رغم التناقض بينهما ..«الانتماء الوطنيّ والليبراليّة الجديدة» في فرع طرطوس لاتحاد الكتّاب العرب (نقلاً عن تشرين)
تشرين- ثناء عليان:
بدعوة من فرع طرطوس لاتحاد الكتّاب العرب، ألقى المستشار والقاضي غسان أسعد محاضرة بعنوان: (الانتماء الوطني والليبرالية الجديدة)، ومن العنوان يتضح أننا أمام حديث له شقان: شق الانتماء الوطني، وشق الليبرالية الجديدة وما بينهما من تناقض وعدم انسجام، فالانتماء الوطني – حسب أسعد – تعبير عن قضايا مقدسة تتعلق ببقاء الوطن، وحب الوطن من الإيمان، وهو يُعرف بالتجذر وبالالتزام نحو بلد أو أمة، هذا المفهوم الذي نشأ قبل نحو ألفي عام، وارتبطَ بالقانون وحب الحرية العامة، كما عرَّف المحاضر الانتماء في اللغة، إذ يعبِّر عن الجنسية، ويرتبط بمفهوم السيادة الوطنية، ووقف عند أشكال الانتماء الوطني والممارسات التي تدلل عليه كالمحافظة على المرافق العامة والإقبال على العمل التطوعي والالتزام بالقوانين وبأسس الحوار والتمسك بالنشيد الوطني وبالعلم والفخر برموز الوطن، وهناك خصائص لهذا الانتماء؛ فهو ذو طبيعة نفسية اجتماعية، ومصدر فخر الفرد، وحاجة إنسانية، يتأثر بالظروف العامة بخاصة السياسية والاقتصادية، ويدعم مفهوم الهوية لكونها الإدراك الوجداني للفرد، كما أنه أمر وسلوك ملموس ومُعلن قولاً وعملاً.
وانتقلَ المستشار أسعد للحديث عن أهمية الانتماء الوطني الذي يقوم على إعداد الإنسان بشكل جيد وتكيُّفه تكيُّفاً سليماً مع ضوابط المجتمع، وهو بذلك يحترم الثقافات الأخرى، ويمنع التصادم معها، بل يقوم على توجيه وإرشاد الفرد لمصلحة وطنه، ويحمي المجتمع من عوامل الانحراف والفساد والتخريب.
وبيّن طرق تعزيز الانتماء الوطني، بدءاً من الأسرة وتفعيل دور الإعلام في تثبيت مفهومه، والارتقاء بالقوانين والقواعد التي توفر الأمان للأفراد، والحفاظ على اللغة والثقافة الوطنية، وتنشئة الأبناء على التضحية من أجل الوطن والابتعاد عن حب الذات.
وأكد أسعد أهمية الانتماء الوطني، وضرورة عدم التأثر بالمناهج الدخيلة التي تضلل الشعب، والحفاظ على وجود القدوة الثقافية والرموز الوطنية والافتخار بها، وتعزيز الوعي الثقافي، وحذَّر من مخاطر تفكيك البنية الفكرية للشعب.
أما الليبرالية الجديدة ومذهبها الفكري القائم على وجوب احترام استقرار الأفراد وحرياتهم غير المشروطة، فهي تتعارض مع تكريس الانتماء الوطني، وتحدُّ من دور السلطة ومؤسساتها في حماية الشعوب والأفراد، ووقفَ المحاضر طويلاً أمام مخاطر الليبرالية الجديدة على مفهوم الهوية الوطنية، فمخاطر الليبرالية الجديدة تهدِّد في رأيهِ قيم المجتمعات، وقد تمَّ التحذير من هذه العواقب على مستوى شعوب العالم.