الحوراني: تعطش إفريقي للثقافة العربية .. (نقلاً عن الثورة)

الثورة – ديب علي حسن:

الثقافة أول جدران الصد والدفاع وآخرها، وهي أول وأهم جسور التواصل والتفاعل بين الأمم ومن المعروف أن اللغة هي جسر ذلك كله.
من أيام قليلة انتهت القمة الثقافية التي عقدت في موريتانيا وكان طرفاها الجانب العربي والجانب الآخر من الدول الإفريقية غير العربية ولكنها تعيش الثقافة العربية وتعشق اللغة العربية.
عن هذه القمة قال رئيس اتحاد الكتاب العرب في سورية الدكتور محمد الحوراني: إنها مفصل مهم جداً، وقد كشفت لنا عمق تقصيرنا كعرب في التواصل والتفاعل مع محيطنا والدول المحبة للثقافة العربية.
وقال: من خلال اللقاءات التي جرت اكتشفنا كم يتعرضون لضغوطات من الجانب الفرنكفوني لتحل اللغة والثقافة الفرنسية محل أي لغة أخرى..
بل ويعمد الفرنسيون إلى تقديم إغراءات كبيرة جدا من أجل ذلك.
إنهم باختصار يواجهون في دول إفريقيا غزواً ثقافياً، وهناك حروب لغات ولم نفعل شيئا لتكون اللغة العربية التي يتعطشون لها وثقافتنا قوية وقادرة على المواجهة.
ولهذا تأسس الملتقى الإبداعي العربي الإفريقي (معاد)، واتخذ قرارات مهمة منها عقد اجتماعات سنوية تفاعلية وتبادل المنشورات، وقد قمنا كوفد سوري بتوزيع مجموعة من الكتب الصادرة عن الاتحاد وكانت عندهم أجمل الهدايا وأثمنها.
ويختم الحوراني بالقول: علينا أن نعمل بروح تفاعلية وقادرة على مد الجسور الثقافية وهذا عمل مؤسساتي نحن جزء منه.
وهنا.. استكمالاً لما صرح به الدكتور الحوراني، نشير إلى كتاب مهم صدر منذ سنوات عن دار التكوين بدمشق يناقش قضية الغزو الثقافي الفرنكفوني لإفريقيا؟
والكتاب من تأليف الكاتب الإفريقي: نغوجي واثيونغو, حمل عنوان : تصفية استعمار العقل , صدر كما أشرنا عن دار التكوين بدمشق, وقد ترجمه إلى العربية الشاعر العراقي سعدي اليوسف , يقول نغوجي : (عن حرية رأس المال الغربي والاحتكارات فوق القومية التي تحت مظلته في الاستمرار بسرقة البلدان والشعوب هي حرية محمية اليوم بالأسلحة النووية والاستعمار الذي تقوده الولايات المتحدة يتقدم إلى شعوب الأرض المناضلة وكل الداعين إلى السلام والديمقراطية والاشتراكية بإنذار نهائي: قبول السرقة أو الموت.
والمضطهدون والمستغلون في الأرض ماضون في تحديهم التحرر من السرقة , لكن السلاح الأكبر الذي أعده الاستعمار وشرع يستخدمه فعليا كل يوم , ضد ذاك التحدي الجمعي هو القنبلة الثقافية.
القنبلة الثقافية

يقول نغوجي: إن الأثر الذي تتركه أو تحدثه قنبلة ثقافية هو إبادة إيمان شعب بأسمائه ولغاته وبيئته , وارثه النضال ووحدته وقدراته، وفي النهاية إبادة إيمان شعب بنفسه, إنها تجعل الناس ينظرون إلى تاريخهم باعتباره يبابا لا منجز فيه وتجعلهم يريدون أن ينادوا بأنفسهم عن ذلك اليباب, إنها تجعلهم يريدون أن يتماهوا مع الأبعد عنهم, مثلاً مع لغات شعوب أخرى, لا مع لغتهم هم.
إنها تجعلهم يتماهون مع كل ما هو منحط ورجعي , مع كل تلك القوى التي تحبس ينابيع حياتهم ذاتها , بل إنها تزرع حتى شكوكا جدية بالصواب الأخلاقي للنضال, إمكانات الظفر والانتصار ينظر إليها باعتبارها أحلاماً مضحكة بعيدة المنال.
والخلاصة أن النتائج المنتظرة هي اليأس والتخاذل وإرادة الموت الجمعية , وفي وسط اليباب الذي خلقه الاستعمار يتقدم الاستعمار باعتباره العلاج الشافي , ويطلب من التابع ان يغني له ترانيم المديح ذات اللازمة المستمرة ( السرقة المقدسية) والحق أن هذه اللازمة تلخص العقيدة الجديدة للاستعمار .
والواقع الذي تعيشه الآن الكثير من دول العالم التي يتم التدخل في شؤونها ليس إلا نتاجاً لهذه القنبلة التي تم زرعها وعمل الكثيرون على إخفائها, لا بل إعطائها المزيد من القوة والدفع باهمال اللغة والثقافة الأصلية والعمل على شيطنتها بكل الوسائل, من خلال نبش التراث والبحث فيه عن كل ما هو مسيء ولا يمكن قبوله وجعله الأساس لكل شرور الحاضر , ناسبين كل العنف والقتل والموت والدمار إلى ما كان وبالوقت نفسه يتم غض النظر عما مارسه ومازال المستعمر الغربي بتنويعاته الجديدة كلها.
يضاف إلى ذلك اليوم الإعلام الذي وظف القنبلة الثقافية أفضل توظيف ومن خلال لساننا الذي اخترقه بشكل سلس وسهل , وبدا كما لو انه يطوره , ما أحوجنا اليوم إلى قراءة واقعنا الثقافي والاجتماعي بعيداً عن كل المغريات التي تأتينا على شكل إنجازات علمية وفكرية في تراثنا وواقعنا, حقا إنها القنبلة الثقافية التي تبقى شظاياها موجودة في العقول والسلوك , وهي القنبلة الوحيدة التي تكبر كل شظية فيها لتدمر بلداً, وتفتك بشعب, ولا يمكن القول إنه تم تفكيكها إلا بالعمل على صناعة ثقافية معرفية حقيقية تبدأ من نبض المجتمع وحياته وتصب في غده مرورا بيومه)

قد يعجبك ايضا
جديد الكتب والإصدارات