رئيس فرع اتحاد كتّاب اللاذقية: على المثقّف ألا يعتلي ويتعالى على القارئ (نقلاً عن البعث)
مروان حويجة
تتعدّد المحاور الثقافية التي يجري العمل عليها في خطة فرع اتحاد الكتّاب العرب في اللاذقية، وتتلاقى جميعها عند إيصال المنتج الثقافي إلى المجتمع المحلي في تواجده المكاني. وحول آلية تحقيق النشاط الثقافي الجوّال تحدّث لـ”البعث” الدكتور محمد إسماعيل بصل رئيس فرع اتحاد الكتّاب العرب في اللاذقية مؤكّداً أنّ هذا العمل يأتي في مقدّمة المحاور التي يمضي فيها الاتحاد من خلال عدة فعاليات يقيمها أو يشارك فيها، وآخرها معرض الكتاب في جامعة تشرين هذا الأسبوع ضمن مهرجان “الفينيق” في صالة المكتبة المركزية، حيث كان الحرص على تعزيز حضور الكتاب في جناح خاص، وبما يشكّل أحد روافد هذه الفعالية الشاملة للأشغال الحرفية لأصحاب المواهب والإبداع. وقال: نشارك بالكتاب وثقافة الكتاب وترويج الكتاب وفتح المجال ليكون الكتاب قريباً من الناس، ومنذ أيام ذهبنا إلى الأرياف في اللاذقية، أخذنا معنا أكثر من ألف كتاب، عرّجنا على المدارس المتوضعة على محور طريق اللاذقية- الحفة، وأقمنا بعض الأنشطة الثقافية للطلاب المتميزين في المدارس، وقد رافقنا خلال النشاط نادي الأدباء الشباب ضمن توجّه الاتحاد لفتح المجال للشباب ليأتوا إلى اتحاد الكتّاب العرب، أي ألّا يكون الاتحاد حكراً فقط على أعضائه وإنما أيضاً يستقطب المواهب، وتحديداً المواهب الإبداعية الشابة التي تمّ رفد فريق الأدباء الشباب بها، وهذا أغنى الأنشطة والفعاليات في المدارس، وأيضاً أضفى فاعلية وحيوية على أجواء الأنشطة والفعاليات بمشاركة أهالي الطلاب والفعاليات الأهلية والحزبية والثقافية، بالإضافة للكادر التدريسي والتوجيهي.
وقال د. بصل: هذا النشاط أسعدنا لما فيه من فائدة في تقديم هذا الكتاب وترويجه، والإلحاح على ثقافة القراءة من الكتاب الورقي، فنحن الآن بعصر الصورة وعصر المعلوماتية وعصر الانترنت، ولكن يبقى للكتاب الورقي طعمه الخاص، وهذا ما قمنا به في الأرياف. وفي هذا السياق لدينا رحلة باتجاه ريف آخر بمحور آخر من ريف اللاذقية نحمل معنا الكتب وأنشطتنا ونقوم بزيارة المدارس.
وحول تعاطي اتحاد الكتّاب مع الطاقات الأدبية الإبداعية في المجتمع قال د. بصل: هناك توجّه بقرار من مؤتمر اتحاد الكتّاب العام بالإضافة للتوجيهات الملّحة من المكتب التنفيذي على رفد حركة الشباب بنشاط اتحادي لهذه المنظمة كي لا يبقى اتحاد الكتّاب محبوساً في أمكنته، أي أن تكون الأنشطة خارج المكان، نحن نذهب إلى القارئ ونجتذبه، فالنشاط الثقافي المعمول عليه حالياً نعطيه قيمته بعيداً عن النمطية والتقليدية، وهذا الأمر يحتاج لورشات عمل ونقاشات وندوات بمشاركة أكثر من جهة، مؤسسات أهلية وجمعيات، للخروج والوصول إلى رؤية مقنعة حول كيفية وإمكانية إعادة المتلقي إلى الصالة التي يكون فيها المثقف، وهذه العلاقة هي العضوية بين المثقف والناس والمجتمع، فعلى المثقف أن يعي حركة مجتمعه ويكون ملامساً لها كي يكون قريباً وملامساً لهذه الحركة بكل تجلياتها، ويجب ألا يعتلي ويتعالى على القارئ، ولذلك نحن سنذهب للناس من كلّ الشرائح العمرية، الصغار وأصحاب الطاقات الشابة، نسمعهم ونعلّمهم كيف يكتبون، لأن الاكتشافات عند الجيل الشاب لا يمكن تخيلّها بكل آفاقها الإبداعية.
