دور الإعلام الوطني في إدارة الأزمات والمشكلات التي تواجهه
نقلاً عن البعث
كان لا بدّ ونحن نخوض اليوم حربنا الاقتصادية وهي شكل آخر من الحرب على سورية التي كان للإعلام دور كبير في صدّها أن تعود ندوة “دور الإعلام الوطني في إدارة الأزمات والمشكلات التي تواجهه” إلى البدايات للوقوف على الدور الذي قام به الإعلام الوطني وما يعوّل عليه في حربنا الحالية التي استهدفت المواطن في لقمة عيشه والتي هي برأي المشاركين أصعب أنواع الحروب، جاءت هذه الندوة التي أقامها فرع دمشق لاتحاد الكتّاب العرب بالتعاون مع جمعية البحوث والدراسات فيه بمشاركة الإعلامية هناء الصالح مدير الإخبارية السورية، ومضر إبراهيم، د. إبراهيم سعيد وأدارها د. إبراهيم زعرور رئيس الفرع.
من الدفاع إلى الهجوم
جزّأت الإعلامية هناء الصالح في مشاركتها عمل الإعلام أثناء الحرب إلى مرحلة الدفاع ومرحلة الهجوم حين عملت وسائل الإعلام في المرحلة الأولى على صدّ ضربات الضخ الإعلامي والكثير من الأخبار المضللة، وكان الخيار بغضّ النظر عما يمكن أن نفعله: هل لدينا مقومات واستراتيجية إعلامية واضحة بهذا الاتجاه؟ هل لدينا أدوات لكي نقف في مواجهة مكنة إعلامية كبيرة والمواجهة بعقيدة ووطنية والدفاع عن الوطن؟ مشيرة إلى مرحلة الهجوم التي بدأت عام 2013 حيث بدأ العمل بطريقة مختلفة حين انتقل الإعلام إلى مرحلة كشف التضليل الإعلامي والتقنيات التي استخدمت والردّ عليه، مؤكدة أن الإعلام استمد قوته وعزيمته من الجيش والرئيس د. بشار الأسد الذي كان يعبّر عن تقديره لكل إنجازات الإعلام، فقدّم الإعلاميون أرواحهم وهم يقومون بأداء واجبهم، وبات جميع السوريين مذيعين ومحررين ومراسلين، حيث أصبح المواطن صانعاً للحدث وللرأي، مؤكدة أن الاعلاميين لا أحد يشكّ بمقدراتهم ولكن كان ينقصهم في الانتقال من الدفاع إلى الهجوم الأدوات والبيئة الإعلامية المناسبة، وهذا يفرض على الإعلام اليوم أن تكون له آلياته الخاصة للوصول إلى طموحاته وتلبية ما يريده المواطن، مؤكدة أن مرحلة الحصار الاقتصادي اليوم هي الأصعب بالنسبة لهم ولصنّاع القرار وللمواطنين السوريين، ففي المرحلة الأولى والثانية كانت المعركة معركة وجود ودفاع عن الوطن، والجميع صمد من أجل ذلك، أما اليوم فرصد الشارع السوري في ظل وضع معيشي صعب للغاية يتطلب برأيها وجود استراتيجيات واضحة المعالم وتوفير المعلومة للإعلاميين من قبل صنّاع القرار في الحكومة ليكونوا صلة وصل بينها وبين الشارع وسط الحصار الذي يدفع ثمنه المواطن، مشيرة إلى أن الإعلام اليوم لا يرقى إلى مستوى الهموم الكبيرة التي يعاني منها المواطن الذي يريد أن يرى حلولاً لمشكلاته وشفافية في تفسير الأمور، مع إشارتها إلى أننا مقصّرون في موضوع الصحافة الاستقصائية التي هي ضرورة في هذه المرحلة، ونجاحها يحتاج إلى دعم الإعلاميين بكل الإمكانيات، وهم اليوم بانتظار قانون الإعلام الجديد الذي سيوضح العلاقة بينهم وبين مؤسّساتهم الإعلامية والمؤسسات الحكومية. وختمت الصالح كلامها بالتأكيد على أن الإعلام اليوم في العالم كله هو صانع للسياسات، لذلك يجب أن تكون العلاقة بين صنّاع القرار والإعلام جيدة دون أن تنكر أن لدى الإعلام الوطني معوقات مادية وقانونية تحول دون تحقيق الطموح لديه، فغالبية الصحفيين برأيها يتمتّعون بالمسؤولية ولكن يحتاجون أن يوضعوا في المكان الصحيح ليبدعوا، لذلك يجب أن يكون لديهم حصانة واتحاد حامٍ لهم وقانون واضح، وعندما يتوفر ذلك يحق لنا أن نقيّم ما يقومون به.
