«دينُ العقل وفقهُ الواقع».. للكاتب العراقيّ عبد الحسين شعبان بندوة في اتحاد الكتّاب العرب بسورية (نقلاً عن تشرين)
تشرين- زين ديب:
أقام اتحاد الكتاب العرب بدمشق ندوة للباحث عبد الحسين شعبان بمشاركة باحثين آخرين تناولت محتويات كتابه الصادر بعنوان (دين العقل وفقه الواقع).. وعبد الحسين شعبان حاصل على شهادة دكتوراه في فلسفة القانون، وأستاذ محاضر في القانون الدولي والإنسان،وأكاديمي و مفكر و باحث عراقي، استحوذ على العديد من الجوائز أبرزها مناضل لحقوق الإنسان ولديه كتب كثيرة تتناول موضوعات مهمة يومية.
الندوة بدأت بحديث أحمد النزال نائب الأمين العام لاتحاد الكتاب اللبنانيين وعضو اتحاد الكتاب العرب بسؤال كيف نقرأ النصوص الدينية، وهو اختصار لفكرة الكتاب المتضمن مناظرات مع الفقيه أحمد الحسن البغدادي الذي طل به على قضايا عدة منها الفكر والدين والتدين والواقع، إذ تصعب المناقشة فيه، فالكتاب محاولة للخروج من الكتب المؤدلجة بالأفكار الجاهزة المعلبة إلى الهامش الذي يجيب عن أسئلتنا، فهكذا يفهم الدكتور شعبان الإسلام انتماء للعقل لا انتساباً للمخالفات والمغالطات التي نشأت في أذهاننا إلى اليوم.
ويجد النزال أن الدكتور شعبان يرى العقل أساس الدين، ولا دين حين يتعارض مع العقل، فهو أساس الاجتهاد، كما أن الكتاب يرفض الطائفية، ويسعى لمحاكاة الواقع.. واختتم الحديث بأن الكتاب لا يدعو لرفض كل ذلك التاريخ بل يدعو لمحاكاة هذا التاريخ بالانتقال لفضاءات جديدة فيها نقاشات رحبة من الحرية والعدالة.
وبدوره جورج جبور المستشار السابق في رئاسة الجمهورية العربية السورية، أوضح مدى الحاجة للكتاب في مجتمعاتنا الحالية، وهذا الكتاب لا ريب أنه يصح للمناقشات الهادئة فعبد الحسين يناقش بهدوء ولا يمل ولا يقطع النقاش إلى أن يصل للجواب.. و اختتم أن الكتاب دقيق جداً، و كتب عنه ،وناقش عبد الحسين بالأفكار، فالكتاب يتناول موضوعاً قد نعتقد أنه أغلق منذ مئتي عام تقريباً.
كما تناول بسام أبو عبدالله أستاذ العلاقات الدولة في جامعة دمشق نقاطاً عدة منها الكتاب ليس علمانياً ضد المتدينين، وأهميته تتلخص في أن البعض في سورية ذهب باتجاه التطرف العلماني لمواجهة التطرف الديني، ويرى أن المعلومة والحكمة والمعرفة هي التي تحقق التفوق، فالكثير ممن يناقش يغفل عنه ذلك.
وأشار إلى أن الحوار مع البغدادي فيه متعة وفائدة إضافة للصراحة والوضوح، فلا غالب ولا مغلوب، فالبعض يعتقد أن بمحاورته مؤسسة دينية يجب أن يثبت وجهة نظره ويغلبه والقضية ليست كذلك.. ويشير أبو عبدالله إلى أن العمل الفردي لا يؤدي للتغيير الذي نطمح إليه، وأن المدنيين الحداثيين هم أولئك المنفتحون الذي يقرون بحق التدين واحترام العقائد بوصفها أموراً شخصية تتعلق بالإنسان.. واختتم حديثه بتوضيح العلاقة بين الدين والعلمانية والدين والدولة الذي جاء بنقاش مع السيد البغدادي حول ما هو مطلوب من التجديد، وهل بتغير النصوص أم بتغير الفهم كمان أن الاعتدال ليس في الدين، وإنما في كل القضايا.
