في رحاب عالمهم المشتهى (نقلاً عن الثورة)
الثورة – فاتن دعبول:
أقام فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب أمسية أدبية اغتنت بفرسانها وتنوع نتاجاتهم بين القصة والشعر يرسمون من خلالها ملامح عالم فيه الأمل والحب وقبل كل شيء هو العالم المشتهى لكل منا بعيدا عن صراعات الحياة وآلامها، عسى الأيام تستجيب لأحلامهم بوطن آمن كما كان دائماً.
ولأن الحياة هي خيار والانتماء خيار أيضاً- كما بين ذلك الدكتور إبراهيم زعرور في تقديمه للأمسية- فلابد أن نتحدى ذاك الحصار والإرهاب الذي يرهق المجتمع بأطيافه جميعها، ونقف جميعاً إلى جانب الوطن في محنته حتى يتحقق النصر.
وعلى الرغم مما نعانيه من تحديات فإن القلوب تدمى لما يحدث في غزة من قتل وتهجير لأبناء جلدتنا، وتمنى أن يتحقق لهم الحرية والقضاء على ذاك العدو الذي لايزال يتمادى في طغيانه ووحشيته دون وازع من قانون أو حس إنساني، ولكن الحياة مستمرة ولو كره المستعمرون والطغاة، وسيعلو صوت الحق شعرا وقصة ورواية وفي كل ألوان الفنون.
وقدم لهذه الأمسية أمين سر فرع الاتحاد الأديب أيمن الحسن مبيناً أن الأمسية تحمل عبقاً خاصاً بفرسانها ولهم من الباع في فن الشعر والقصة ما يجعلها تصنف بالمميزة، وخصوصاً أن جعبتهم تحمل الكثير من الحب والكثير من الأمل علها تكون نبوءة خير للقادم من الأيام.
حب ووجع
ويرسم الشاعر أسامة حمود في قصائده عالماً مختلفاً، فعلى الرغم من الألم والحزن، ولكن في كل مرة يطل ببريق ساحر ليزيل لمحات تلك اللحظات القاتمة ويذهب بنا بعيداً إلى عوالمه المشتهاة، يقول في قصيدته” ربيع مشتهى”:
أي المدائن في الأصقاع تؤويني؟
خال هو الدرب من حب ومن طين
ظل الحجارة مسفوك على وجعي
والشمس إذ تقتفي الأحجار تؤذيني
ولكنه رغم ذاك الألم الذي يعتصر فؤاده، نراه يصل في نهاية قصيدته إلى القول:
أسمو بطقسي إلى آلاء مملكتي
والتوق يغمرني في دوح تكويني
أرقى، فأربأ عن قاع الدنا أنفا
لا ترهات عن العلياء تلهيني
هذا أنا، والربيع المشتهى وطن
سر التوهج في الغابات يغريني.
همس الروح
كثيرا ما تأخذنا هواجسنا إلى تصورات ربما نتمنى أن تكون واقعاً، وربما نملأ تلك المساحات الخالية من حياتنا بأحلام نرسمها على الورق، فإما أن تتحقق أو تذهب أدراج الحياة، وفي قصتها” ظل وورق” تقدم لنا الأدبية أماني المانع بعضا في بوح الروح، تقول:
“خرجت من المنزل وأحكمت إغلاق عالمي بمفاتيح الأمان ومضيت، اشتريت تذكرة، جلست على أحد المقاعد وعيناي تراقب أحدهم، شدني تثاقل خطواته يجر معه ظله المتعب، جلس على بعد خطوات مني، التفت أفكاري حوله، حاولت الاختباء خلف أوراقي.. وبنيت بيني وبين هذا الغريب جسراً وملعباً وغابات من الأحلام، ورحت أقلب الأوراق واحدة تلو الأخرى لتعيدني إلى غرفتي وعالمي.. حيث لا ظل ولا دخان ولا ذاك الغريب”.
سحرها الآسر
وكان للشاعرة أمل المناور مشاركتها في قصائد عديدة، وكعهدنا بها في كل أمسية تفاجئنا ببريق جديد يشع بين كلماتها لتجعلنا نذهب معها ونغوص في عالمهم الشعري الذي يجمع بين العمق والبساطة وسحر الكلمة والنغم، تقول في قصيدتها” ياشام”
إن قلت أنت الروح لا تتعجبوا
أو قلت أنت القلب لا تستغربوا
إذ كيف للأنثى تحب جميلة
وعلى لهيب غرامها تتقلب
ولها ببوح الشعر تكتب أحرفا
ممهورة بالنبض إن هي تكتب
يا شام أنت جميلتي وحبيبتي
وسعادتي وغوايتي والمطلب
يا شام إن هاجرت يوما فاعلمي
أنت المحيط وياسمينك مركب
شغف العاشق
وترى الشاعرة خلود كريمو أن الشعر عندما تكتمل عناصره في اللفظ والمعاني الراقية لاشك هذا يساهم في الارتقاء بالذائقة الثقافية والروحية، وكلما اقتربنا من الشعر وجدناه يرسخ في نفوسنا التسامح والإيمان بالحق والخير والجمال.
والقول بربط الشعر بالواقع لا يعني أن يتقيد الشاعر بالوصف الحرفي لما يراه، لأن ذلك يعد ابتعادا عن روح الشعر، ولكن الحقيقة الشاعر يتأثر بما يحدث في المجتمع، وينسج من شعره ما يشي بهذه المؤثرات التي حركت وجدانه وقلمه.
تقول في قصيدتها:
تأتي تعانقني عناق مودع
فأشم رائحة النوى إذ تقبل
أمسك وعودك قد سئمت وساءني
أني أراك تقول ما لا تفعل
كلفا بأمطار الغواية جئتني
وبها جناحي مذ دنوت مبلل
حرر يدي ففي العناق هزيمتي
أضحت ورودي حين تسقى تذبل
كم من يد من قبل مدت نحونا
فإذا بنا ننوي العناق فنقتل.