“المطلق والنسبي في النص التاريخي والفلسفي والفكري”.. بجلسة نقاش بالكتّاب العرب (نقلاً عن الثورة)
الثورة – متابعة عبد الحميد غانم:
نظمت جمعية البحوث والدراسات في اتحاد الكتاب العرب اليوم جلسة نقاشية بعنوان “المطلق والنسبي في النص التاريخي والفلسفي والفكري” شارك فيها نخبة من الباحثين والكتاب، وتحدث فيها عدد من الدكاترة والأساتذة المختصين في الشأن الفكري والفلسفي والتاريخي، وأدار الندوة الدكتور إبراهيم سعيد مقرر الجمعية.
تناول الباحث الدكتور عبد الله سليمان قضية الهجوم على الشخصية الشرقية التي بدأت مع الرومان الذين كانت تحكمهم الشخصية العسكرية ذات العقلية الضيقة وخاصة بعد أن وجدوا في الشرق حضارات متفوقة عليهم.
وأشار سليمان إلى أن الرومان بدؤوا بالإساءة إلى الشخصية الشرقية وتمجيد مبادئ العسكرية الرومانية.
وأشار عبد الله إلى الخطاب العنصري الذي اكتمل في الدعاية السياسية التي رافقت الاحتلالات الرومانية لمصر وبلاد الشام من خلال تناول الهجوم على شخصية هانيبعل تلك الشخصية الشرقية وكيف تناولها المؤرخون الرومان على أنها شخصية شريرة بينما كانت في الحقيقة شخصية حضارية استطاعت أن تكسر شوكة الرومان.
وبين سليمان أن الخطاب العنصري اكتمل في الدعاية السياسية التي رافقت الاحتلالات الرومانية.
مشيراً إلى أن هذا الأسلوب الذي يمكن أن ينسحب على أسلوب الغرب اليوم ضد الشرق والهجوم الغربي من خلال الدعاية الغربية ضد الشرق من أجل الهيمنة والسيطرة على الشرق في إطار غطرسة القوى والاستكبار.
وأشار سليمان إلى أن المؤرخين الرومان تناولوا شخصية هانيبعل تلك الشخصية الشرقية على أنها شخصية شريره وشخصية دموية لكنها في الأساس – وبرأي الباحث – هي شخصية حضارية نشرت الازدهار الاقتصادي في المنطقة واستطاعت أن تقدم الحضارة للبشرية.
أما الباحث الدكتور عهد شلغين، فقد تناول في بحثه الذي جاء بعنوان “اللا مفكر فيه في النص الديني” إذ أشار إلى أن الفكر في ثقافتنا العربية ليس إلا بنية تراكمية شكلتها أجيال متلاحقة وأن ما يؤرق هذا الفكر حتى يومنا هذا هو عدم وجود فصل واضح بين ما هو إلهي وما هو بشري.
وأشار شلغين إلى أن ما يجعلنا أمام الكثير من المقدس الذي جعل من العقل العربي ذا طابع ثبوتي مغلق يرفض ذاته ويرفض الصيغة العقلانية وهذا ما جعل العديد من المفكرين المعاصرين يعملون على دراسة نظرية فكرية منهجية واضحة المعالم بهذا اللا مفكر فيه وإخراجه من دائرة المقدس القطعي الذي لا خطأ فيه.
ودعا شلغين إلى حل المشكلة في النص والتراث وترك التعالي متعالياً والبحث عن الوعي الإنساني لحل أزمة الفكر العربي لأنها ضرورة حقيقية للخطو نحو النهضة والتقدم والتصور للمستقبل الزاهر.
أما الدكتور علي إسبر فقد كان بحثه بعنوان “ابن رشد في اللاهوت”‘، حيث أشار إلى أهمية فكر ابن رشد الذي استفاد منه الغرب واعتمدوا عليه في تطورهم وتنويرهم واستفاد منه المفكرون الأوربيون واستطاعوا أن يطوروا فكرهم بينما العرب لم يستفيدوا منه وخلفهم الجهل.
وأشار الدكتور إسبر إلى أن ابن رشد استطاع بشجاعة أن يواجه بفكره المسلمات الأساسية للإسلام ضمن الوعي الخطابي الفقهي وكيف رد عليه الغزالي في تهافت الفلاسفة، مشيراً إلى أن ابن رشد انطلق من قاعدة رئيسية وهي الحق لا يضاد الحق بل يوافقه ويشهد له، مشيراً إلى أن ابن رشد برهن أن عالمنا جزء أساسي من الحقيقة المطلقة وأنه باق معها وليس حالة عابرة عرضية وقام بخرق الإجماع على خلق العالم من عدم مستنداً إلى طريقته في التأويل.
وأكد الباحث إسبر ضروره محاربة الفكر الديني المتطرف، داعياً إلى إصلاح ديني يقضي نهائياً على خطر التكفير والجماعات التكفيرية.
بعد ذلك دار حوار فاعل وحيوي بين الحضور والمحاضرين، وأكدوا ضروره التنوير وأن تكون هناك رؤية علمية ومنهجية قادرة على تجاوز الأخطاء والاستفادة من الإيجابيات والأفكار الإيجابية للباحثين والمفكرين في تطوير المجتمع وتحسين المستقبل.
ونوه الدكتور محمد الحوراني رئيس اتحاد الكتاب العرب بضرورة تناول مثل هذه المواضيع بالغة الأهمية لأنها تعزز الحوار وتستطيع أن تتناول هذه الأفكار الجريئة لأننا في مجتمعنا بحاجة ماسة إلى تناول مثل هذه الموضوعات الخاصة في هذا المجال والتوضيح فيها بين ما هو مطلق وما هو نسبي.