التربية والتكامل الثقافي (نقلاً عن سانا)
الثورة – رشا سلوم:
الثقافة ركن الهوية الخصبة والتربية الحقيقية لهذا أولاها العلماء أهمية كبرى ولا نعني بها أي ثقافة، إنما الثقافة الوطنية الإنسانية الخصبة المتكاملة.
هذا ما يتوقف عنده الدكتور عبد الله المجيدل في كتابه المهم الذي صدر عن اتحاد الكتاب العرب وحمل عنوان ..”التربية والمواطنة”.
ونقف عند بعض ما جاء في طرح قضية التكامل الثقافي.
يرى المجيدل أن تكامل الثقافة: هو العملية التي يجري من خلالها دمج عنصر ثقافي جديد في حياة جماعة من الجماعات سواء أكان هذا العنصر الثقافي قد انتقل إلى هذه الجماعة عن طريق الاتصال بجماعة أخرى أم كان تجديداً من داخل الجماعة، كما أن العناصر اللامادية يصعب دمجها في الثقافة إذ إنها تحتاج إلى جهد ووقت أكثر مما تحتاجه العناصر المادية، ولكنها عندما تندمج ترتبط ارتباطاً كبيراً بنسيج الحياة التي يعيشها مجتمع من المجتمعات، وهذا التكامل معناه أن هناك قدراً معيناً من الانسجام الداخلي والارتباط الوظيفي بين عناصر الثقافة، وبالتالي بين مختلف عناصر المجتمع وعدم وجود هذا التكامل في الثقافة يسبب اضطرابا للفرد ويفقد المجتمع كفاءته، ولكن ليس معنى التكامل الثقافي أن تظل الثقافة على حال واحدة من الجمود والثبات وإنما الثقافة أيضا يمكن أن تمر بعملية تغيير وتحويل نتيجة مرونتها.
فالتكامل الثقافي هو المبدأ الذي بمقتضاه ترتبط الأجزاء مكونة كلاً ثقافياً واحداً وهو يعني في الأثنولوجيا العلاقات الوظيفية بين العناصر والأنساق الثقافية وكذلك بين الثقافة وعوامل أخرى مثل الطبيعة ويفرق سوركين بين التكامل المنطقي الهادف الذي يميز الثقافة والتكامل الوظيفي الذي يميز الأنساق الاجتماعية ويعد سمنرمين من أوائل الذين اهتموا بالتكامل الثقافي، فهو يرى ان التكامل يعني التعادل الذي يوجد التوازن الاجتماعي- الثقافي الذي يؤدي التغيير فيه إلى أحداث عملية تكامل جديدة وكانت نظرة سمنرمين الدينامية أكثر واقعية من معظم الأراء المعاصرة من الاثنولوجيين، أما مالينوفسكي فيرى أن التكامل هو مبدأ تندرج تحته كل أجزاء الثقافة إِلَّا أن التكامل لا يكتمل على الإطلاق، وهذا ما أدركه سمنر وباقي علماء الاجتماع من بعده وترى روث بنديكت أن الثقافة تتجه دائما نحو التكامل وإن التكامل يمكن أن يحدث في مواجهة الصراعات الأساسية كما أن الثقافة نمط متناسق من الفكر والعمل ويرى علماء الاجتماع أن التكامل الثقافي ظاهرة اجتماعية يحتفظ بفضلها النظام الثقافي بطابعه أو يستمر قريبا من هذا الطابع.
ويمر التكامل الثقافي بثلاث مراحل حتى تصبح العناصر الجديدة جزءا لا يتجزأ من الثقافة وهي:
١_تقديم العناصر الجديدة للمجتمع وتعريفه بها عن طريق وسائل عديدة ابتداء من الاستعمال الفردي إلى استخدام حملات الدعاية ويمكن أن يقف في وجه هذه العناصر الجديدة أصحاب المصالح الخاصة والأفراد الذين يفضلون البقاء على نمط ثقافي معين.
٢_مرحلة قبول العناصر الثقافية الجديدة.
٣_مرحلة التكامل والاندماج.
إن كلا من العوامل الثلاثة حجم الجماعة التجانس التنقل الفيزيائي تؤثر في التكامل زيادة او نقصانا فالجماعة ذات الحجم الصغير أكثر تكاملا من الجماعة ذات الحجم الكبير وهذا يرجع إلى كثافة العلاقات في الجماعة الأخيرة واتساع مداها والتجانس أكثر ظهورا في الجماعة الصغيرة منه في الجماعة الكبيرة والتجانس ينبع من التشابه وخصوصا التشابه في المهنة أو الأهداف او التنظيم الأسري اما التنقل الفيزيائي فيعمل ضد التكامل إذ يعمل على إبعاد الأفراد عن الجماعة.