مهرجان الميماس الأدبي… الأدب حاضر مهما قست الظروف
على امتداد ثلاثة أيام تألقت فعاليات مهرجان الميماس الأدبي في فرع حمص لاتحاد الكتاب العرب بمشاركة عدد من الأدباء وبحضور باقة من المثقفين والمهتمين والإعلاميين.
افتتُح اليوم الأول للمهرجان بأمسية شارك فيها نخبة من القاصين في حمص قدموا مجموعة قصص واقعية غلب عليها الطابع الواقعي الفكاهي المشوق.
وقد قدم الدكتور جودت ابراهيم قصتين مترجمتين من الأدب الروسي فيهما تصوير لواقع الحرب المؤلم الذي يتماهى مع صورة ما يتعرض له الشعب العربي من ظروف وأهوال مشابهة بفعل الحروب.
وبقصة فكاهية من الأدب الإنكليزي قدم الكاتب والمترجم حسين سنبلي قصة قصيرة للكاتب ريتشارد هيوز تروي أحداث سجين فار من أحد المعتقلات يقضي ليلة ماطرة في كوخ مهجور بالصحراء، مصوراً الوقائع بطريقة الوصف الحسي المليء بالمغامرة والإثارة.
وشارك القاص الدكتور نزيه بدور بقصة وجدانية بعنوان الحب يصنع المعجزات، تدور أحداثها حول رجل متقدم في العمر، صاحب شخصية جادة وقع في حب شابة لينتهي به المطاف ويصبح شاعراً بفضل الحب.
وشارك القاص الدكتور جرجس حوراني بقصة تناول فيها معاناة صحفي معروف أطلق لقب صانع الفرح على كاتب حاز جائزة أدبية ليتسبب ذلك بالمشاكل لكليهما بأسلوب غلبت عليه المتعة والإدهاش.
وتناولت القاصة غادة اليوسف في قصتها حكاية رجل أمضى سنوات طويلة في السجن ليفرج عنه ويصطدم بالواقع وما فيه من انهدام للقيم والمبادىء فيقرر العودة إلى السجن المؤبد وهو القبر، وتحمل القصة العديد من العبر والحكم التي تصادفنا في الحياة.
واختتم الأمسية القاص عيسى اسماعيل بقصة واقعية من الريف تحكي عن كهل أمضى حياته في أرضه التي حملت اسمه، ومع تمسكه الدائم بها سارع كل من حوله بعد مماته للاستئثار بها ضاربين عرض الحائط بما أفنى الرجل حياته من أجلها.
اليوم الثاني للمهرجان كان من نصيب الشعر، حيث استهلت الفعاليات الشاعرة فتون الحسن بقصيدة حزينة عبرت فيها عن سخطها لما يتعرض له الشعب الفلسطيني في غزة الصامدة بوجه الغطرسة الصهيونية.
وفي قصيدة حماسية عبر الشاعر إياد خزعل بتراكيب ضمنها العديد من الرموز والصور الحسية عن شعوره بالخذلان لما تتعرض له شعوب العالم ومنها الشعوب العربية من تدمير وحروب وفوضى بفعل المخططات الهمجية للرأسمالية.
الشاعرة خديجة الحسن شاركت بقصيدة نثرية فيها مناجاة أنثى تعصف ألماً بحب الوطن وهمومه وواقعه المتهالك.
ومن خلال قصيدتين ألقتهما الشاعرة ريما الخضر، دعت لإيقاف الحروب وبث السلام والطمأنينة لتخفيف آلام الشعوب.
واختتم الأمسية الشاعر أحمد الحمد بنص شعري غلب عليه الطابع الصوفي وعبر من خلاله عما يقاسيه المثقف في ظل الظروف الراهنة التي تطوقه فلا يستطيع النجاة منها إلا بالكلمة التي تبلسم الجراح.
وفي اليوم الثالث والأخير من المهرجان عُقدت فعاليات ندوة بعنوان (ملامح الحداثة في القصة العربية القصيرة)، حيث قدمت الأستاذة في قسم اللغة العربية بجامعة البعث الدكتورة رشا العلي ورقة بحثية أضاءت من خلالها على أن القصة القصيرة خرجت عن مسارها المألوف من حيث السرد الرأسي والاعتماد على الشخصيات المهمشة واستخدام بعض التقنيات البصرية، مشيرة إلى أنها من خلال قراءتها لكثير من المجموعات القصصية التي تنتمي إلى بيئات عربية متعددة توصلت إلى ابتعاد القصة القصيرة عن مسارها التقليدي المعتاد لتعزز انفتاحها على ما يدعم حداثتها في التقنيات السردية والبصرية.
كما عرضت الاستاذة في قسم اللغة العربية بجامعة البعث أ. سلوى شاهين بحثاً أدبياً عن التجربة القصصية عند الكاتبة قمر كيلاني التي شغلت المرأة حيزاً مهماً في مجال الكتابة الإبداعية لديها، وخاصة في مجال القصة القصيرة وأسهمت في صنع المشهد القصصي، معبرة من خلالها عن ذاتها وعن تحرر المرأة لتحقق مشاركة فعالة في بناء الشخصية العربية الواعية.
مهرجان شكّل ظاهرة ثقافية أدبية نقدية استقطبت جمهوراً جميلاً، وهو خطوة من مسار يسعى اتحاد الكتاب العرب من خلاله إلى الارتقاء بالذائقة الثقافية، من خلال منح فرصة لكل مبدع بأن يُقدم نتاجه بشكل لائق تكون الغلبة فيه للقلم الجاد والكلمة الهادفة، انتصاراً للأدب والثقافة في زمن مُثقل بالحزن والموت وصوت الرصاص، لعلّ غداً عِماده أصالة الحرف يكون أجمل…