أدب الطفل التفاعلي بعيداً عن التلقين والمعلومات المعلَّبة (نقلاً عن البعث)

أمينة عباس

بهدف الوصول إلى كتاب يليق بالطفل بعد المعاناة التي عاشها طفلنا والقائمون عليه من أسرة وجهات تربوية وتثقيفية، وأهمية إعادة بنائه بشكل سويّ من خلال الثقافة، كان من الضروري برأي د. جمال أبو سمرة رئيس فرع القنيطرة لاتحاد الكتّاب العرب إقامة ندوة “أدب الطفل التفاعلي”، بمشاركة لينا الزيبق مديرة دار الزيبق للنشر ونسرين بعلبكي مديرة دار الرواسي للنشر، خاصة وأن الكتاب الورقي في ظلّ التكنولوجيا أصبح لا يلبي طموحات أطفالنا في أغلب الأحيان، فبات من الأهمية برأيه أن يتجه كتّابنا نحو الأدب التفاعلي، لأن طفل اليوم يختلف عن طفل الأمس.

احتياجات طفل اليوم

وأكدت لينا الزيبق أننا اليوم أمام منعطف، فإما أن نمدّ الطفل باحتياجاته عن طريق السوشال ميديا والكتاب التفاعلي، أو أن نظلّ مكتفين بالكتاب الورقي، مبينة أنها كصاحبة دار نشر كانت حريصة على تحويل الكتاب الورقي إلى كتاب تفاعلي مسموع دون إهمال الكتاب الورقي من خلال وجود رمز خلف الكتاب الورقي يتيح للطفل أن يدخل على الكتاب ليسمعه ويتفاعل معه، وبهذا نكون قد حققنا هدفين في الوقت ذاته: الأول تحريض الطفل على اقتناء الكتاب الورقي، والثاني قراءته بشكل مسموع عن طريق الانترنت. ورأت الزيبق أنه دون ذلك لا يمكن الوصول لطفل اليوم الذي أصبح غارقاً في شبكة الانترنت التي تقدّم مواضيع غير آمنة لطفلنا، مع تأكيدها على أهمية تقديم دور النشر عبر شبكة الانترنت كتاباً أدبياً ذا قيمة، ويرتكز على تقديم فكر صحيح وإخراج جميل وصوت مميز وطريقة يتفاعل معها الطفل، لأن طفلنا اليوم لم تعد تغريه الطريقة التقليدية في تقديم المعلومة، منوهة بأنه وفي ظلّ المغريات الكبيرة التي تقدّمها شبكة الانترنت له فإن دور النشر حريصة على نشر كتاب الطفل بشكل صحيح ومغرٍ لتحقيق الغاية التي نريدها، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الموضوعات التي تشدّ الطفل اليوم تختلف عن الموضوعات التي كانت تشدّه في الأمس، وما يتفاعل معه اليوم يختلف عمّا كان يتفاعل معه في السابق لما يتمتع به الآن من نضج ووعي. من هنا بيّنت الزيبق أن الكتاب الموجّه لطفلنا اليوم يجب أن يُراعي هذا النضج والاحتياجات الجديدة وما يتفاعل معه، بعيداً عن الوعظ المباشر والمعلومات المعلّبة والنهايات المقفلة والتعبير عن ذلك بكل الوسائل المتاحة، مع إشارتها إلى أن دور النشر ملزمة باتباع قواعد اتّحاد الكتّاب العرب الصارمة فيما يخصّ محتوى الكتاب التفاعلي لما فيه مصلحة لأطفالنا وضماناً لجودة الكتاب، منوهة بأهمية أن يكون لدينا ندوات عديدة حول كتاب الطفل وماذا يحتاج طفل اليوم، إضافة إلى دراسة نفسية الطفل وإقامة ورشات خاصة للكتّاب في مجال الأدب التفاعلي.

