من تراث نذير العظمة (نقلاً عن الثورة)

الثورة – ديب علي حسن:

كتاب الجيب الذي يصدر مع مجلة الموقف الأدبي الشهرية عن اتحاد الكتاب العرب يقدم زاداً ثقافياً مهماً ومتميزاً بنسختيه الورقية والإلكترونية.
ويتنوع بين الفكر والإبداع والفلسفة وتحرص المبدعة فلك حصرية على انتقاء المتميز من الكتب التي لا تتوفر بين أيادي القراء لتكون هدية العدد.
وها هي اليوم باختيار متميز ومهم تقدم كتاباً للراحل الشاعر والناقد نذير العظمة، الكتاب  حمل عنوان: “التراث بعيون معاصريه”.
تقول رئيس تحرير مجلة الموقف الأدبي فلك حصرية: الثقافة هي خبز الحياة والإنسان، من دونها تصبح السياسة روتيناً إدارياً، وولادة الفجر الجديد تحتاج إلى الحيوية النادرة، والتضحية الفذة من الجيل تلو الجيل لترتفع قامتنا إلى الشمس”.
هذا هو الدكتور المفكر والناقد نذير العظمة 1930 – 2013م الباحث والأديب المولود في “دمشق” والذي يتقدم أوائل الشعراء الذين كان لهم دور فاعل وكبير في تطوير القصيدة العربية الحديثة، وبخاصة ما عُرف بالقصيدة “المدورة”.
والواقع أن ما بدأنا به استهلالنا، وما سبق تقديمنا لهذه الشخصية العربية السورية الفذة والمثقفة، وذات الماضي الأدبي الثقافي النقدي، الفكري، التوعوي، ما كان إلا اجتزاء من السطور الأخيرة التي أرادها خاتمة لكتابه “التراث بعيون معاصرة الذي تركه” مخطوطة لدى اتحاد الكتاب
العرب، ولم يسعفه القدر بإنجازه مطبوعاً، فرأينا – إكراماً لذكراه، وتحية لروحه السامية، وإحياء لمسيرته الأدبية العطرة المعطرة – أن يكون كتاب جيب، يزين العدد الجديد من مجلتنا الشهرية الغراء الموقف الأدبي”، بحيث يضيف ألقاً جديداً لما سبقه من كتب الجيب المتمايزة والمنتقاة راجين أن تنال اختياراتنا ما نأمله من الاهتمام والإعجاب والقبول.
قبل عام ونيف غادرنا الدكتور نذير العظمة في رحلة الغياب عن عمر ناهز ثلاثة وتسعين عاماً، قضاها في الاشتغال، والمثابرة، وبذل الجهود لقطف ثمار ثقافة عربية منفتحة وواعية وهادفة ومتطورة وفق منظور حديث ومرونة وتداول لاستيعاب وهضم تيارات وثقافات من شأنها أن تغني الساحة الثقافية، وتغني وتدعم ما تتجه نحوه وتتطلع إليه، وتنحو باتجاه الثقافة الحقيقية البعيدة عن الإسفاف والسطحية التي تؤسس لمشروعات ذات عمق ومنهجية وفعل ودور، بحيث تحقق وتترجم ما دعا إليه وأراده السيد الرئيس بشار الأسد: إن الاستثمار في المشروعات الثقافية هو الاستثمار الأكثر ربحاً لأنه يبني الإنسان المنتمي والمتسلح بالمعرفة ويحصنه ويؤهله ليكون قادراً على تنمية ذاته، ومجتمعه ووطنه.
من هنا فقد كان أديبنا وباحثنا الدكتور العظمة خير من يحمل هذه الأمانة وأفضل من يؤديها، فقد ساعدته مؤهلاته العلمية، وإمكاناته الإبداعية على أداء دوره الثقافي التثقيفي، ولم لا؟ وهو خريج كلية الآداب في جامعة دمشق وحصل على درجة الدكتوراه من الولايات المتحدة الأميركية في فلسفة الأدب في العام 1969م، وعلى ماجستير في الأدب الإنكليزي من جامعة بورتلاند 1965م، إضافة إلى كونه مجازاً باللغة والأدب من الجامعة السورية 1950م، وقد قضى أربعين عاماً في التدريس والتعليم الجامعي في (أميركا – المغرب – السعودية)، وهو عضو مجلس كلية الآداب، وأستاذ زائر لجامعة هارفارد وجورج تاون، ورئيس لجنة الملاك والترقية في جامعة بورتلاند الرسمية بأميركا، وسكرتير خازن لجمعية الاستشراق الأميركية من غرب أميركا وكندا، ومدير قسم المعلومات في مؤسسة أبي ذر الغفاري في لبنان هذا ويعد من مؤسسي اتحاد الكتاب العرب في سورية، كما شارك في العام 1957 في تأسيس مجلة الشعر كذلك عمل كمستشار لوزارة الثقافة بمهرجان “أبو العلاء المعري” لمدة خمسة أعوام وكان مشاركاً بالإعداد لتكريم: (بدوي الجبل – عمر أبو ريشة – نزار قباني – شفيق جبري – محمد الماغوط)،
يقول الدكتور العظمة: إن حضارتنا العربية، وثقافتنا مستمدة من الجذور، من سومر إلى أوغاريت إلى ميسلون، وأنا ابن هذه الثقافة….. وبرأيي النهضة هي تواصل كوني تحت سقف الثوابت الحضارية.
ويقول في موضع آخر؛ استطعت أن أتابع دراستي الجامعية بالأدب العربي على يد أساتذة منهم قسطنطين زريق، وشاكر مصطفى وشكري فيصل، وشفيق جبر، وأمجد طرابلسي، وجميعهم مرتبطون بالحداثة والمعاصرة، وهذا ما أثر في. وهنا نعود للتذكير بأنه يُعد من أوائل الشعراء الذين كان لهم دور في تطوير القصيدة العربية الحديثة، إذ زاوج بين الحداثة والأصالة، مستعيناً بالفلكلور والأسطورة والتجربة الصوفية، وإليه يعود الفضل في ابتكار القصيدة المدورة الموزونة، المنطلقة دون قافية، كذلك لا يفوتنا التذكير بأنه من المؤسسين لمجلات عدة، منها مجلة الشعر والأدب الحديث الصادرة بالإنكليزية – سابقاً – عن اتحاد الكتاب العرب، وكان رئيساً لتحرير جريدة البناء إلى جانب ما نشره في الدوريات والصحف العربية، وشارك أيضاً في مهرجانات أدبية عدة في العالم منها إيران – تركيا – الهند – الاتحاد السوفييتي سابقاً) وغيرها.

قد يعجبك ايضا
جديد الكتب والإصدارات