ندوة حول الهوية ودورها في تعزيز الوحدة المجتمعية (نقلاً عن الثورة)
الثورة – فاتن دعبول:
محاور عديدة تتعلق بمفهوم الهوية والانتماء في ظل المتغيرات المجتمعية والدولية تطرق إليها المشاركون في ندوة حملت عنوان” الهوية ودورها في تعزيز الوحدة المجتمعية” أقامها فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب، وأدارها د. إبراهيم زعرور رئيس الفرع، وفي مشاركته بين أن دولاً كثيرة تجاوزت في عددها 85 تحالفت واجتمعت ليس لإسقاط النظام في سورية، بل سعت جاهدة إلى إنهاء المجتمع السورية وتدمير البنى التحتية وممارسة كل أنواع الحصار الاقتصاد لتفكيك المجتمع، بتخطيط ممنهج لإخراج المجتمع البشري عن سياقه الطبيعي.
وأضاف: لا يختلف اثنان أن الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا والغرب بشكل عام والصهيونية والقوى الرجعية جميعها تعمل من أجل إبادة الإنسان بطرق مختلفة إن كان بنشر الأوبئة والمرض، أو بالعقوبات والحصار، أو بمحاولة نشر الليبرالية الحديثة التي تدس السم في الدسم، وما يحصل في المجتمعات شيء مرعب يجب التنبه إليه، وأن تتوجه نضالاتنا جميعها من أجل إنقاذ الإنسان وحمايته ليعيش كريما آمنا في وطنه.
ضرورة التمسك بالهوية
وبدأ الدكتور حسين جمعة مشاركته بتعريف معنى الهوية بأنها المكونات التي تحدد ملامح الفرد أو الجماعة وتميزها عن غيرها، وتتجسد بشخصية ذات عناصر نفسية واجتماعية وتاريخية وثقافية ولغوية تجمعها ولا تفرقها.
وبين أنه يجب ألا يكون هناك انفصال بين هوية الفرد وهوية الجماعة التي يعيش فيها والتي تنتمي إلى ولاء مشترك هو الولاء الجامع” الأمة العربية الإسلامية” ومن انتقص هذا فقد انتقصت هويته.
ورأى بدوره أن الانتماءات المتعددة لا تلغي الانتماء المشترك، ولهذا لابد للهوية الجمعية من أن تظل محكومة بالقيم الخلقية الوطنية والسامية، والحرص على تجسيد القدوة الحسنة في كل مكان، وهذا يتطلب تنمية الحوار العقلي الدائم بين المواطنين لمناقشة كل الأمور وفق المصالح المشتركة، ومواجهة الأخطار الطارئة التي تهدد الهوية، أي الكينونة الذاتية على الصعيدين الفردي والجمعي.
ويخلص جمعة إلى أهمية التمسك بهويتنا وأهمية تنمية الحس الإدراكي والعقلي بقيمة الكينونة الجامعة التي تقف في مواجهة الأخطار الطارئة والمؤامرات التي تحاك ضد الأمة باسم التطور الإنساني، كما حدث في العولمة وكما يحدث اليوم في الليبرالية الحديثة.
الحفاظ على الوطنية والحداثة
وبين د. توفيق المديني أن العرب يعانون من أزمة الهوية، والسبب في ذلك الغرب فيما يمثله من استعمار وهيمنة امبريالية واستعمار استيطاني، وما خلفه من تجزئة وصراعات وعقوبات وحصار اقتصادي.
وتوقف بدوره عند ثلاث قضايا، تتعلق الأولى منها بالتزام السوريين بخيار العروبة، لأنها وحدها التي تستطيع أن تستوعب عصرنة المجتمعات الإسلامية أو تحديثها، من دون أن تخاطر بالانفصال عن الإسلام أو الوقوف في مواجهته.
والقضية الثانية تؤكد على استعادة بناء الدولة الوطنية، وأن يرتبط مفهوم الهوية لديها بالمشروع الوطني الحداثي، ومن أجل أن تلعب الهوية دوراً متميزاً في الحفاظ على تماسك المجتمع السوري ووحدته، لابد من تبني العلمانية في المبادئ الفكرية والسياسية والأخلاقية التي تتأسس عليها الدولة الوطنية الحديثة” الوطنية والحداثة”.
أما القضية الثالثة فقد نادت بإصلاح الثقافة العربية ومواكبتها لتطورات العصر دون أن تمس بالقيم والأخلاق، فهويته ليس ما كان عليه فحسب، بل ما هو عليه اليوم وما يريد أن يكونه في المستقبل.
الدفاع عن الهوية.. واجب وطني
ويرى الباحث علي بدوان أنه بعد موجات الحضارة الجديدة التي بدأت مع نهايات القرن التاسع عشر، تبدو الأهمية لسر بقاء الهويات الوطنية من خلال تفوق الأمم وتمايزها على المستوى الحضاري العلمي وعلى مستوى بناء مؤسسات وطنية تكرس الانتماء والهوية” المواطنة” وحقوق المواطنة كاملة.
وأكد أن بلادنا تستند تاريخياً إلى منظومة القيم الإنسانية العالمية” الحرية، التسامح، الإخاء الإنساني ..” وكل ما يضمن الأمن والاستقرار المجتمعي، لكن تاريخنا المتخم بالهزات والكوارث التي جاءت على يد المستعمرين، انعكس بشكل سلبي على شعبنا وبلادنا، ورغم ذلك حافظت هويتنا الوطنية على ديمومتها وعلى استمرار وحدة أوطاننا المجتمعية، والجميع يعتز بهويته العربية والانتماء.
واستشهد بدوان بمواجهة فلسطين عمليات اقتلاع السكان والتمييز القومي والطبقي والسعي لإنهاء الهوية العربية للشعب الفلسطيني ولفلسطين، وقد صمد الفلسطينيون دفاعاً عن وطنهم وهويتهم الوطنية العربية، وهم في كل يوم يستعيدون دورهم في المعركة الوطنية التي يخوضها أبناء شعبهم في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، كما وشعبهم في الشتات المحيط بفلسطين.
واختتمت الندوة بتوصيات تؤكد على رعاية الشباب وتكريس مفهوم الهوية والمواطنة لديهم عبر استقطابهم في بعض الأنشطة الثقافية وتبني مواهبهم ورفع مستواهم الثقافي وتحقيق الوعي الثقافي لديهم.