ديوان “أم أحمد لا تبيع مواويلها” غنائيّات في عرشِ القصيدة نقلاً عن الثورة)

الثورة – رنا بدري سلوم:

أم أحمد لا تبيع مواويلها، فهي التي أقرضت اسمها للديوان لأنها وسمته بطابعها وهي الأصالة والتجذّر والأنوثة الخصبة والتجدّد والثبات، وأم أحمد رمز للمرأة الفلسطينيّة التي لم تبع أحلامها، هي البنفسجة العاشقة كما رآها الشاعر الفلسطيني صالح الهوّاري، وفي إضاءة نقديّة على ديوانه “أم أحمد لا تبيع مواويلها” قدّمتها الشاعرة سمر غوطاني في كتابها إصدار اتحاد الكتّاب العرب، ولجت إلى نصوص الديوان بلغة شاعريّة تشدك ولا سيما حين تفك شيفرا الحرف واللون والمعنى، “هل أتاكم حديث بنفسجة عاشقة.. حاكموها بتهمة نقل الحجارة للعاشقين الصغار”، واللون البنفسجي يرمز إلى الطهارة الروحيّة والتصوّف، فهذه المرأة حرّة مؤمنة تحب الوطن، وجريمتها الوحيدة نقل الحجارة باللجن إلى الأطفال الذين ثاروا على الصهاينة وقاتلوهم بالحجر.
“تلتقط الغوطاني الموضوع والجمال في البنى النصيّة عبر قراءة تذوقيّة ومعرفيّة بآن معاً، من خلال رؤيتها لبناء الجملة النحويّة بموازاة اللغة الشعريّة كما الخصائص الأسلوبيّة في التقابل والتضاد ومواطن التناص”، وفقاً لما ذكره الناقد أحمد علي هلال في مقدمة الكتاب، مبيناً أن الاستقصاء في البنى الإشاريّة في تلك المجموعة تغذى على زخم الحدث الشعري المقابل للحدث الواقعي، وفي سيرورة آليات التناص ولا سيّما في طبيعة الإجراء بصبغته المقارنة مع نصوص أخرى للشاعر محمود درويش بدءاً من معطيات الصورة الشعريّة وتكويناتها وصولاً إلى البنى الكليّة التي تتكاثف في لغة الشاعر صالح هواري، ومن أجواء هذه المقارنات “رسالة أم أحمد إلينا”.
ويعتبر الشّاعر صالح الهواري أحد أعمدة الشّعر الفلسطيني المعاصر، وإن ما انتجه عبر مسيرته الشعريّة المديدة سيشكل مرجعيّة خصبة لتحولات القصيدة الفلسطينيّة في مسار الشعريّة العربيّة، وهو الذي كتب “وما أشبه الأمس باليوم وتعاني فلسطين نزفها الدّامي، كتب الهواري بالإشارة إلى القصف الإسرائيلي على البلاد العربية مصر وفلسطين آنذاك.
“خديجة السّمراء تختم بالحجارة قصفها/ حتى إذا اكتحل التّراب بها/ ولاقت حتفها/ أحنى على جثمانها
شجر النار ولفّها / وإلى الجليل عروسة / قمر الشّهادة زفّها.
في دراستها النقديّة قاربت الغوطاني التقاء الشّاعر الهواري مع الشّاعر محمود درويش حين وصف كلاهما أحمد الزّعتر وهو الشّهيد الرمز بأحمد العربي، يقول درويش: أنا أحمد العربي قال أنا الرّصاص البرتقال الذكريات/ وجدتُ نفسي قرب نفسي/ فابتعدت عن الندى والمشهد البحري
تل الزّعتر الخيمة / وأنا البلاد وقد أتت وتقمّصتني
وأنا الذهاب المستمر إلى البلاد.
مقارنة ومقاربة متعددة اجتهدت الشاعرة الغوطاني في بحثها النقديّ، بطريقة التفكير الشعري وربط الحدث وصيرورات الواقع الفلسطيني بما تعنيه تلك الدراسة.
ونختم الإضاءة بصورة شاعريّة ثائرة، دُوّنت على غلاف الكتاب بالتأكيد وتساؤل الهواري للحجر” كل هذه الأباريق الضوئيّة والبيارق المشّجرة بصبايا الياسمين ليست لك أيّها الحجر، فلا تنفش ريشكَ أكثر والتقط أنفاسك كي لا يغمى عليك وأنت راكب عربة النّدى لو بقيت على هامش الطريق ولم تلتقطك أصابع طارق وأم أحمد وحميدة هل ستدخل عرش القصيدة؟!.

قد يعجبك ايضا
جديد الكتب والإصدارات