عصر الثورة الرقمية

وأوضحت نسرين بعلبكي في حديثها أن الأدب التفاعلي هو كلّ منجز إبداعي يستخدم الحاسوب والميديا والشبكة العنكبوتية، وأن أدب الطفل التفاعلي يقوم على نقل الكتاب الورقي إلى كتاب إلكتروني والتعامل مع التقنيات الإلكترونية بما يخدم الكتاب الورقي، وتأتي أهمية ذلك في ظلّ استخدام طفلنا للوسائل الرقمية خارج الإطار التعليمي، مؤكدة أنه ليس أي كاتب يصلح لبناء قصة رقمية، فهي تحتاج إلى كاتب يتمتّع بمعرفة بالبرامج الرقمية وبرامج الحاسوب ومدرك لقيمة وأهمية الإخراج الفني والهوية البصرية لشدّ الطفل بهدف إيصال المعلومة الصحيحة له، مشيرة إلى أن محتوى النص في القصة الرقمية يقوم على الاهتمام بالصورة والإيجاز في الكلمات وعرض القصة ضمن نص مفتوح يحرّض الطفل على تشغيل ذهنه للخروج بنهاية للقصة دون تلقين، وهذا عكس النص المغلق الذي يقدّم فيه الكاتب كلّ شيء في قصته. وناشدت بعلبكي دور النشر الاهتمام بالكتاب الرقمي لطفلنا لأننا نعيش عصر الثورة الرقمية، مع أن البعض يرى أن ربط الكتاب الورقي بالهاتف الجوال يعزّز تمسّك أطفالنا به، وهو برأيها حقيقة لا مفرّ منها، لأن أغلب أطفالنا متعلقون به، لذلك تساءلت ما المانع من أن نعلّمهم أن يستخدموه بطريقة علمية تساعدهم على التعلم وتنمية ذكائهم العاطفي، مبينة أن الوصول إلى كتاب أدب الطفل التفاعلي يتطلّب بناء بنية تحتية، أي توفر أجهزة تقبل التطبيقات المستخدمة وكوادر تعليمية لإيصال المعلومة للطفل، والابتعاد عن الأسلوب التقليدي المملّ الذي ينفرُ منه الطفل. 

أدب الطفل 

وتشعّبت المواضيع التي طُرحت في الندوة لتتجاوز موضوعها باتجاه الحديث عن أدب الطفل بشكل عام، حيث أشار توفيق أحمد نائب رئيس اتحاد الكتّاب العرب والأرقم الزعبي عضو المكتب التنفيذي في الاتحاد إلى خطورة الكتّاب الذين يتجهون إلى أدب الطفل بغرض التجريب، وإلى دور النشر الخاصة التي تقوم باستقطابهم وطريقة تعامل بعض دور النشر مع كاتب أدب الطفل، والجهود التي يقوم بها اتحاد الكتّاب العرب في سبيل تشجيع الكتاب وتسليط الضوء على أدب الطفل وأهميته من خلال دوريات الاتحاد.

في حين بيَّن هيثم الحافظ رئيس اتحاد الناشرين مكانة سورية في مجال النشر، وخاصة في مجال نشر أدب الأطفال، وأن دور النشر السورية من أهم دور النشر العربية في مجال كتاب الطفل، مع تأكيده على أن تطوير كتاب الطفل مرتبط بوجود كاتب طفل حقيقي.

أما الكاتب محمد الحفري فقد أوضح أن التفاعلية برأيه تعني أن يكتب الكاتب نصاً ويأتي الطفل ويكمله، ولكن ما يمنع ترسيخ هذه الحالة هو الكاتب نفسه الذي يسعى لإظهار اسمه ونصه على حساب إفساح المجال للطفل أن يفعل ذلك، مع إيمانه أن القواعد الصارمة التي يخضع لها نص الطفل هي من أوقفت الكثير من الكتابات الموجهة له، إلى جانب وجود الرقابة التي تحدّ من الإبداع .

كما أكدت نسرين بعلبكي أن كاتب أدب الطفل يجب أن يكون بروحه أقرب إلى الطفل، وأن يكتب بعيداً عن الأسلوب التقليدي.

قد يعجبك ايضا
جديد الكتب والإصدارات