مدخل إلى حرب المصطلحات نظريات متصارعة تحاول فرض وجودها الأكاديمي والشعبي (نقلاً عن الوطن)
مدخل إلى حرب المصطلحات كتاب صدر عن اتحاد الكتاب العرب في دمشق (2023) لمؤلفه الدكتور إبراهيم ناجي علوش وتقديم الدكتور محمد الحوراني من 140 صفحة من القطع الصغير جاء الكتاب من أربعة فصول:
نشأتها وأهميتها
تعد المصطلحات من الأمور التي يجب أن نلتفت إليها لخطورتها، ولأنها تعزز أمراً ما لم يكن ليصبح مقبولاً لولا أن عززه المصطلح، وهذا ما يدور حوله الكتاب الذي يكشف المصطلح وخطورته.
في الفصل الأول: نشأة المصطلحات وأهميتها: تناول الكاتب في هذا الفصل المصطلحات ونشأتها وأهميتها في حديث طويل بدايةً (المصطلحات أو الاصطلاحات كما يراها البعض أفضل لغوياً لتنظيم العلوم والمعارف في المجالات المختلفة حيث تحفل شتى العلوم الطبيعية والاجتماعية بنظريات متصارعة تحاول فرض وجودها الأكاديمي عبر ترويج مصطلحاتها في تفسير الظاهرة التي تدرسها ولو وجدت نظرية أو مدرسة فكرية لا يتفق المرء معها فلابد من اسم ما لها لإتاحة نقدها ووصفها على الأقل كما تسمية الأشياء والبشر والدول والظواهر وكل شيء باسم خاص هو مقدمة ضرورية للتعرف على العالم).
المصطلحات والفكر
أهمية المصطلحات تكمن أولاً في أنها تعمم ثقافة قد لا تكون مستغربة أو مرفوضة في مرحلة من المراحل، لذلك وجب اختيار مصطلحات ملائمة للفكر والعلوم والنظريات فيحل المصطلح بديلاً عن العودة إلى ظاهرة أو قانون لشرحه بالتفصيل فتسهل الإشارة إليه.
ينطلق الكاتب من واقع الحرب السورية لتناول المصطلحات وأثرها في تعزيز بعض المفهومات وقد أحصى الكثير من هذه المصطلحات فذكر في الفصل الثاني:
المصطلحات في الحرب السورية: (إن الحرب في سورية كشفت حرب المصطلحات وأهمية استبدالها بمصطلحات تكشف التضليل والزيف والرسائل الخفية).
لقد بين لنا الكاتب كيف كشفت هذه الحرب تسلل التهويد نفسياً وإعلامياً عن طريق المصطلحات التطبيعية ومقاومتنا له فلم نعد نكتفي بوضع إسرائيل بين مزدوجين بل نستخدم الكيان الصهيوني عوضاً عنها لأنه يرى تهويد الأسماء هو أحد محاور تهويد الأرض حيث إنها كلها أسماء مفتعلة ليس لها أساس تاريخي.
وهنا نكتشف أهمية المصطلح وخطره في التسلل إلى الذاكرة الجمعية للمجتمع، لتصبح فيما بعد وبسبب غياب الوعي جزءاً من الذاكرة.
أثرها في الرأي العام
أما الفصل الثاني فتحدث الكاتب عن أثر المصطلحات على الرأي العام:
حيث اعتبر أن (أهم الأسلحة التي تمتلكها القوى المهيمنة في العلاقات الدولية أو داخل المجتمعات هو أدواتها الثقافية والإعلامية التي تمكنها من صناعة المصطلحات وصياغة التقارير).
إن تحديد قوانين اللعبة السياسية يتم عن طريق التعاريف والمصطلحات المستخدمة فهي ليست مجرد كلام بل نقاط مرجعية مهمة ذات تأثير تراكمي على المدى البعيد يخترق الوعي.
قام الكاتب بتلخيص كلمات الرئيس بشار الأسد وخطاباته منذ عام 2011 حيث تطرق سيادة الرئيس لمسألة المصطلحات في أكثر من خطاب وقال إن حرب المصطلحات بدأت منذ ثلاثة عقود وبشكل واسع مع ظهور الأقمار الصناعية والأقنية الفضائية وتوسعت مع دخول الإنترنت إلى المنازل وأصبحت هذه الحرب قادرة على الوصول بالمصطلحات المشوهة إلى كل مواطن، هذا الجانب الذي فشل به العرب وأثبتوا جهلهم المطلق بموضوع المصطلحات.
توعية المواطن
إن نجاحات سورية خلال العقود الماضية كانت بسبب فهمنا على المستوى السياسي لمثل هذه المصطلحات ولكن التقصير في سورية كان على مستوى توعية المواطن بشأن هذه المصطلحات نفسها.
وذكر الكاتب بعض مصطلحات الرئيس بشار الأسد للشعب:
مصطلح ضد العنف من الطرفين.
مصطلح جيش أو نظام يقتل شعبه.
مصطلح الجيش المحترف مقابل الجيش العقائدي.
مصطلح الحرب الأهلية والمصطلح الطائفي والعرقي وغيرها الكثير من المصطلحات.
أما بالنسبة للعروبة والقومية والوطنية فعرض الكاتب بعضاً من مصطلحاتها وقال (يتحسس البعض من مصطلح القومية العربية أو أمة عربية على الرغم من عدم ممانعتهم استخدام تعبير عرب، فالعرب والعروبة عندهم شيء ما هلامي ليس أمة ولا تشد روابط قومية) ورأى أن هؤلاء لديهم مشكلة أيديولوجية على الرغم من تظاهرهم بالواقعية.
وذكر العروبة أو القومية العربية كهوية وانتماء.
القومية العربية (كمدرسة فكرية وعقيدة).
العروبة الرسمية أو الجامعة العربية كلها تعاريف ومصطلحات شرحها الكتاب وأعطى أمثلة عنها لفهمها بشكل واضح.
يظهر الكتاب دور الباحث الدكتور إبراهيم علوش في توعية أبناء أمته في تخفيف التشويه الذي أصاب الكثير من المصطلحات التي طالتها الحرب وغدت مستخدمة لدى العديد من أبناء الأمة دون إدراك خطورتها ومعانيها ويظهر خطورة المصطلحات في الوعي الثقافي والسياسي والإنساني ما يجعلنا عرضة لتأثيراتها السلبية، ولم يكن يتناول الجانب السلبي وحده للمصطلح، وإنما تحدث كذلك عن المصطلحات التي تظهر في مواجهة موجة المصطلحات الوافدة لتعزز ثقافتنا وهويتنا.