جمعية المسرح تكرم عبد الفتاح قلعه جي في حلب (نقلاً عن البعث)
حلب – غالية خوجة
أن تعود جمعية المسرح في اتحاد الكتّاب العرب إلى فعالياتها المختلفة، فهذا يعني أن تعود للمسرح كتابة ونقداً ومنصة حيويته الهادفة تثقيفياً واجتماعياً، وهذا ما أكد عليه د. محمد الحوراني رئيس اتحاد الكتّاب العرب إثر اجتماع جمعية المسرح في مقرّ فرع كتاب حلب، وخلال تكريم المبدع عبد الفتاح قلعه جي، مضيفاً: نأمل من الجمعية تسليط الضوء والاشتغال نقدياً على بعض الأسماء المهمّة التي غابت أو غُيّبت، ولعبت دوراً مهماً في التجربة المسرحية السورية والعربية والعالمية. وتابع: الاتحاد بادر ويبادر وسيبادر بالاقتراب من الأدباء، والذهاب إليهم، تكريماً، ولقد صدر عدد خاص للاحتفاء بتجربة قلعه جي الذي يجيب عن كيفية كتابته لأعماله: إنه يدخل إلى الكتابة بمحض الرغبة فينسى كلّ شيء، ويترك لشخوصه أن ترحل به حيث تشاء، ولذلك، هذا الطقس الكتابي هو الذي أنتج مثقفاً بهذا العمق، إضافة إلى توظيفه للتراث والحداثة في الحياة.
الفلسفة المسرحية
تكريم قلعه جي جاء بمثابة جلسة نقدية تحاورية أدارها سمير المطرود، وشارك فيها كلّ من د. وانيس بندك، محمد الحفري، مصطفى صمودي، داود أبو شقرة الذي تساءل: هل يكتب قلعه جي متحفاً؟ أم يضيع ما بين المتحفية وغائلة الأدب؟ أم أنه يحاول اجتراح طريق متشعبة؟ ليجيب: يغوص أديبنا في المحلية الحلبية بتجربة من الممكن إحالتها على رأي ت. س. إليوت: إذا أردت أن تكتب نقداً موضوعياً، عليك أن تعزل العاطفة، لذا، أرى أن شخصياته تغوص في ذاكرتها لمعالجة الواقع الراهن بأساليب ذكية، ويستطيع كاتبها تحويلها إلى كائن ناطق بين المنطق والفلسفة.
عاشق صمود العاشق
ورأى صمودي أن تجربة قلعه جي المسرحية تستعمق مع الصوفية، فتنقلنا بين إخوان الصفا وفلسفة أفلاطون وعالم المثُل، وهذا ما يفعله بطل مسرحية “صمود العاشق” الواهب نفسه لله، فهو حلولي، صوفي، سَرَياني، لا جرياني، ومن زاوية أخرى كان لهذه الشخصية سقطاتها كونها اعتبرت نفسها المطلق القادر حتى على شفاء المرضى.
رمزية الدلالة
وركّز د. بندك على البنية الإشارية في أعمال قلعجي البالغة، 80 مسرحية، وأهمية أن يكون النص متعدّد الدلالات والمسارات الرمزية والأبعاد المركّبة التي أجادها المكرَّم منذ بداياته، وساهم فيها بتأسيس المسرح الذي انطلق به إلى الواقعية الغرائبية، ومنها ثلاث صرخات، باب الفرج، سفر التحولات، ثم انعطف إلى التداخل مع الشاعرية المتفاعلة مع البعد السياسي والاجتماعي والنفسي والتأريخي، إضافة إلى البعد الاستشرافي الذي ظهر في عدد من أعماله ومنها “الشتاء يأتي مبكراً” التي رأى فيها أحداث الصراع في الساحة العربية. لذلك، وتبعاً لهذه الفنيات، يبقى مسرح القلعه جي بنية سيميائية رامزة تخضع وحداتها الإشارية من حيث التلازم بين الدال والمدلول لأحكام أنساقه التجريبية.
ظاهرة أدبية
وبدوره، تحدث الحفري عن تجربته مع حلب وسرّ مائها الذي يعيد من ذاقه إليها، مستذكراً الكثير من الأحداث الواقعية مع قلعه جي، متوقفاً عند حداثة أسلوبه وتجريبيته في أعماله، والتي ركّز فيها على مسرحية “مدينة من قش”، وحركتها وسلاستها وتنقلاتها والمخيلة التي تجمع البيئة الموضوعية والنفسية في مجتمع النص وأحداثه، وهذا من ديدن أسلوبية الكاتب الذي أصبح ظاهرة فنية وأدبية وإبداعية.
وراء الكواليس
وفي ختام الجلسة، تحدث قلعه جي عن تجربته وكواليسها كاشفاً عن الكثير من تفاصيلها، وكيف يكتب مباشرة، وكلما انتهى من عمل قرأه متسائلاً: من كتبه؟ هل أنا من كتبته؟ ربما، لأنني أتماهي مع النص، وأترك لشخصياته أن تأخذني إلى حيث تشاء، فأنسى الواقع وأعيش حياة النص راحلاً معه إلى الذاكرة والتأريخ والأحلام والمستقبل، وتابع: على الكاتب إن لم يكن متماهياً مع كتابته ألاّ يكتب، لذا، تماهيتُ مع القهر والظلم والفقر، وديدني الدائم الدفاع عن الإنسان.