كتاب بلغتين يترجم حياتنا.. في “معرض الكتاب العربي والأرمني” (نقلاً عن البعث)
حلب – غالية خوجة
تتعاشق حياة السوريين على مر الأزمنة، وتظهر أعمارهم متداخلة كما لوحات الفسيفساء الأثرية المطلة على حداثتها، وتشتبك ذاكرتهم مع ذاكرة الوطن في نسيج واحد للانتماء والهوية، وتضيف إليه الكلمة طقساً خاصاً، تماماً، كما يعكسه “معرض الكتاب العربي الأرمني” المقام في صالة ليفون شانط – دار مطرانية الأرمن بالفيلات، تشاركياً بين كل من اتحاد الكتاب العرب ونادي الشبيبة السورية الثقافي ودار كيليكيا للنشر. وعلى مسافة ثلاثة أيام سيجد القارئ ما يطمح إليه من الكتب المعرفية المتنوعة بين الآداب والعلوم والدراسات والأبحاث والتأريخ والتوثيق والمجالات المختلفة المناسبة لكافة الأجيال، وكافة الاهتمامات والاختصاصات.. وللداخل للمطرانية أن يصغي لهدوئها المتأمل، وسعادتها بهذه المشهدية المتحركة بين الكتب المثيرة لفضول المهتمين وهم يحضرون بأناقتهم الروحية والإنسانية والمعرفية التي لا تتغير مع تغيرات الفصول والأهواء والأنفس.
فخر مشترك
وبهذه المناسبة، أشار المطران آرا موطافيان في كلمته التي ألقاها إلى الشراكة في الحياة والمواطَنة والوطن والثقافة التي تجمع الناطقين باللغتين العربية والأرمنية في سورية، مضيفاً: “.. ونؤكد على الفخر المشترك بوطننا وأبطالنا وشهدائنا معاً”.
وبدوره، لفت د. فاروق أسليم عضو المكتب التنفيذي في اتحاد الكتاب العرب إلى الانفتاح على الجميع لا سيما الشباب لأنهم الثروة الحقيقية، مؤكداً على ضرورة تشابك نادي الشبيبة الثقافي الأرمني مع نادي الشباب في اتحاد الكتاب العرب.
مانوك باريخانيان نائب المطران أشار إلى ضرورة توجيه الأطفال والشباب لقراءة الكتب والمحافظة على الثقافة من خلال مبادرات تشجعهم على القراءة والتفاعل كما في هذا المعرض الذي يحضره الأدباء أيضاً، وأضاف: لا بد من ترديد مقولة خاجادور رابوقيان: “إذا لم يكن للإنسان لغة يقرأ بها فلن تكون له ثقافة”، وها نحن نقرأ بلغتين.
وأكد لـ “لبعث” الأديب نذير جعفر رئيس الهيئة الإدارية لفرع حلب لاتحاد الكتاب على أهمية المعرض كونه يعرّف الراغبين بالنتاج الأدبي لأعضاء الاتحاد، ويمد الجسور ويعمق الصلات بالشبيبة السورية الأرمنية بحلب، كما يتم تبادل المطبوعات، إضافة لتوثيقه عرى الصداقة التأريخية بالشعب الأرمني في كل مكان.
عراقة الثقافة السورية وأطيافها منتصرة
وركز جابر الساجور مدير الثقافة بحلب على أهمية هذه التظاهرة الثقافية، لأن دماء السوريين امتزجت على هذا التراب، كما الحضارات العريقة التي تمتزج على هذا التراب، لأن الأرض واحدة، والهدف المشترك واحد، والعدو المشترك واحد، وأضاف: التركيز في هذا المعرض على التشاركية الفاعلة، وعلى الجيل الشاب وحضوره، وعودة الكتاب إلى القراء، وهذا يعكس عراقة الثقافة السورية بكافة مكوناتها وأطيافها والتي كانت محوراً أساسياً في الانتصار على المؤامرة الكونية الظلامية، لذلك، اليوم، نستطيع القول، وبكل ثقة: إن الثقافة السورية منتصرة كما انتصرت سورية في كافة المجالات وستبقى الثقافة الحاضنة الكبرى لفسيفساء المجتمع السوري.
