اتحاد الكتاب العرب يقيم حفلاً تأبينياً للكاتب ناظم مهنا … د. الحوراني لـ«الوطن»: خسارة للثقافة السورية والعربية (نقلاً عن الوطن)
أقام اتحاد الكتاب العرب في دمشق مجلس عزاء للقاص والأديب الراحل ناظم مهنا، الذي وافته المنية في العاشر من شهر شباط عن عمر ناهز 63 عاماً، تاركاً خلفه مسيرة حافلة بالإبداع خطها قلمه بكتابة القصة التي احتلت المكانة الأكبر في نتاجه الأدبي حتى عدت تجربته القصصية من أهم التجارب القصصية السورية والعربية الحديثة.
شخصية مثقفة
وفي تصريح خاص لـ«الوطن» قال رئيس اتحاد الكتاب العرب د. محمد الحوراني: «بالتأكيد عندما نفقد شخصية مثقفة، وأخلاقية، وإنسانية، بحجم ناظم مهنا فإننا نفقد قامة وقيمة كبيرة، وخسارته اليوم ليست فقط لاتحاد الكتاب العرب وإن كان الراحل من أهم أعضائه إنما هي خسارة للثقافة السورية والعربية والعالمية عموماً».
وأضاف: «نحن نعلم أن ناظم مهنا كان يتقن ويجيد الثقافة العالمية كما كان يجيد العربية، وكما أنه كان قاصاً وشاعراً وأديباً كان أيضاً إنساناً يتمتع بأخلاق لا يتمتع بها إلا المثقف الحقيقي ونحن اليوم أحوج ما نكون إلى هذه الأخلاق التي يجب على كل المثقفين والمبدعين أن يتحلوا بها».
واسع المعرفة
وبيّن مدير الهيئة السورية للكتاب د. نايف الياسين: «عرفت الراحل ناظم مهنا في وقت متأخر وأعتبر نفسي محظوظاً بذلك، فعندما استلمت إدارة الهيئة العامة السورية للكتاب كان ناظم مهنا رئيساً لتحرير مجلة المعرفة وكان في المكان المناسب الذي يليق به لكونه رجلاً واسع المعرفة والأفق، ذا ثقافة عميقة يستوعب كل الأفكار وينتج فكراً نيراً ويكتب بشكل جميل».
وأشار إلى أن الراحل كان رجلاً طيب القلب ودوداً ومحباً لكل من حوله يستوعب الجميع لذلك كان رحيله خسارة فكرية وإنسانية وشخصية لكل أصدقائه ومحبيه.
ولفت إلى أنه احتفاء بمسيرة الراحل ستعمل الهيئة السورية للكتاب على طباعة ونشر آخر أعماله التي ستصدر في وقت قريب.
إنسان نبيل
وأوضح مدير التأليف في الهيئة العامة للكتاب د. غسان السيد أن الأديب ناظم مهنا كان إنساناً نبيلاً، ومثقفاً كبيراً ومتواضعاً، يكتب بطريقة مختلفة عن الكتابات التي نعرفها، وأنه كان مديراً متميزاً لمجلة المعرفة التي وصلت إلى مستوى عال جداً في عهده وكانت تتابع من مختلف الدول العربية.
وقال: «رحيله شكل أيضاً خسارة شخصية بسبب علاقة الصداقة النادرة التي جمعتني به بما فيها من انسجام فكري نشأ بيني وبينه حيث كنا نتناقش معاً في العديد من الأمور وخاصة قضايا الحداثة وما بعد الحداثة، وهو مطلع على كل هذه الاتجاهات على الرغم من أنه لم يكمل دراسته لكن ثقافته كانت عالية جداً».
أجمل المبدعين
كما أكد الشاعر صقر عليشي أن الراحل كان يمتلك صفات جميلة جداً على كل الصعد، فعلى الصعيد الإنساني كان صديقاً مقرباً لي وهو من أرقى وألطف الأشخاص الذين عرفتهم حيث امتدت صداقتنا على مدى أربعين عاماً.
وأشار إلى أنه على الصعيد الإبداعي كان من أجمل وأهم المبدعين، وهو مثقف مهم جداً على صعيد الفكر، وكاتب إبداعي على صعيد القصة التي كتبها بشكل مميز وفريد، لكنه عاش حياته بصمت وربما لم يعرف قدره هذا الجيل بشكل كاف لكنه سيُعرف حتماً بين الأجيال القادمة.
موسوعة ثقافية
وقال الدكتور وائل بركات: «المرحوم كان موسوعة ثقافية تبدأ من التاريخ القديم والأساطير والشعر القديم والتراث، إلى الكتب المترجمة والأدب المعاصر والحديث بمختلف أشكاله سواء على صعيد الشعر أم النثر، فكان يقرأ الكتب الأجنبية المترجمة كما يقرأ التراث العربي القديم، لذلك كانت ثقافته واسعة لا حدود لها».
وأضاف: «ساهم بشكل كبير في تدعيم وتنشيط مسار مجلة المعرفة السورية التي وضعها على سكة الحداثة حتى تميزت بين المجلات الثقافية العربية المتخصصة بتوجهها نحو العقل المنفتح، رحمه الله كان مميزاً على جميع الصعد الثقافية والفكرية والإنسانية والحياتية».
سيرة الراحل
ولد الأديب ناظم مهنا في مدينة جبلة عام 1960، وتخرج في جامعة دمشق قسم اللغة العربية.
نشرت أول قصة له في عام 1979 في مجلة «الثقافة» ثم بدأ النشر في الصحف اللبنانية منذ مطلع الثمانينيات. وفي عام 2016 تسلم رئاسة تحرير مجلة «المعرفة» السورية التي تأسست عام 1962 والتي تعتبر من أقدم وأهم المجلات العربية الثقافية، واستثمر فيها درايته بالعمل الصحفي انطلاقاً من إدراكه أهميتها وثقة القراء بها؛ واستمر في رئاسة تحريرها حتى يوم وفاته.
وعلى الرغم من إتقانه أنواعاً أدبية مختلفة كالشعر والرواية والمقالة وتمثيليات إذاعية للأطفال، إلا أنه كان يعد القصة فناً تعبيرياً يتمسك به ويفضله على غيره من الفنون الأدبية الأخرى، وصدر له عدد من المجموعات القصصية، منها: الأرض القديمة- منازل صفراء ضاحكة– حراس العالم – مملكة التلال – وكتاب «بابل الجديدة» وهو عبارة عن مقالات متنوعة في الثقافة والأدب، وكتيبان عن الشاعرين الراحلين «ممدوح عدوان»، و«محمد الماغوط»، ضمن سلسلة «أعلام مبدعون»، الصادرة عن الهيئة العامة السورية للكتاب.