الهوية والانتماء الوطني.. في ندوة لـ “الكتاب العرب” (نقلاً عن الثورة)
الثورة – متابعة عبد الحميد غانم:
شكلت هويتنا الوطنية في سورية الاستهداف الأول خلال الحرب التي شنت ضدها طوال العقدية النارية. وقد أثر ذلك على المسار الثقافي لجيل الشباب، إذ إن مسألة الهوية تحتاج الكثير من البحث والدراسة والندوات والقيام بكل أساليب الصمود ومقاومة أي شكل من أشكال الطمس أو قتل الروح والهوية.
تحت عنوان “الهوية والانتماء الوطني”، أقام فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب ندوة أمس تحدث فيها عدد من الباحثين عن أهمية فهم هذه المصطلحات وآلية الربط مع الواقع ومحاولة توضيح المغالطات التي يراد تسويقها غربياً.
أشار الدكتور إبراهيم زعرور رئيس فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب في مستهل إدارته للندوة، إلى أن سورية في إطار الحرب التي استهدفتها إلى حملة خارجية تستهدف ضرب هويتها ووحدتها الوطنية من خلال السعي إلى تفتيت مجتمعها وجغرافيتها على أساس طائفي ومذهبي وعرقي.
وأكد الدكتور زعرور على أن سورية أفشلت كل المشروعات الخارجية التي قامت لضرب هويتها الوطنية ولم تستطع أن تنال من وحدتها وهويتها لأنها قامت على أسس وطنية وعلى المواطنة ولم تفرض عليها مشروعات خارجية لبناء على أساس هش يسهل انكساره، مشيراً إلى الانتماء للوطن في التعاطي مع فكر المواطنة والهوية والانتماء الوطني.
احترام فكر المواطنة
الباحث الدكتور عقيل محفوض الأستاذ الجامعي في كلية العلوم السياسية بجامعة دمشق، نوه بأن تحدي الهوية ينطلق من الواقع الراهن وأن بعض القوى والمنظمات الدولية تحاول استغلال ذلك في التعاطي مع الهويات الوطنية للمجتمعات والدول بهدف التقسيم والتفتيت، وهو الأمر الذي جرى التعاطي فيه مع سورية مستغلة فسيفساء المجتمع السوري بهدف العمل على تقسيمها وتفتيتها لإضعافها.
وأشار الدكتور محفوض إلى أن هذا التعاطي دخيل على مجتمعنا السوري فمنذ قيام الدولة السورية وقيام أول مجلس نيابي ووضع دستور وطني قبل مئة عام قام على احترام فكر المواطنة وتحديد الواجبات والمسؤوليات لكل مواطن والمساواة بين أبناء المجتمع على أساس المواطنة ولم يقم على النحل والأطياف.
مركزاً على أن المجتمع السوري مجتمع منفتح ويتطلب اليوم بعد الحرب إعادة تجديد بناء الهوية الوطنية بعيداً عن الانقسامات والتفتيت والتركيز على الوحدة الوطنية والجبهة الداخلية المتماسكة التي تجمع أبناء الوطن على أساس المواطنة.
إشكالية بين الهوية والانتماء
الباحث عيد الدرويش عضو اتحاد الكتاب العرب بيّن أن مصطلحي الهوية والانتماء الوطني ظهرا في القرن التاسع عشر بعد مخاض سياسي واجتماعي في إطار العلوم المعيارية.
وأشار الدرويش إلى وجود خلط في فهم مصطلح الهوية وهناك إشكالية بين مفهومي الهوية والانتماء نظراً لاستخدامهما خطأ في إطلاق مصطلحات مثل الهوية الثقافية والهوية الدينية، ولفت إلى أن الهوية تقوم على مرتكزات ثلاثة الزمان والمكان والانتماء.
وأكد الدرويش بأن الأحداث والتطورات السياسية أثبتت أنه لا توجد أزمة هويات بل أزمة انتماءات فتفكك الاتحاد السوفييتي والاتحاد اليوغسلافي أظهر كثرة الانتماءات في حين كان للاتحاد هوية واحدة فبعد التفكك ظهرت أزمة الانتماءات.
وعي الواجبات والمسؤوليات
الباحث نبيل نوفل عضو اتحاد الكتاب العرب أشار إلى عوامل بناء هوية الأمة التي تقوم على اللغة والثقافة والأرض والتاريخ والجغرافيا واحترام الرموز الوطنية والعلم الوطني، مشيراً إلى ضرورة وعي الواجبات والمسؤوليات الملقاة عليهم.
وأكد نوفل على ضرورة وعي الهوية الوطنية التي تمنع المجتمع من التفكك والانقسام وتقوم على كل المجالات العلمية والسياسية والثقافية، مشيراً إلى أن تعزيز الهوية الوطنية مرتبط بتعزيز الانتماء لسورية وضرورة تغليب المصلحة الوطنية على المصلحة الفردية لأن الولاء للوطن بالدرجة الأولى وليس للطائفة أو العشيرة، داعياً إلى نشر الفكر التقدمي ونشر ثقافة المواطنة القائمة على وعي ثقافة المواطنة القائمة على وعي المسؤوليات والواجبات.
تعميم ثقافة المواطنة
وجرى خلال الندوة حوار فكري وتفاعل حيوي بين المحاضرين والحضور، أشار فيها الدكتور مهدي دخل الله إلى أن الواجب الوطني يتقدم على كل واجب داخل المجتمع، مؤكداً على ضرورة تعميم ثقافة المواطنة التي يصبح فيها تنفيذ الحق واجباً بدافع داخلي فالناس كلهم أمام القانون والدستور مواطنون يجتمعون ضمن دائرة الوطن تكبره دائرة العروبة وتكون البشرية الدائرة الأكبر، لافتاً إلى أن البيئة الرحيمة تضرب العمل الجماعي بينما البيئة الصعبة والقاسية والمعقدة تدفع إلى العمل الجماعي.
الباحث ديب حسن أشار إلى أن ما تتعرض له هويتنا الوطنية هو استهدافها من قبل الليبرالية الجديدة، بينما أكد الباحث الدكتور حسن حسن على أن الجميع يجب أن يكونوا تحت سقف مصلحة الوطن والقانون.