غادة اليوسف .. في مواجهة التلاشي (نقلاً عن الثورة)
لو أن غادة اليوسف كتبت عشر قصص بمستوى «المنديل» لفاقت الأديب يوسف إدريس الذي يفوق تشيخوف عملاق القصة القصيرة…
إن كتابتها من فصيلة أدب الاحتجاج، شأنها في ذلك شأن كل أديب خصص نفسه لنقد الحياة.
لأدبها القدرة على إرواء الذائقة السامية الناضجة التي هي غاية الأدب الرفيع في كل زمان ومكان.
بهذه الكلمات وصف الناقد يوسف سامي اليوسف أدب وكتابة القصة للأديبة غادة اليوسف في كتاب حمل عنوان «غادة اليوسف .. في مواجهة التلاشي»الصادر عن اتحاد الكتاب العرب ويتناول في مقالات متعددة لكتاب ونقاد عديدين أعمال غادة اليوسف التي أبحرت في عوالم القصة والشعر والنقد والبحث الاجتماعي والقانون.
صدرت للكاتبة «رفرفات» ويضم مجموعة من المقالات في الأدب والسياسة والمجتمع، وفي القصة « في العالم السفلي، على نار هادئة، أنين القاع» وفي الشعر «نبض التراب، وحدك أنت، نثريات روح، هي في المشهد الأخير» وفي النقد «ما رأه القلب» إضافة إلى «سدنة الاغتراب» وهو من أدب الرسائل، وهي رسائل متبادلة بينها وبين الناقد الفلسطيني يوسف سامي اليوسف، كما صدرت لها دراسة اجتماعية بعنوان «الأحداث الجانحون بين جحيم المجتمع ونار القانون»..
الناقد د.رضوان قضماني أشار إلى أن غادة اليوسف «جعلت من الزاوية في مواويلها ورفرفاتها جنساً إبداعياً، أي نصاً له شعريته، وفق المصطلح الياكبسوني، فهو نص يشتغل على نفسه شغلاً يُحمله وظيفة جديدة مهيمنة، هي أن يكون جميلاً.. الزاوية نص إبداعي له سماته ومواصفاته نص مفتوح على حراك مجتمعي وإبداعي له موضوعه المحدد ووظيفته التواصلية» لكم وجعي فتدبروه بأبهة البلسم على راحاتكم الصباحية، وامسحوا عن روحي هذا اليباس..
لكم وجعي فتدبروه، وتدبروا وجع هذا العالم، فأنا الثكلى المسربلة بحجب الجهل والجهالة والفقر والقهر، في فضاء قُصرت فيه المسافة بين الولادة والموت، واختلط فيه قماش القماط بقماش الكفن»…
الناقد العراقي د.حسين سرمك حسن قدم رؤية نقدي في ثلاثة من أعمال الكاتبة القصصية وهي: «في العالم السفلي، على نار هادئة، أنين القاع» مشيراً إلى المعنى الحقيقي للأدب الملتزم في أدبها «في نصوص غادة لا تلمس المعنى الحقيقي للإلتزام الذي صار مذئوماً مدحوراً الآن فحسب، ولكن توسيعاً لمفهوم الموقف المقاوم في الأدب».. كما يؤكد على مركزية الإنسان كمفهوم في قصتها «لا حياة للقصة من دون أن يكون الإنسان حاضراً في مركزها الملتهب. ولا معنى لحكاية لا ترتكز على عذابات الإنسان المقهور الذي يمسخ وجوده لحظة بعد أخرى وبلا رحمة. وهي ترى أن وحشاً مفزعاً يحاول التهام أو هو يلتهم وجود الإنسان فعلياً ويحط من كل كرامته» .. وبالتالي لا بد من مواجهة هذا التوحش بكل الطرق وفق قناعتها «مواجهة التأثيرات الأخطبوطية لهذا الوحش والتي طالت كل شيء ينبغي أن تتم بكل الوسائل مهما بدت في الظاهر بسيطة ولا غائية»…
الكاتب والباحث يوسف مصطفى لفت إلى أن غادة دمت في كتابها ما رآه القلب النقدي «قراءة بانورامية تذوقية ذات نمط إحساسي خاص يميز مجمل كتابتها بمعنى -لغة التعبير لديها- وإيقاعها الداخلي والجواني الحميمي الصادق في نبضه وإحساسه، كما كان تذوقها نذوق العارف بمواقع الجمال ومفاصله»..