“ليلة أخيرة” تحية لروح المسرحي سعد الله ونوس (نقلاً عن الثورة)
الثورة _ فاتن أحمد دعبول:
بمبادرة من اتحاد الكتاب العرب وجمعية المسرح بالاتحاد وبالتعاون مع مديرية المسارح والموسيقا، شهد مسرح القباني بدمشق عرضاً لمسرحية “ليلة أخيرة” تحية لروح المسرحي السوري سعد الله ونوس الذي رفع اسم بلاده في الكثير من المحافل الدولية، والمسرحية من تأليف وإخراج الأديب المسرحي محمد الحفري، وتمثيل الشاعر مدين الرحال على مسرح القباني.
محمد الحفري: تجسد صراعات النفس البشرية
ويقول مؤلف العمل ومخرجه الأديب محمد الحفري، هذا العمل المسرحي هو من نوع المونودراما، وهي من أصعب أنواع الفنون التي تقدم على المسرح اعتمادا على الممثل الواحد الذي يجب أن يجسد شخصيات كثيرة، ويعتمد فيها الكاتب والمخرج على تنامي الحدث وتصعيده من خلال ما يخلقه الحوار بينه وبين الآخر الغائب، وما يقدمه من أفكار بحرفية عالية وحضور للممثل مقنع.
وعن مضمون العمل يقول الحفري: تتحدث المسرحية في ثيمتها الأساسية عن بائع كتب مستعملة، يهرب إلى بيته خوفا من القصف، وهناك يبدأ بسرد حكايته لزوجته المتمثلة في”الملكانة” وأثناء ذلك يسترجع حكاياته مع زوجاته اللواتي طلبن الطلاق منه، فهو من وجهة نظره الخاصة، رجل وقادر على الإنجاب، بينما الحقيقة هو رجل عقيم، ولا يمكن أن ينجب.
كما يعرض حكايات أخرى عن الفقر والتعب، وفي شخصيته نجد الإنسان الطيب والحنون ونجد اللؤم والشر والبخل أو الشح أحيانا، وهو بذلك يمثل التناقضات التي تصطرع بها النفس البشرية، وهو يتراجع عن قتل زوجته في نهاية العرض، عندما يتجدد صوت القصف، وتلك من رسائل العرض الهامة، لأننا في النهاية معرضون لتلك الهجمة الشرسة التي تشن على بلادنا، وهذا الموت والتهجير والخوف يستهدفنا جميعا.
وبدوره أوضح أن العرض يريد شرح حياة ذلك البطل بالذات والذي يهجس ويحلم أن يكون لديه طفل، وهذا العرض ينتمي إلى المونودراما، ويعتمد على الممثل الواحد وقدرته الاستثنائية في تجسيد شخصيات كثيرة.
مدين الرحال: نحتاج الخبرة والمهنية
وفي تجربته الأولى على خشبة المسرح استطاع الشاعر والفنان مدين رحال أن يقنع الجمهور بما تمتع به من تلقائية وعفوية، ويقول عن دوره:
نسيت منذ اللحظات الأولى ذاك الشاعر مدين رحال، وخرجت إلى شخصية عباس ذاك الرجل الخمسيني، رغم أن المونودراما هي من أصعب الأنواع المسرحية وتحتاج إلى قدرة كبيرة وثقة بالنفس وإيماءات بمعالم الوجه، ليستطيع الممثل أن يقنع الجمهور، بأن ما يشاهده هو حقيقة وليس تمثيلا.
وأضاف رحال: أنا شاعر قبل أن أكون ممثلا، وهذه تجربتي الأولى على خشبة المسرح، ولكن شعرت بأنني محاط بالعناية الإلهية وبمعنويات عالية، ونظرت إلى الجمهور فرأيته أزاهير عابقة بعطرها الفواح.
في دائرة الاهتمام
وبين توفيق أحمد عضو المكتب التنفيذي في اتحاد الكتاب العرب أن الاتحاد يسعى ضمن منهجه إلى العناية بفنون الثقافة كافة، وتلك التجربة الثانية بعد تجربة د. محمد إسماعيل بصل في اللاذقية، في خطوة جادة لرعاية المسرح” أبو الفنون” وستجول هذه المسرحية في المحافظات كافة والمراكز الثقافية الكبرى.
ورغم صعوبة المونودراما استطاع الفنان مدين رحال أن يقدمها بحرفية عالية ويوصل رسالته إلى الجمهور المتلقي الذي تفاعل مع النص الذي يصور بعضا من الواقع الأليم وصراع النفس البشرية في سعيها للكمال.
وبين الأرقم الزعبي عضو المكتب التنفيذي في اتحاد الكتاب العرب، أن الاتحاد يطمح لتحفيز الكتابة للمسرح وتنشيط النص المحلي، ولذلك أطلق مسابقة للكتاب الشباب للنص المسرحي من أجل الهدف نفسه، ولا شك أن النص المسرحي يحتاج أن يترجم على خشبة المسرح تمثيلا وإبداعا وهذا ما نسعى لتحقيقه.
وفي عودة للعمل المسرحي فقد استطاع أن يحيط بقضايا عديدة ويلامس وجع الإنسان في ظل تبعات الحرب، ومفارقات الحياة، وكيف يهجر الناس الكتاب على أهميته لصالح تسطيح الفكر في ظل ذاك التهافت على العناوين الاستهلاكية التي لا تغني ولا ترتقي بالعقل والفكر والتطلع الإنساني السامي.