وأكدت مارال ديكيبيكيان مديرة نادي الشبيبة السورية الأرمني على أهداف المعرض ومنها التعريف بالثقافة الأرمنية كجزء من ثقافة الهوية السورية، وبناء المجتمع الواحد بالفكر المشترك بين الأجيال ومنهم الشباب والأطفال.
وأجاب د. وانيس بندك الكاتب والمخرج المسرحي عن شعوره بهذا المعرض: باعتبارنا نفتتح أول معرض مشترك بين اللغتين العربية والأرمنية بعد الحرب الظالمة على سورية، فأراه يؤكد على العلاقات المتينة بين الشعبين الأرمني والعربي، ويؤكد على النضال المشترك بينهما، والحياة المشتركة، ولغتنا الوطنية الأولى في سورية هي اللغة العربية، بينما الأرمنية فهي إحدى اللغات الآثنية الموجودة في وطننا سورية، كما يؤكد المعرض على انفتاح اتحاد الكتاب العرب على كافة الأطياف الوطنية السورية.
مكتبة باسم كاتب أرمني
وعن مساهمة مكتبة كريستابور التابعة لنادي الشبيبة السوري الأرمني، قال سركيس جاك أوغليان بأنها مكتبة تنتسب باسمها للكاتب المفكر الأرمني كريستابور المؤسس لحزب باشتناك عام 1890، والذي استشهد عام 1905 أثناء الإبادة العثمانية الجماعية للأرمن، وتمتلك المكتبة 12000عنواناً، وتشارك بحوالي 200 عنوان في كافة المجالات، ومنها سلاسل أعمال مثل سلسلة ستيفان زوريان المؤلفة من 12 عنواناً، كما تعرض كتباُ توثيقية فريدة.
وأشار مطانيوس أبليغاتيان صاحب دار كيليكيا للنشر إلى الكتب التي تشارك بها الدار باللغتين، وتحرص من خلال 400 عنوان على جذب الأطفال إلى عالم الكتاب المطبوع، ضمن منهجية مناسبة للمتطلبات العمرية المختلفة.
لولا سورية لما كنا معاً الآن
وقال كيفورك آرويان، من فريق تنظيم المعرض: أعجبني أن هناك كتباً للأطفال واليافعين والكبار، متنوعة بين الفلسفة والأجناس الأدبية وبلغتين، وأنا فخور بأنني مواطن سوري، لأنه لولا سورية لما بقي من الأرمن ربعهم، ولربما ما كنا معاً في هذا المعرض.
وأجابت الكاتبة الباحثة المترجمة هوري عزيزيان عن مميزات المعرض: إنه مبادرة ذكرتنا بأيام ما قبل الحرب الإرهابية على سورية، وها نحن نستعيدها معاً بعدما تشاركنا في الدفاع عن حلب وتطهيرها ووصلنا إلى قيامة وطنية جديدة، آملة التركيز على الترجمة كضرورة معاصرة وتطويرها، لا سيما وأن الترجمة الأرمنية تكونت في القرن الخامس الميلادي، خصوصاً، وأن الترجمة اكتشاف لأقرب الروابط بين اللغات، وهذا الاكتشاف يتمّ بأسلوب فريد لا يمكن إيجاد ما يقابله إلاّ في المنظومة اللغوية، وأنوّه في عصر الاتصالات والتكنولوجيا الحديثة إلى ضرورة استمرار الترجمة الشفاهية والمكتوبة.
وقالت الكاتبة المترجمة مارال خاسيكيان: أن المعرض يدمج بين ثقافتين في وطن واحد، ولا فرق بينهما تأريخياً وثقافياً ووطنياً لا سيما في حلب وسورية.
وأكدت زارميك بوغيكيان – رئيسة تحرير نشرة كانتسار – المطرانية – الأسبوعية على فرصة التعرف والتعارف بين اللغتين وثقافتهما في هذا المعرض الهام لا سيما للجيل الشاب الذي تتمنى أن يقرأ الكتاب المطبوع لأنه يفتح الآفاق، كما رأت أنه من الضروري جداً إقامة معارض مشتركة مستمرة.