إشكالية ترجمة الشعر والأعمال الإبداعية (نقلاً عن الثورة)
الثورة_فاتن دعبول:
في الجلسة الأولى من جلسات الندوة الوطنية للترجمة التي أدارها الدكتور نايف الياسين بورقة عمل للدكتور ثائر زين الدين وحملت عنوان” ترجمة الشعر والإبداع فيها” بين فيها أن موضوعة ترجمة الشعر كانت ولا تزال تشغل مساحة ليست صغيرة، وهي أحد أكثر الموضوعات سجالا في الماضي والحاضر، وفي ذلك آراء كثيرة تؤكد في معظمها أن الشعر لا يترجم، كما جاء في كتاب الجاحظ” الشعر لا يستطاع أن يترجم، ولا يجوز عليه النقل ..”
ولكن مهما كانت الآراء وتعددت فإن تاريخ الأمم وآدابها يشهد أن عمليات الترجمة، بما فيها ترجمة الشعر، لم تتوقف في يوم من الأيام، مع التأكيد على أن يكون المترجم الذي يتصدى لترجمة الشعر، شاعرا مجيدا في لغته ليعوض الروح التي كان يحملها النص الأصلي في لغته، وفقدت عند النقل.
وأوضح بدوره أن تعدد الآراء واختلافها حول مسألة ترجمة الشعر، لم تقف في يوم عائقا أمام ترجمة الأعمال الإبداعية، وهنا تتجلى مسألة الاختيار الصحيح للأعمال الجديرة بالترجمة، وجودة الترجمة التي تلعب دورا حاسما في استقبال المتلقي للعمل المترجم.
وتوقف د. باسل المسالمة مدير الترجمة في ورقته عند موضوع” الحذف والزيادة في الترجمة الإبداعية” وأشار إلى أن من يتصدى إلى ترجمة الأعمال الإبداعية يجب ألا يتعامل مع التراكيب والمفردات فحسب، بل أن يتوغل في المعاني ويستقرىء الرموز والصور.
وأضاف: إن الحذف والزيادة هما استراتيجيتان تهدفان إلى تحسين النص المترجم وتخليصه من الغموض الذي يكتنفه نتيجة الاختلافات الفكرية والثقافية بين اللغتين، وهما استراتيجيتان مهمتان للوصول إلى ترجمة متميزة، ولا يلجأ المترجم إليهما كما يحلو له، بل ثمة أسباب تستدعي ذلك، فإذا كانت مهمة الحذف الاقتضاب، فإن جوهر الإضافة هو التوسع.
وأوضح د. عمر شيخ الشباب في مداخلته” الإبداع في الترجمة: الجماليات اللغوية في ترجمة الشعر” أنه منذ زمن القديس جيروم وما قبله وبعده، عرف هذا البلد بإنتاج النص المترجم.
كما قرأ ورقة عمل د. منذر العبسي وأ. لينا داووديان التي تناولت موضوعة الإبداع عند كوليريدج، وترجمة الشأن الخاص والعام.
وأوضحت د. زبيدة القاضي في مداخلتها التي عنونتها” الترجمة الأدبية بين الحرفية والإبداع” أهمية الترجمة الأدبية والعقبات التي تمر بها، وعرضت بعض أساليب الترجمة للتمييز بين الترجمة الحرفية التي تقيد النص والترجمة الإبداعية التي لا تعكس محتوى النص بل تعكس روحه وثقافته وذلك من خلال أمثلة لنصوص تراوحت بين الحرفية والإبداع.
لتصل في خاتمة البحث إلى أن الترجمة عملية صعبة، لا تقوم على نقل الكلمات من لغة إلى أخرى، لأن وراء كل لغة ثقافة كاملة يجب أن ينقلها المترجم إلى المتلقي، وواقع الأمر فإن الإبداع في الترجمة ليس سهلا، إذ لا تقتصر الترجمة الإبداعية على المهارات اللغوية، بل تتطلب قراءة عالية من الإحساس باللغة والقدرة على الفهم والتعبير على نحو جيد، ومهارات كتابية ممتازة.
وتشير بدورها إلى المرونة في التفكير، والقدرة على إنتاج ترجمة لا تعكس محتوى النص المصدر فحسب، بل روحه وثقافته، فتحدث في المتلقي الأثر نفسه الذي يحدثه النص الأصلي، وبهذا فإن الترجمة الإبداعية تحقق التوازن بين النص الأصلي وجمالية النص النهائي، فيصبح المترجم خبيرا مبدعا في التواصل بين الشعوب.
وتحدث هيثم الحافظ رئيس اتحاد الناشرين السوريين عن ترجمة الأعمال الإبداعية وأثرها في صناعة النشر، وتناول دورها في تمهيد الطريق أمام الناشرين والقراء على حد سواء لمواصلة الاطلاع على المحتوى الإبداعي الصادر في مختلف لغات العالم.
وأشار إلى قضية مهمة تتمحور حول ضرورة الحصول على إذن بالترجمة من الكاتب الأصلي أو الناشر، للحفاظ على حقوق الملكية الفكرية، ومواكبة عجلة التطور الحضاري مع وجود الكم الهائل في المعلومات والتكنولوجيا.
ونوه بدوره إلى أهمية ترجمة قصص الأطفال من الإنكليزي واللغات الأخرى بطريقة مناسبة للثقافة العربية وأيضا للسلوك الاجتماعي في الرسم والتلوين والبيئة، وهي تشكل حاجة ماسة تفتح نافذة على ثقافات الشعوب.
وتوقف الحافظ عند أهم التحديات التي تواجه الترجمة والمترجم ومنها اختيار النص، هذا إلى جانب غياب منظمة عربية فاعلة ومؤثرة على الدول جميعها تعنى بثقافة الطفل العربي، وتصدر الكتب المترجمة وفق معايير موحدة وتحقيق غايات متفق عليها عربيا.
أما متطلبات الترجمة فأوجزها بضرورة أن تعكس المعنى بوضوح وتنقل روح النص الأصلي وأسلوبه، وأن تصاغ بتعبير بسيط وسلس، وتكون الترجمة للأعمال الإبداعية العالمية التي نالت رضا واستحسان القراء والتي نالت جوائز ومن لغات مختلفة.
وجدير ذكره أنه يرافق فعاليات الندوة الوطنية للترجمة معرض كتاب للكتب المترجمة الصادرة عن الهيئة العامة السورية للكتاب، بحسم 50% من سعر الغلاف.