فراس السواح والفلسفة الصينية (نقلاً عن الثورة)

الملحق الثقافي-علي حبيب:
فراس السواح باحث في الميثولوجيا وتاريخ الأديان، وهو من مواليد حمص سنة 1941. تتميز أطروحاته وكتبه بأنها تأجج الحرائق وتثير الأفكار. استطاعت مؤلفاته أن تغيّر أفكار ورؤية الكثيرين. وقد ترجم كتاب «التاو، إنجيل الحكمة التاوية في الصين» للمفكر الصيني المشهور لاو تسى إلى اللغة العربية، وقدّم مساهمة كبيرة في التبادل الثقافي بين الصين والدول العربية.
يغوص الباحث والمفكر فراس السواح في مفاهيم الفلسفة بالصين القديمة وأعلامها عبر كتابه الأحدث الذي وقعه خلال فعاليات اليوم قبل الأخير لمعرض الكتاب بدورته الثلاثين في مكتبة الأسد.
الكتاب الذي حمل عنوان: «فصول من الفلسفة الصينية» تضمن نصوصاً كاملة ومترجمة من أمهات الكتب التي وضعها فلاسفة صينيون ككتاب الحوار لكونفوشيوس وكتاب منشيوس حيث يسعى السواح لتزويد القارئ بمدخل إلى فهم الفلسفة في الصين وتقديم إطلالة عامة على رموزها.
«وفي كتاب فصول من الفلسفة الصينية» الكتاب الذي صدر عن دار التكوين ب414 صفحة من القطع الكبير للكاتب فراس السواح.
يقدّم الكتاب نصوصاً كاملة ومترجمة من أمهات الكتب التي وضعها فلاسفة صينيون ككتاب الحوار «لكونفوشيوس وكتاب منشيوس»… حيث يسعى السواح لتزويد القارئ بمدخل إلى فهم الفلسفة في الصين وتقديم إطلالة عامة على رموزها.
(بين الفلسفة والدين)
الفلسفة أول مايتعلمه التلاميذ الصينيون بعد الرموز الكتابية الصينية وكانت الكتب الكونفوشية الأربعة هي المقررات الدراسية الأولى الموضوعة بين أيديهم… إن الدور الذي لعبته الفلسفة في الثقافة الصينية يعادل الدور الذي لعبه الدين في الثقافة الاوروبية والشرق أوسطية ولعل هذا ما دفع البعض إلى اعتبار الكونفوشية (وهي الفلسفة الأكثر تأثيراً على الثقافة الصينية ) ديناً… لكن الكونفوشية في واقع الحال ليس ديناً شأنها في ذلك شأن فلسفة أفلاطون أو أرسطو.
وشرح السواح أن الرأي الشائع الذي يقول في الصين ثلاثة أديان هي: (الكونفوشية والتاوية والبوذية) هو من قبيل تبسيط الأمور، فالكونفوشية ليست بالتأكيد ديناً، أما فيما يتعلق بالتاوية فعلينا التمييز بين التاوية الفلسفية أي تاوية المعلم الأول «لاو تسو» ومن بعده المعلم الثاني «تشوانغ تسو» والتاوية الطقسية التي تحمل ملامح الدين، فالتاوية الفلسفية تقوم على مبدأ التوافق مع صيرورة الطبيعة، أما التاوية الطقسية فتعمل أحياناً على معاكسة الطبيعة.
(كونفوشيوس)
يعرّفنا الكتاب بأن ولادته عام 551ق.م ينتمي إلى أسرة نبيلة تصلها أواصر قربى بأسرة شانغ الملكية، عاش حياة متواضعة خلال طفولته ولكنّه حصّل تعليماً عالياً بجهوده الخاصة ودون معلم نظامي وهذا ما أهله للحصول على وظيفة إدارية في دولة لو.. فكان مسؤولاً عن حسابات الحبوب وبدأ يكتسب التلاميذ كمعلم.. في سن الخمسين عيّن قاضياً ثم وزيراً للعدل في لو.
