترجمة، بمعنى التبادل بين ثقافات ولغات مختلفتين. وتنشأ من جديد قضية الثقافة واللغه المهيمنتين بالمقارنة مع اللغات والثقافات الأخرى. وإن إلقاء نظرة سريعة على تاريخ التفاعل الأدبي على سبيل المثال بين الثقافات المهيمنة والثقافات الأقل تأثيراً يظهر أنَّ الأخيرة تمكَّنت من إحداث آثار واسعة وعميقة في الثقافة المهيمنة وفي مراحل زمنية مختلفة.
كما أشار الدكتور النايف إلى أنَّ انتشار ثقافة الاستهلاك والتسطيح والتلوث الفكري من خلال وسائل التواصل الاجتماعي على نطاق غير مسبوق، وكان للثقافات المهيمنة أثر لا ينكر في الثقافة العربية الحديثة والمعاصرة، فجزء كبير من الإنتاج الثقافي العربي، وفي المجالات المختلفه كان بتأثير مباشر من الثقافة الغربية. وإذا كان بعض التأثير إيجابياً فبعضه الآخر ليس إيجابياً لأن جزءاً من دور المثاقفة يتمثل في اكتساب الخبرة في تمييز الغث من السمين، وأخذ ما ينفع وترك ما يؤذي.
رسالة المترجمين السوريين..
كما تلت رسالة المترجمين السوريين آلاء أبو زرار وتتضمن بأنَّ الترجمة هي صدى الكلمات يتردد في كل الأصقاع فيمنحها جواز سفر أبدي كي لا تبقى حبيسة جدران لغتها الأصلية. أما عن تلك الكلمات فلم تحظَ يوماً بنصيبها من الترجمة وسيخبو نورها لأنها فعل حضاري تمارسه الأمم منذ فجر التاريخ لتقريب البعيد ولفهم كل جديد ولفتح مدارك وآفاق أكثر اتساعاً في وعي الأمم. ومن المعروف أن حركة الترجمة تعتبر أحد معايير تطور الأمة ونهوضها فكرياً وإنسانياً.
كما لفتت إلى أن الأمم المتحدة أطلقت في العام الحالي شعاراً يقول: إن “الترجمة فن متكامل علينا حمايته”، ولا بدَّ أن الرؤية العالمية للترجمة على أنها فن يتماشى تماماً مع مدارس الترجمة السورية، حيث يمتزج فيها العلم بالفن بتوليفة تصنع مترجماً يبتعد عن الحرفية، ويقدِّم أفضل ما لديه من أمانة ومهنية وأصالة، كذلك عملت الهيئة العامة السورية للكتاب منذ سنوات عديدة على دفع عجلة الترجمة، وتشجيع المترجمين لتقديم أعمالهم بأبهى حلَّة من خلال المشروع الوطني للترجمة كونه يُقدِّم سنوياً عناوين رائدة ومتنوعة ومن لغات مختلفة، فالمترجم السوري قادر على ترك بصمته أينما حلَّ، والمكتبات العربية والعالمية تشهد على نصوص ترجمت بكل براعة بأيادٍ سورية خالصة ومخلصة لرسالة الترجمة السامية، ولم يتوقَّف عطاء المترجم السوري على الرغم من كل الصعوبات.
ثم بدأت الندوة أعمالها بانعقاد جلسة ترأسها الدكتور فؤاد الخوري، وشارك فيها الدكاترة: محمد نجدة شهيد، محمد محاسنة، غسان السيد، حسام الدين خضور، عبير حمود، وتلتها جلسة مناقشة للأبحاث المقدَّمة.