فاتن دعبول
ثقافة الانتماء وحتمية أن تكون ثقافة عامة تنتشر بين الأوساط كافة، وخصوصاً بين شرائح هذا الجيل، كانت المحور الأساس في ندوة الحوار المفتوح الذي حمل عنوان “ثقافة الانتماء بين الكلمة والريشة” في فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب، وقد أدار الحوار الأديب صبحي سعيد، والذي أكد ضرورة تفاعل الجمهور، وأن يكون هو البطل الأساس في هذا الحوار.
وبين د. إبراهيم زعرور رئيس الفرع أهمية هذه الحوارات وطرحها بقالب جديد لتقديم المبدعين بصورة تليق بهم، وتوظيف هذه الحوارات من أجل النهوض بالشأن الثقافي وتقديمه للجمهور بمحتوى يرقى إلى مستوى المسؤولية التي يجب أن يتحلى بها المواطن تجاه بلده وأبناء جلدته.
الحوار المفتوح الذي شارك فيه كل من الفنان التشكيلي موفق مخول، والشاعرة هيلانه عطا الله توقف عند نقاط هامة تؤسس لثقافة الانتماء التي تبني مجتمعاً متماسكاً، قواسمه المشتركة “المحبة والتسامح ونشر الجمال”.
المعاناة سر الإبداع
وبين الفنان التشكيلي موفق مخول أن المعاناة هي التي تخلق الإبداع، فالفنانون في أغلبهم فقراء، ولديهم من المعاناة ما يجعلهم يترجمون آلامهم إلى فن يمتّعنا، ويحاكي مشاعرنا، آلامنا وآمالنا.
ويقول: في سيرتي الذاتية نشأت في غرفة واحدة بالقابون مع عائلة تتألف من عشرة أشخاص، وما تزال الكثير من ذكريات الطفولة تسكن الذاكرة، ربما لم تكن تلك الطفولة السعيدة بالمطلق، فهناك الكثير من العوامل التي ساهمت في تشكيل طفولتي، فيها الشغب وفيها الكثير من المعاناة التي تحولت إلى إبداع سواء على صعيد الرسم أو الكتابة الساخرة، فالصعوبات والتحديات تخلق مبدعاً.
وأشار إلى أهمية أن يضطلع كل إنسان بدوره، ليعيد بناء ما تهدم خلال السنوات العشر العجاف، وما دام الخير في المجتمع، فلا بد أن ننهض من جديد، وهذا يجب أن يتجسد في بناء جيل قوي ومواطن، والمدرسة والمعلم والتربية تتحمل جزءاً من هذا الدور، فالتربية ليست فكرة ومعلومة، بل هي عملية إنسانية تزرع الحب والتسامح والخير في نفوس الأجيال.
وأوضح أننا نفتقر لثقافة الفن التشكيلي لأن شوارعنا خالية من الفن، في الوقت الذي يجب أن تتحول هذه الشوارع إلى متحف فني تتمتع بالجمال والنظافة، وهذا ما سعينا إليه من خلال فريق” إيقاع الحياة” فالجمال هو حب الوطن وهو الحضارة التي نفخر بها.
بوصلتنا هي الإنسان
وتوقفت الشاعرة هيلانة عطا الله عند دور المبدع لما يتمتع به من إحساس رهيف وفراسة تجعله الأقدر على التعبير عن هموم الآخرين وآلامهم، سواء عن طريق الرسم أو الشعر أو بالفنون الأخرى التي قاسمها المشترك المبدأ والغاية، لكنها تختلف بالأساليب التعبيرية، وتسعى جميعها إلى تناول الإنسان ومحاكاة قضاياه وهمومه.
وبينتْ أن الشاعر يتلقى في حياته تجارب كثيرة يختزنها في محرقه الداخلي، وحين تأتي لحظة التجلي تصبح كالغيمة الحبلى ليس لها سوى الانهمار، فتمطر شعراً يبوح بمكنونات النفس ومعاناتها.
وأضافت أن العمل الفكري والفني من الأهمية بمكان، وقد توقف دستور الجمهورية العربية السورية في بعض مواده عند دور العمل الفكري والإبداعي، وتمنت أن يعطى هذا المبدع المكانة التي تليق به،
وقدمتْ مجموعة من قصائدها التي حاكت فيها المشاعر الإنسانية، وهي ما عرف عنها ذاك الإحساس العالي بالكلمة الشعرية المختارة بعناية والقادرة على إيصال مشاعرها إلى الجمهور المتلقي.
وقد تفاعل الجمهور مع الحوار، وقدم العديد من المداخلات التي ركزت على ضرورة إعادة الألق للثقافة والفنون، وخصوصاً في الأرياف والمناطق البعيدة التي هي بأمس الحاجة للاهتمام، وضرورة تكريس دور الأسرة والمدرسة في نشر ثقافة الجمال والفنون لأنها ثقافة تعزز الانتماء وتخلق جيلاً واعياً يتمتع بالقيم الحضارية السامية.
قد يعجبك ايضا