وعن الإيمان بوجود خطاب ثقافي، أو أن المرحلة تقتضي مصطلحات وآليات جديدة قال د. بصل: المثقف والدور الذي عليه أن يلعبه يحتاج إلى نقاشات كبيرة جداً، ففي هذه الأزمة التي مرّت على بلادنا رأينا نوعاً من النفور من قبل الناس حيال المحاضرات الثقافية، وهذا سؤال كبير يجب أن يُطرح ويجب أن تتمازج الآراء للوصول إلى صيغة معيّنة للإجابة عن هذا السؤال الكبير وبشفافية، ونحن في اتحاد الكتّاب بادرنا وأسّسنا فرقة مسرحية، وهذه كانت للمرة الأولى بتاريخ الاتحاد من تأسيسه لم يكن لديه فرقة مسرحية تقدّم عروضاً، في العام الفائت قدّمنا مسرحية وذهبنا بها إلى دمشق وعرضناها في اللاذقية، وهذا العام أيضاً لدينا مسرحية سنقدمها في اللاذقية ونسعى لتقديمها في المحافظات الأخرى، وهذه مبادرات موجودة وهناك نفَس جديد في اتحاد الكتّاب نعوّل عليه كثيراً، هناك همّ حقيقي لتطوير الاتحاد وكيفية تقديم صورة وضّاءة لهذا الاتحاد والدور الذي عليه أن يلعبه في حياة الناس، هذا الدور الذي يجب أن يكون مثمراً وغنياً وفاعلاً.
وعن تحقيق التوازن بين الأجناس الأدبية في النشاطات (الشعر، الرواية، المقال) قال: في الحقيقة هناك توجّه اليوم من الاتحاد بالتريّث في نشر دواوين الشعر، وتركيز النشر على الأجناس الأخرى حتى يكون هذا التوازن موجوداً، وبالتالي عندما نقيم نشاطاً شعرياً يتبعه مباشرة -إن لم يكن في الأمسية ذاتها في اليوم التالي- أصبوحة أدبية فيها القصة وفيها الرواية والخاطرة وكلّ الأجناس الأدبية، وحتى هناك دراسات وبحوث بالإضافة إلى ماسبق نعمل على هذا التوازن، لأنّ الشعر اليوم صار كثيراً ولكن الشعراء باتوا قلّة، وبالتالي علينا أن نتخيّل هذا حتى لا يعزف الناس عن سماع الشعر، لأن للشعر نكهة في حياة العرب، نحن نفتخر بالشعر من الأجناس الأدبية بالدرجة الأولى حتى قيل إن الشعر ديوان العرب، أمّا اليوم فلم يعد الشعر ديواناً للعرب للأسف في الأشعار والدواوين الحديثة، وهذه الطفرات الشعرية التي تخرج على الساحة كل فترة، وهناك تساهل في الموافقة على النشر في الجهات المعنية ولا أقصد جهة معيّنة، فدور النشر لها ما لها وعليها ما عليها، أحياناً تأتي بالموافقات من جهات معيّنة بطرق غير سليمة، وهذا يجب أن يتوقف، وهذه المحسوبيات والاستعطاف تقتل الفكر والعلم، فلابدّ حقيقة من أن نكون متطلبين في هذا المجال.
وعن دور المثقف في هذا الضجيج الذي نشهده في عالم اليوم قال د. بصل: دوره فاعل ولكن لا يُلعب في مجتمعاتنا والأسباب كثيرة تحتاج لنقاشات طويلة، هناك دور متاح ومباح وعلى المثقف أن يلعبه، ولكن علينا أولاً أن نتفق على تعريف المثقّف من هو، وعلى من نطلق كلمة مثقّف، فهل الذي تخرّج من الجامعة وأصبح لديه شهادة جامعية صار مثقفاً؟، هل من نشر ديواناً شعرياً ولم يقرأ شيئاً بالتاريخ ولا بالجغرافية ولا بالسياسة ولا بالاقتصاد هل هو مثقّف؟!.