كان التعليم قبل كونفوشيوس ذات طابع رسمي.. ثم جاء كونفوشيوس ليؤسس لنهج جديد فكان أول معلم يمارس التعليم بصفته الخاصة ودون أن يكون مرتبطاً بوزارة من الوزارات الدولة وكانت مدرسته أقدم مدرسة في البلاد وبذلك فقد حوّل كونفوشيوس مؤسسة التعليم من مؤسسة ارستقراطية تُعنى بتعليم النبلاء، إلى مؤسسة ديمقراطية تُعنى بتعليم كلّ راغب في العلم بصرف النظر عن انتمائه الطبقي.
(موتزو – ونقد الكونفوشية )
هو الفيسلوف الثاني بعد كونفوشيوس وقد تمتع في زمنه بشهرة لاتقل عن شهرة كونفوشيوس ولكن الاختلاف بين هاتين الشخصيتين كان كبيراً حقاً، فقد تمتع كونفوشيوس بكل صفات (الجنتلمان) الصيني الذي تسلسل من أصل نبيل أما مو تزو فقد خرج من عامة الشعب، وبالتالي فقد كان ناقداً للمؤسسات التقليدية ولأدب الأرستقراطية وفنونها وطقوسها وللفلسفة التي تسوغها.
(منشيوس)
تتلمذ على يد بعض تلاميذ حفيد كونفوشيوس المدعو تزو تسو وبعد أن نبه ذكره رحل إلى دولة تشي وأقام في أكاديميتها وكان له مع شوان الملك حوارات مطولة أوردها في كتابه.. تميز منشيوس عن العديد من المثقفين بأنه لم يكن يقدّم المشورة التي ترضي الأمير وتزين له أعماله، وإنما المشورة الحقّة التي تصب في مصلحة الدولة والرعية وتصحح سلوك الحاكم… وقد تميزت محاورات منشيوس عن محاورات كونفوشيوس بأنها أكثر طولاً وتفصيلاً… كما عالج مسائل جديدة لم يتطرق إليها كونفوشيوس.
المعلم الأول
تبدأ الفلسفة الصينية بالمعلم الأول لاو تسو ومع ذلك فإن الضباب يلف شخصية هذا المعلم، وكلّ ما استطاع قدامى المؤرخين قوله بشأنه هو أنه عاش حياة مديدة بين أواسط القرن السادس وأواسط القرن الخامس قبل الميلاد.. أي قبل نحو قرن من سقراط المعلم الأول للفلسفة اليونانية.
في الختام: «فصول من الفلسفة الصينية» كتاب مهم يُطلعك على الفلسفة في الصين وأهم رموزها.. يحمل بين دفتيه معلومات وخفايا قد تبدوغريبة وجديدة للكثيرين وبالتالي يستحق التوقف عنده والغور في تفاصيله.
ولابد من القول : إنه بعد أول زيارة له لبكين، السواح إعجابه ودهشته بعاصمة الصين – مدينة بكين – من حيث معالمها وتطورها. خلال إقامته في بكين، زار السواح سور الصين العظيم والقصر الإمبراطوري وغيرها من المعالم المشهورة في المدينة، بالإضافة إلى حضور بعض الندوات والنشاطات. وقد أعجبه التجول في أسواق بكين والمتاجر الكبيرة لشراء البضائع. وتركت مدينة بكين انطباعاً طيباً في ذهنه، وقال: «برغم عدد سكانها الكبير، لا تشعر في بكين بالزحام، والمدينة مرتبة وذات نظام جيد، والمواصلات سهلة وجيدة بشكّل عام. كما أن الابتسامة على وجوه الناس دائماً، والصينيون مهذبون وكرماء مثل العرب، يستقبلون الضيوف بحفاوة كريمة، وهم قريبون لنا من حيث المشاعر، فمن السهل تكوين صداقات معهم. في رأيي، بكين مدينة عظيمة».
قد يعجبك ايضا
جديد الكتب والإصدارات