إيقاعات سورية تعزف سيمفونية وطن (نقلاً عن الثورة)
فاتن دعبول:
لم يعد الشعر للترنم والهواية فقط، بل بات يشكل صوت الضمير الحي الذي ينبض بحب الأوطان، وعلى إيقاع هذه الأوطان عزف الشعراء ترانيم المحبة والوفاء، في الأمسية الشعرية التي دعا إليها فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب، وقدم الدكتور إبراهيم زعرور رئيس فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب بالقول، لم يكن عنوان هذه الأمسية مصادفة، بل جاء ليعبر عن شعراء جاؤوا من أنحاء سورية، من جنوبها وشرقها وشمالها، ليقدموا ما تجود به قرائحهم الشعرية في حب الوطن والتعبير عن قضاياه العادلة، وليس هذا فحسب، بل ليكون لصوتهم صدى المحبة والسلام والخير للجميع.
الوطن.. القصيدة الأهم
وفي إدارته للأمسية الشعرية بين الشاعر يحيى محيي الدين أن للشعر دوراً في توعية المجتمع وله دور نهضوي ويعكس في الآن نفسه ثقافة بيئات مختلفة شكلت عبر التاريخ محوراً ثقافياً في المنطقة رغم تعدد وتنوع بيئاتها الثقافية والاجتماعية والفكرية التي تصب في خانة الحضارة السورية والرؤية السورية لصنع مستقبل اجتماعي وثقافي.
وبين بدوره أن سورية مرت بكثير من الحروب والأزمات ولكنها في كل مرة تدحر العدو وتبقى سورية بتنوعها وجمالها وغناها المعرفي والثقافي والبيئي، ويبقى الوطن هو القصيدة الأهم وهو الحامل للبعد الثقافي، والوطن حاضر في ذهن الشعراء وروحهم فكيف لا يكتبون عن الوطن؟
ومن قصيدته يا ليل” نقتطف:
يا ليل كم، صار الفؤاد صبابة، ونأت بأحلامي مفازات الظنون
لا شرفة خبأتها لقصيدة، والخفقة الحمقاء تاهت في المتون
فأنا ومذ غادرت وردي، عافني عند الجوى بوح الغصون
ومضى على أسواره، شوق توشح بالجنون.
صناع الحياة
وعن الإيقاعات السورية عبر الشاعر عباس حيروقة بأن أبناء سورية جميعهم لا يمكن إلا أن يعزفوا على إيقاع المحبة والخير والجمال، لأننا نحن أبناء الحياة وصناع الحياة فلا يمكن أن نعزف إلا ما عزفته ينابيع سورية وحقول وزيتون سورية.
ومن قصيدته” هاموا بنورك يا رباه” نقتطف:
خمر ونور وهذي الكأس دائرة، فلك وكون وذا الساقي ألفناه
بها يطوف فنسمو في فصاحته، يرشرش الماء نوراً كيف سقياه
يطوف بالحنطة البيضاء ينثرها، نهمي طيوراً على أضواء معناه
يطوف في ثمل فالنور غيبه، تبكي الدراويش في نسك لمرآه.
الشعر يحاكي قضايا الناس
وترى الشاعرة أمل المناور أن الشعر هو انعكاس لما يدور في المجتمع، ويعبر عن هموم الناس ويحاكي مشاعرهم، ويكون لسان حالهم.
وتميزت مشاركتها بالتنوع بين الوطني والاجتماعي وقصائد الغزل، هذا إلى جانب تلك اللمسة الأنثوية وهذه المشاعر الرقيقة التي سكبتها وفاضت بها كلماتها لتصل إلى قلوب الحضور بعذوبة وجمال، تقول في قصيدتها” غزال”:
يا غزالاً شارداً بين الورى، عن غرامي عن عذابي هل درى
أم حسنه سهم أصاب حشاشتي، ومضى يعيث فيحرم العين الكرى
هل يا ترى عمداً رماني سهمه، متقصداً قتلي به، هل يا ترى؟
أم أنها الأقدار شاءت أنني، أرمى بنار الحب غصناً أخضرا
موزاييك سوري
وتوقف الشاعر فرحان الخطيب عند المعاني التي يحملها العنوان” إيقاعات سورية” ورأى أنها تعني ذاك البعد التاريخي والحضاري لسورية مهد الحضارات التي امتازت بهذا الموزاييك السوري، وهذا التنوع والتكامل بين شرائح المجتمع كافة.
وأضاف: يحق لنا نحن الشعراء أن نتغنى بحضارتنا وأن ننقل ذلك شعراً، وخصوصاً أن الشعر في حركة متطورة ودائمة، ربما تكون هي الأولى في العالم العربي، وكانت مشاركته بقصائد عديدة تنوعت بين الوطني والغزل والاجتماعي، ومن قصيدته” يا شاعر الحب نقرأ”
يا شاعر الحب حدّث عن مآسينا، قالت بلا وجل عما تحاكينا؟
ملّت مسامعنا ما قلت من غزل، والحب ما عاد عند الجوع يغنينا
يا ناثر الورد في أحلام لهفتنا، قد يذبل الورد، إذ بالورد يرمينا
حدّث عن الوجع المحفور في دمنا، ما شوه الكون أنياب وتدمينا.
والغيم غيم السما ما زار مربعنا، ما عاد بلّ الظما والغيث يسقينا