ندوة حول مستقبل العلاقات السورية التركية.. النوايا مرتبطة بالأفعال (نقلاً عن الثورة)
الثورة- متابعة عبد الحميد غانم:
أقام اتحاد الكتاب العرب صباح اليوم ندوة بعنوان “مستقبل العلاقات السورية التركية” بمشاركة الباحثين الأكاديميين المتخصصين بالشأن التركي الدكتور محمد يوفا رئيس جمعية الصداقة السورية التركية، والدكتور بسام أبو عبد الله بحضور نخبة من المثقفين والكتاب والإعلاميين.
التعامل مع المستجدات بروح العصر ومتطلبات المستقبل
وقدم الندوة الدكتور محمد الحوراني رئيس اتحاد الكتاب العرب، وعرض مجموعة من التساؤلات التي شكلت محاور الندوة، ومقدمة تعرض أهمية طرح هذا الموضوع أمام النخب الثقافية، وكيف تتعامل معها الأجيال من خلال التعرف عن أي مستقبل للعلاقات بين البلدين في ضوء ما جرى خلال السنوات الماضية من استهداف سورية وحضارتها ووحدتها أرضا وشعبا، وانخراط النظام التركي في هذا المشروع المعادي، وأي علاقات نريد، وكيف ستكون هذه العلاقات، وكيف سنتعامل معها في المستقبل على خلفية تاريخها القديم والمعاصر؟.
وركز الدكتور الحوراني على ضرورة عرض رؤية فكرية ثقافية علمية أكاديمية لمستقبل العلاقات بين البلدين توضح النظرة الاستراتيجية لها وقادرة على التعامل مع المستجدات بروح العصر ومتطلبات المستقبل، وتركز على عملية بناء الإنسان وتوعيته ونهوضه لمواجهة التحديات الماثلة ومشروعات الأعداء في الحاضر والمستقبل.
تعزيز العلاقات مع الشعب التركي لخير سورية وشعبها
واستعرض الدكتور محمد يوفا وهو أستاذ جامعي في جامعة دمشق وجامعات عالمية ورئيس جمعية الصداقة السورية التركية، العلاقات بين البلدين عبر التاريخ القديم والمعاصر، مؤكدا أهمية منطقة بلاد الشام الاستراتيجية عبر التاريخ، وأن الممالك والدول لم ترس عبر التاريخ الأمن خلال السيطرة على هذه البلاد نظرا لأهميتها الجيواستراتيجية، إلى جانب منطقة الأناضول التي شهدت العديد من الحروب وكانت مركزا لصعود وسقوط الممالك والإمبراطوريات والدول الكبرى في العالم.
وأشار الدكتور يوفا إلى أن تركيا تحسنت وتطورت علاقاتها الدولية مع العالم عندما حسنت علاقاتها مع بلاد الشام، لكن عندما انقلبت عليها ساءت علاقاتها وانحدرت مكانتها، وأكد على أهمية تعزيز علاقات سورية وتوسيعها مع الشعب التركي بكل قطاعاته الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية بما يعود لمصلحة سورية وشعبها ودورها وحضارتها، وعدم حصرها بجهة واحدة مثل حزب العدالة والتنمية، الذي خرب تلك العلاقات عندما ارتبط بالمشروع الأمريكي الغربي الصهيوني في المنطقة وجعل هذا الحزب من تسلمه السلطة في تركيا خدمة لمشروع الشرق الأوسط الكبير.
وعبر الدكتور يوفا عن تقديره للانفتاح السوري على كل المكونات الثقافية والاجتماعية داخل المجتمع السوري وضرورة تعزيزه وتنميته وتوضيحه للعالم، مشيرا إلى أن الأكراد مكون أساسي في البنية المجتمعية لسورية ودوره التاريخي والمعاصر في تطور الوطن وتقدمه، مؤكدا أن الأعداء يحاولون استغلاله في تنفيذ مشروعاتهم الاستعمارية لتقسيم سورية كجزء من مخططهم لتقسيم المنطقة.
د. أبو عبد الله: النوايا مرتبطة بالأفعال وعودة المحتل عن احتلاله
بدوره ركز الدكتور بسام أبو عبد الله عضو جمعية الصداقة ومدير مدرسة الإعداد الحزبية المركزية التابعة للقيادة المركزية لحزب البعث العربي الاشتراكي، على ضرورة تعزيز مكامن القوة في العلاقات مع تركيا ليس فقط العسكرية والسياسية بل في وجود قوة علمية بحثية أكاديمية قادرة على وعي هذه العلاقات واتخاذ قرار سليم بتطويرها بما يخدم مصالح الشعب السوري والدولة السورية، وأخذ العبر والدروس من التجربة الماضية، وأن يتم التركيز على الجانب الاقتصادي والمصلحة والاستفادة من التحولات والتغيرات العالمية المحيطة بنا وفي المنطقة.
وأشار إلى أن حاجة تركيا والمنطقة والدول المحيطة لاستعادة العلاقات بين البلدين والشعبين أكثر من حاجة سورية ومطلبها، فسورية جزء مهم في هذه التحولات والتطورات الدولية وتملك الكثير من مكامن القوة التي تستطيع من خلالها فرض موقفها واستعادة حقوقها، مؤكدا أن أي تطور لهذه العلاقات مرهون بالنوايا التركية وضرورة تحويلها إلى أفعال، وعودة المحتل عن احتلاله.
الدور السوري أعطى دفعا للتوجه العالمي نحو تعدد الأقطاب
وفي تصريح خاص للثورة، أكد الدكتور إبراهيم زعرور رئيس فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب أن مستقبل العلاقات السورية التركية مرتبط بما يجري في المنطقة والعالم، والصراع الإقليمي والعالمي حول إلغاء الأحادية القطبية وإحلال نظام متعدد الأقطاب يساعد على العدالة في العلاقات الدولية وإنهاء هيمنة القطب الأحادي أمريكا، وقال: إن الدور السوري أعطى دفعا للتوجه العالمي نحو التعدد ومنح العديد من القوى العالمية هذا الدور مثل روسيا والصين وإيران في مواجهة المخطط الأمريكي الغربي الصهيوني الذي لا يستهدف سورية فقط بل يستهدف المنطقة وكل القوى بما فيها روسيا والصين وإيران وكل دول العالم الثالث
والمجتمع البشري بالكامل، ولولا صمود الشعب السوري في مواجهة هذا المخطط لما كان الدور الدولي كالروسي وغيره من الأصدقاء في المنطقة، وطبعا في إطار العلاقات مع تركيا كما قال تشرشل رئيس وزراء بريطانيا الأسبق لا صلات دائمة ولا عداوات دائمة بين الدول وإنما مصالح دائمة.
وجرى في نهاية العرض، مناقشة فكرية راقية لكل ما تم تقديمه من الباحثين، وعرض بعض الحضور أفكارا خلاقة أغنت الحوار الذي دار خلال الندوة، وركزت على أهمية وعي المرحلة المستقبلية للعلاقات بين البلدين وضرورة الارتقاء بمستوى التفكير وتحسين المناهج التربوية للأجيال.