صوت المواطن
وبيَّن أ. مضر إبراهيم أن الإعلام منذ بداية الحرب على سورية وجد نفسه فجأة رأسَ حربة لمواجهة مكَنات إعلامية ضخمة، وقد تكبَّد الكثيرَ من التضحيات قبل أن يتلمس خطواته الأولى باتجاه مواجهة ناجعة لآلة دعائية شرسة كانت تعمل على مدار الساعة على تقديم روايات كاذبة، لذلك كان للإعلام برأيه دور أساسي في التصدي لهذه الهجمات الشرسة، واستطاع بتضحيات كوادره وخبرات راكمَها في سنوات الحرب من ردّ الهجوم بالهجوم في مرحلة لاحقة من عمر الحرب، موضحاً وهو الذي اختبر شخصياً منذ بداية الحرب عام 2011 عندما كان في ألمانيا للدراسة الإرهاصات الأولى لتشكل وتمظهر فلسفة الدعاية الغربية ضد سورية من خلال وجود مكَنة إعلامية ضخمة للحرب على سورية للتضليل الإعلامي، مبيناً أن الإعلام السوري عمل بدايةً بردّة الفعل وكان لفقرة التضليل الإعلامي تأثير كبير وموجع، وعندما بدأ التحول من رد الفعل إلى الفعل جنّدت برامج كثيرة لتصيد ما يجري في إعلامنا، وهذا برأيه يؤكد أن الإعلام السوري بعكس ما كان يقال كان متابعاً لأنه الحامل الأساسي للخطاب السياسي والوطني والأخلاقي في هذه الحرب. من هنا كان استهدافه منذ الأيام الأولى واتهامه بالكذب الذي روّج له على كل المنصات المعادية والذي كان عصياً على الاختراق وبقي صامداً في كل مراحل الحرب التي انتقلت منذ العام 2018 من الميدان إلى الحرب الاقتصادية التي بدأت معها فلسفة الدعاية ضد سورية لناحية تأليب المواطن السوري ضد الدولة نتيجة الوضع الاقتصادي القاسي، وهنا أصبح دور الإعلام واضحاً بأن يكون صوت المواطن حتى لا يفقد المصداقية، فخاض تجارب كثيرة برهنت على أن السقف عالٍ فيه، ولكن المشكلة برأيه تكمن في ذلك الشرطي الذي يقبع داخل الإعلامي أحياناً، ورأى أن الإعلامي في المرحلة المقبلة بقدر ما يمارس حريته يكون لسان المواطن بالإشارة إلى أخطاء الحكومة في كل موقع يكون فيه خلل أو تقصير، وهذا ما يحاول الإعلام أن يقوم به ليكون بحق صوت المواطن المرتفع وبوصلته.
معارك جديدة
وتحدث د. إبراهيم سعيد في مشاركته عن مفهوم الدعاية والإعلام ودورهما في الحروب وكيف يجب أن يكون الردّ من قبل الإعلام الوطني على الاتهامات من خلال التمسك بالمصداقية وسرعة تقديم المعلومة وتكرارها ومن خلال الحجة العلمية النابعة من الواقع والميدان الذي يكذب الافتراءات التي تستهدف ضربَ النسيج الاجتماعي الوطني ومحاولة فكّ الارتباط بين المواطن ومؤسساته، لذلك رأى سعيد أن نقل الواقع وما يجري بمصداقية هو الذي يجعل من الإعلام الوطني رائداً والذي يجب أن يولى برأيه الاهتمام الكافي بحصوله على المعلومة الصحيحة وتسويقها، مؤكداً أن الإعلام السوري أثبت جدارته خلال الحرب، وإن قصَّر في مجالات فلأن هذا النوع من المعارك كان جديداً عليه، مبيناً أن الإعلام المعادي بدأ التحضير للحرب على سورية من خلال التوجّه إلى النسيج الاجتماعي السوري والدولة السورية ومؤسساتها ليفكّ المواطن ارتباطه معها والوصول إلى حالة العصيان المدني وكذلك استهداف الجيش، مبيناً أن العمل بدايةً كان إعلامياً ضمن مفهوم الحرب الناعمة ليقتل الشعب السوري بعضه دون أن يأتوا بقوى خشنة وهي استراتيجية استعمارية رأسمالية مبنية على صناعة الكذب الاحترافية التي جُنّد لها في الحرب على سورية محللون وباحثون وخبراء عسكريون.
أمينة عباس