الدكتورعبد الحسين شعبان من جهته يقول إن التحدث عن الدين كالتحدث عن الموسيقا، فكلاهما يذهب للقلب، ويستحوذ على المشاعر والأحاسيس، فالحديث عن الدين في هذا الواقع هو من الخطورة بمكان لما يتركه من تأثيرات عاطفية، والعاطفة بهذا المعنى ليست ضعفاً، والكتاب هو مناظرة مع آية الله أحمد الحسن البغدادي بدأت من فكرة الإيمان، ومن هو المؤمن وغير المؤمن، فليس كل من قال إنه مؤمن هو مؤمن.. هناك إيمان شعبي، وهو إيمان أبنائنا وأجدادنا وإيمان روحي حقيقي، لذلك لا يوجد فهم واحد للدين، و طرح سؤاله حول كيف أعرف أنك مؤمن، من هنا بدأ الحوار انطلاقاً من هذه الفكرة واستمر ثماني عشرة نقطة و مناظرة حتى تكللت الجهود بإنتاج الكتاب.
ووجد أن لا سبيل لإصلاح الوضع العام إلا بإصلاح المؤسسة الدينية، وأن كل ما له علاقة بالإنسان ينبغي خضوعه لمجهر المناقشة، خصوصاً أن العصر الذي نعيشه في التطور الصناعي هو عصر الأسئلة المفتوحة بالفيزياء والذرّة وعلم الجينات.
واختتم حديثه عن حاجتنا لمشروع نقدي بعيد المدى، وهو يحتاج للمثابرة والشجاعة والتراكم، خاصة أننا بأزمة عميقة، ونحتاج معرفة مفردات الأزمة وإيجاد المعالجات لتفتيتها أولاً والوعي بتاريخها ثانياً، والنقد أفضل أداة تنموية على حد تعبيره.
وبانتهاء الندوة بيّنَ الدكتور مهدي دخل الله عضو القيادة المركزية لحزب البعث العربي الاشتراكي أن الحوار مفيد، فوجدنا أراء غير متعارضة، لكنها مختلفة بخصوص علاقة العقل والدين والواقع، والمهم أن نتعلم ثقافة الحوار، ونتقبل رأي الآخر، ونناقشه علمياً لا بأنانية وانحياز للرأي المطلق، ومثل هذه القضايا مهمة وأيضاً كذلك بالنسبة للقضايا المتعلقة بيومنا وواقعنا وأرضنا، والدين من الموضوعات الموجودة حالياً، ولها تأثير، فنحن حارنا نوع من أنواع التشويه القاتل للدين، وتحول الدين لأيديولوجيا داعشية تنادي بالقتل.. واختتم دخل الله بالقول: سورية ترحب بجميع الكتاب القادمين من خارج سورية.. كما أبدى محمد حوراني رئيس اتحاد الكتاب العرب رأيه منطلقاً من أن هذه الندوة تأتي في إطار عمل اتحاد الكتاب العرب لتوضيح بعض الأمور الملتبسة عند القارئ أو الشاعر، فالبعض يعتقد بوجود مشكلة بين الحداثة والتراث أو العلمانية والتدين، وهذا ليس صحيحاً على الإطلاق، فهناك بعض يعتقد أن المشكلة في الدين، ولكن هذا خطأ كبير، فالمشكلة في الممارسة، وليست في الدين في أساسه، فربما أدى البعض الشعائر وترك الأخلاق في الدين.
وأوضح في الختام أن الاتحاد يحرص على أن يكون هناك حضور عربي من خلال الفعاليات التي يقيمها .
كما تحدث الدكتور أحمد النزال عن أن الدين ملتصق بالإنسان لأن شعوب العالم بالعموم هي شعوب متدينة، لكن التدين الصحيح هو الذي يجب علينا أن نشتغل عليه ويجب أن نقيم المحاضرات والندوات واللقاءات من أجل توضيحه.. و أضاف: هذه الندوة مناسبة لفتح موضوعات بحاجة لنقاش أكثر من أي وقت مضى في الموضوعات الثابتة التي لا تقبل النقاش في الدين، والندوة تفتح المجالات للسعي لمناقشة السلوكيات التي تقرب وجهات النظر، وموضوع الدين موضوع حساس، لكن لا بد من أن تطرق هذه الموضوعات، وتوضع على طاولة البحث ومناقشتها بالعقل والوعي بدلاً من الإسقاطات التي سببت خلافات مزمنة.