في “الأسبوع الأدبي”.. سوريون يلتمسون الحياة (نقلاً عن الثورة)
الثورة- نوار حيدر :
في عدد خاص عن مأساة الزلزال في سورية لجريدة الأسبوع الأدبي صدر العدد الجديد (١٨٠٦) الزاخر بباقة من القراءات الأدبية والإنسانية لكتّاب وشعراء انبرت أقلامهم لتصوير الواقع الأليم الذي عاشته سورية جراء الزلزال المدمر.
جاءت افتتاحية العدد بقلم د.محمد الحوراني تحت عنوان “مأساة الزلزال في سورية.. تعرية القيم والأخلاق الغربية” كتب فيها:
مرة أخرى تؤكد الأحداث زيف القيم الغربية والليبرالية ، وتواطؤ الإعلام الغربي ، الذي يفترض أن يكون حيادياً ، مع الأنظمة الغربية التي ترى أن هذه القيم تصح للغرب وحده ، بعيداً عن الأخلاق والقيم الإنسانية النبيلة وحقوق الإنسان ، إنه « عصـر التفاهة » دون منازع حسب رؤية الكندي « آلان دونو » ، فقد تبوأ التافهون قمـة السلطة وأصبحوا هم المسيطرين وأصحاب القـوة والنفوذ ، يؤكد هذا ما تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية ، وكثير من الدول الغربية والأوروبية الدائرة في الفلك الغربي ، من منع لإيصال المساعدات إلى الشعب السوري بعد الكارثة التي أصابته نتيجة الزلزال المدمر ، وهي كارثة ما كانت لتحدث بهذه الطريقة المأساوية والكارثية لولا العقوبات الخانقة والحصار الاقتصادي الذي فرضته الولايات المتحدة وأتباعها على سورية ، ليسهل عليهم تدميرها والإجهاز على الدولة الوطنية فيها من خلال حربهم الإرهابية عليها ، بمؤازرة من الكيان الصهيوني الغاصب .
كتبت د. غيثاء قدرة تحت عنوان “أرضي التي خاصمها الضوء”:
تعساً لهـا مـن سـنوات عجاف ، اسـم شـهيد من هنـا وآخر مـن هناك ، عائلات برمتهـا قـضـت تحـت الـركام ، وأصـوات مستنجدين يلتمسـون الحياة ، وفي خلد كل منهم تدور معارك طاحنة من الأفكار ، ماذا حدث ؟ نداءات من كل حدب وصوب للإنقاذ ، عل بعضهم يلحق بمركب الحياة ، استحضرني مشهد الحصار ، الطبيعة تحاصرنا ويشد أزر حصارها تلك الدول التي ما فتئت تشعل نيران الغربة في النفوس والقلوب على شعب مسالم يئن تحت وقع القهر المديد ، وها هم يجددون حصارهم في مشهد آخر من اللوحة ، فحركة الطائرات التي توجه إلى مناطق منكوبة على الحدود مـرت بجوار سورية الحزينة ، لم تلق لها بـالاً ، دول آخت الأرض في غضبها ، ولم يكفهـا الحصار الكارثي لأكثر من عقد ، أولئك الذين خاصمتهم الإنسانية وفي وقـت نـادوا فيـه بـحـقـوق الإنسان والحيوان ، صوبوا سهامهم لتنـال مـع الأرض مما تبقى عليها.
وتحت عنوان “سورية أبجدية الحب وفينيق الحياة” كتب محمد حسن العلي: لم أشعر بالعظمة والفخـر أننـي سـوري كمـا شـعرت في هذه الأيام القلائل بعد هذه الكارثة المدمرة التي حلت في بلدنا الحبيب وخاصة بعد أن رأيت الأطياف السورية كافة تتسابق لتقديم كل ما يمكن تقديمه للمتضررين دون النظر إلى لون أو جغرافية وقد جمعهم زلزال كارثي الذي أحـدث فالقاً في طبقات الأرض فكان له فعلاً معاكساً حقق تلاحماً في المشاعر السورية ، هذا الجرح الزلزالي السـوري الذي كشف عن تواصـل الأعصاب والشرايين السورية في جسـد واحـد يحمل كل معاني الحب والتكافل والتضامن واذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد ، حقا هذه هي سورية التي ننتمي إليها بل نعتز بالانتماء إليها وهذه هي الجينات السورية في كل منا ، في سورية على اختلاف مشاربنا .
كتب عباس حيروقة تحت عنوان”السوري المجبول من نور ونور” : تحت عنوان”السوري المجبول من نور ونور” :
ما يمكن الحديث به وعنه هو تلك الحالات الإنسانية الأخلاقية التي عكستها غير بادرة وسلوكيات تبـدت لكل شاهد عيان .. حالات عكسـت وتعكس ما هو عليـه وبـه السـوري مـن قـيـم الخير والمحبة .. حالات تطفح بالنقاء وبالكرم وبالإنسانية . .
وبالتالي علينـا اليـوم أن نكـون – وإخـال أننـا كـنـا – بحجـم سـوريتنا والعقـل السـوري الأول الذي صـدر للعالم كل العالم مفردات الحب والخير والسلام . نحـن السوريين ألفـنـا المـوت والغربة والاغتراب .. فسنوات الحـرب الطـوال العجاف دربتنا على المشـي تجاه المقابر وجعلتنا نتفنن في تزيين قبور موتانا وزرع الريحان والـورود أنى أقمنا والاهتمام بعنونة قصـائد المراثي كاهتمامنا بتربية الأبناء .. وبالعودة للحديث عن تلك الحالات التي قرأنا وسمعنا لا بـل رأينـا فرسانها نقـول : إنهم أبناء أمنا سورية . اليوم تداعى السوري ليقاسم أخيه السوري الرغيف وزجاجة الماء والغطاء والرداء وزجاجة الدواء .
في كلمة أخيرة، كتب الشاعر توفيق أحمد قصيدة تحت عنوان”هزّي بنا هذا الترابَ”:
هزّي جذورَ الصّحوِ فينا يا شآم
هزّي وفي زمنِ الزلازلِ
ينحني الصّبرُ المنيعُ إلى ركابِ سروجهِ ..
ويدُ الغياهبِِ تصدَعُ الوقتَ المدمّى
والأغنياتُ ، وما تزال نديّةً كالعشبِ
فوق ثرى هذا الترابِ
وما هزّتهُ كارثةٌ ولا زلزالُ.